عندما تقول الرئاسة الفلسطينية إنها توافق على مبادرة الرئيس ترامب فلأنه ليس أمامها كعنوان لدولة إلا فعل ذلك ،وخصوصاً أنهسبق للرئيس أبو مازن أن وقف موقفاً صارماً ضد صفقة القرن التي طرحها ترامب خلال ولايته الأولى ورفض الرد على مكالمة منه ،كما وصف سفير واشنطن في إسرائيل بأنه (كلب ابن كلب) بسبب مواقفه المؤيدة للاستيطان كما نقلت صحف إسرائيلية أن أبو مازن وفي اجتماع فلسطيني داخلي وصف الرئيس ترامب أيضاً بنفس الصفة رداً على صفقة القرن، ولكن هذا الموقف الوطني لم يغير من السياسة الأمريكية بل وظفته إسرائيل لمزيد من التحريض على الرئيس والفلسطينيين ،حيث كان رفضاً دون استراتيجية وطنية للمواجهة وفشلت كل حوارات المصالحة وحتى دعوته للمقاومة السلمية بقيت حبراً على ورق.

وهناك سبب أخر لقبول الرئاسة بالمبادرة وهو غياب البديل الذي يمكنه وقف حرب الإبادة، وعلى الأقل إدخال المساعدات الإنسانية ووقف المجاعة وموافقة الدول العربية والإسلامية التي اجتمع معها ترامب وطرح عليها المبادرة كما رحبت بها كثير من دول العالم التي اعترفت بدولة فلسطين، أيضاً لأن المبادرة على أقل تقدير وفي حالة الالتزام الإسرائيلي بتنفيذها، وهو أمر مشكوك به، يمكنها أن تؤدي لوقف مؤقت لإطلاق النار ودخول المساعدات للقطاع وتأجيل مخطط التهجير القسري. 

هذا لا يعني أن المبادرة تلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني أو أن ترامب صادق في نواياه، ولذا يمكن تفهم انتقادعباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح للمبادرة واعتبارها مخطط لتصفية القضية والقضاء على المقاومة، ونعتقد أن ردة فعل الرئاسة وحركة فتح على تصريحات عباس له علاقة بتصريحات سابقة انتقد فيها نهج القيادة وأيد فيها حركة حماس والمقاومة في قطاع غزة كما أيد طوفان الأقصى داعياً إلى استمرار الحوار مع حماس لأنها جزء من النسيج الوطني.  

التباس نصوص المبادرة والتي تم إعادة صياغتها بعد لقاء ترامب نتنياهو كان أيضاً وراء تردد حماس في الموافقة عليها وتحفظ دول عربية وأجنبية سبق وأن باركت المبادرة ومنها مصر، فهؤلاء على حق أيضاً. 

شخصياً لا أثق بترامب ولا بمبادرته ،وعلينا ألا ننسى أنه لولا ترامب والإدارة الأمريكية ما استطاعت اسرائيل مواصلة الحرب لمدة عامين، ولولا ترامب والإدارة الأمريكية ما تم تعطيل وإفشال قرارات المنظمات الدولية ومحكمة الجنايات، ويجب أن نتذكر أن ترامب هو أول من طرح فكرة تهجير سكان القطاع وهو الذي قال إن مساحة إسرائيل صغيرة وهذا غير مقبول !، وترامب والإدارة الأمريكية هم الذين تحدثوا وخططوا للشرق الأوسط الجديد وتغيير جغرافيته قبل أن يتحدث عنه نتنياهو، وترامب هو الذي قرر نقل مقر السفارة الأمريكية إلى القدس، وترامب هو الذي أوقف الدعم عن الأونروا الخ.

ولكن هل من مبادرة أخرى غير مبادرة ترامب يمكنها وقف حرب الإبادة والجوع ولو مؤقتاً في قطاع غزة على أقل تقدير؟ 

قد يقول قائل إن البديل الوطني هو الوحدة الوطنية واستمرار المقاومة في غزة ودعمها؟ ولكن هل تستطيع المقاومة في وضعها الراهن وفي ظل الوضع الإقليمي والدولي وقف حرب الإبادة ووقف المجاعةووقف مخطط التهجير في قطاع غزة؟ أو وقف مشاريع الاستيطان والضم في الضفة؟ 

الوضع صعب ومعقد على الكل الفلسطيني وعلى حركة حماس، فالموافقة على المبادرة ستكون مصيبة ورفضها مصيبة أكبر والمطروح المفاضلة بين السيء والأكثر سوءاً.

[email protected]

شاركها.