يعقد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره الوطني الثاني عشر خلال شهر أكتوبر المقبل. ومن المعلوم أن مثل هذا الحدث يحتاج إلى تحضير مادي وأدبي يليق به كحدث كبير لكونه يكتسي أهمية سياسية وتنظيمية وتعبوية وحتى تأطيرية وتكوينية؛ وهو ما يتطلب توفير الشروط الضرورية لنجاحه. لكن، وكالعادة، يصاحب هذا الحدث من التحضير إلى الإنجاز وما بعدهما، حملة من التشويش تروم التأثير، من جهة، على مجريات التحضير ومساراته التعبوية والتنظيمية؛ ومن جهة أخرى، تبتغي التأثير السلبي، إعلاميا وسياسيا، على نتائج المؤتمر ومخرجاته. 

ويلجأ المشوشون إلى وسيلتين مبتذلتين؛ الوسيلة الأولى تعتمد على الزعيق والنعيق والنواح على تاريخ الحزب وماضيه، جاعلين منه نقطة ارتكاز وخط الانطلاق والوصول، وكأن التاريخ جامد والواقع لا يتغير (أنظر مقالا لنا بعنوان “في السلفية الحزبية”، نشر بموقع “هبة زووم” بتاريخ 25 مارس 2017)؛ ثم إنهم لا يُفوِّتون أية فرصة لذرف بعض الدموع (دموع التماسيح) على الواقع الحالي للحزب الذي ينظرون إليه بنظرة سوداوية تعكس مدى الغل والحقد الذي يحرق دمهم ومدى الضغينة التي تحملها قلوبهم تجاه القيادة الحالية للحزب.

بالمقابل، تعرف تنظيمات الاتحاد الاشتراكي، الوطنية منها والمحلية، نشاطا دؤوبا متمثلا، من جهة، في التحضير الجيد الذي انتهى منذ أسبوعين أو أكثر بمصادقة سكريتارية اللجنة التحضيرية بالإجماع على جميع مشاريع المقررات والأوراق وانتخاب المؤتمرين؛ وقد بدأت المجالس الجهوية الموسعة في دراسة المشاريع والأوراق بحضور أعضاء اللجنة التحضيرية؛ ومن جهة أخرى، ارتفعت وثيرة المؤتمرات الإقليمية على كامل التراب الوطني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه. وتُعقد هذه المؤتمرات طبقا لقانون الأحزاب واحتراما لمقتضياته. 

أما الوسيلة الثانية المعتمدة في التشويش، فتقوم على اختلاق الإشاعات المغرضة وترويجها بهدف النيل من الحزب ومؤسساته. ويقف وراء هذه الحملة عناصر من خارج الحزب وأخرى من داخله. وإذا كان تشويش العناصر الخارجية مفهوما، ويمكن أن نجد له ما يبرره، خصوصا في ظروف سياسية تحتدم فيها المنافسة الحزبية وتنعدم فيها الأخلاق السياسية، كما يحصل، مثلا، خلال الاستحقاقات الانتخابية، فإن ما هو مثير للاستغراب ومثير، أحيانا، حتى للشفقة أو التقزز، هو أن نجد بعضا من أبناء هذا الحزب (من أجيال مختلفة)، هم من ينتقمون منه بعد أن انتموا إليه، إما قناعة وإما بحثا عن مصلحة شخصية، لمدة قد لا تكون قصيرة. ونفهم أن سبب هذا الموقف يرجع، إما لفقدان امتيازات مادية ومعنوية بعد انتهاء صلاحية المعنيين بها، وإما للفشل في الوصول إلى تحقيق الأهداف الشخصية. وفي كلتا الحالتين، فهم يقومون بدور هدام ويقدمون خدمة مجانية لأعداء الاتحاد الاشتراكي؛ وهؤلاء الأعداء يقف لهم الاتحاد غصة في الحلق ويشكل لهم عقدة نفسية مزمنة؛ وذلك لأسباب تاريخية واجتماعية وسياسية وإيديولوجية وفكرية. 

خلاصة القول، حملة التشويش خصوصا من طرف بعض أطراف داخلية  على المحطات التنظيمية والسياسية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ليست طارئة عليه؛ بل هي ملازمة له. ويمكن القول بأنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من تاريخه. وقد عانت جميع القيادات من المشاكل الداخلية. وسوف نخصص، لاحقا بحول الله، مقالا أو أكثر للأزمات الداخلية التي عرفها الاتحاد.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.