أثارت نتائج الحركات الانتقالية الخاصة بنساء ورجال التعليم جدلا واسعا داخل الأوساط التربوية، بعدما أعلنت النقابة الديمقراطية للتربية والتكوين (SDEF)، العضو في فدرالية النقابات الديمقراطية (FSD)، عن تسجيلها ما اعتبرتها “خروقات خطيرة” مست مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية.

جاء هذا الموقف خلال اجتماع المكتب الوطني للنقابة سالفة الذكر، الذي تدارس نتائج الحركات الانتقالية بمختلف مراحلها، بدءا من الحركة الوطنية، مرورا بالجهوية والمحلية، ووصولا إلى تعيين خريجي المراكز الجهوية للتربية والتكوين في المناصب الشاغرة بمختلف الأسلاك التعليمية.

وسجل المكتب الوطني ذاته، في بلاغ توصلت به جريدة هسبريس، وجود اختلالات وصفها بـ”المقلقة”، ضربت مبدأ الاستحقاق في الصميم، وجعلت الحركية تفقد أهدافها الحقيقية المتمثلة في إنصاف رجال ونساء التعليم.

وفي هذا الصدد أكد ربيع الرحماني، الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للتربية والتكوين، أن نتائج الحركات الانتقالية لموسم 2024/2025 أبانت عن غياب احترام مبادئ دستورية أساسية، ما أفرغ العملية من غاياتها الأساسية في تعزيز الاستقرار الاجتماعي لهيئة التدريس.

وأوضح الرحماني لجريدة هسبريس الإلكترونية أن عددا من الأساتذة تقدموا بطلبات للانتقال إلى مديرية القنيطرة في إطار الحركتين الوطنية والجهوية، نحو مؤسسات تعاني خصاصا كبيرا، من بينها مدرسة نور الدين كديرة التي سجلت خصاصا بـ17 منصبا، غير أن أيا منهم لم يُمنح فرصة الانتقال، إذ أسندت جميع المناصب في الحركة المحلية لأساتذة يتوفر أغلبهم على نقط أقل، والأمر ذاته ينطبق على عدد من المؤسسات الأخرى.

أما في مديرية سيدي قاسم فوصف المتحدث الوضع بـ”الغريب”، حيث حُرم أساتذة من المناصب رغم طلبها في الحركتين الجهوية والمحلية، ومن بينهم من يتوفر على أقدمية تصل إلى 12 سنة، في حين جرى تعيين خريجين جدد “بصفر نقطة”، مبرزا أن الفرق الزمني بين إعلان نتائج الحركة المحلية وتعيين الخريجين لم يتجاوز أربعة أيام، ما يبعث على الاستغراب، على حد وصفه.

وتساءل المسؤول النقابي عينه عن دوافع هذه الممارسات، ولاسيما أن الحركة الجهوية تعتمد على الخريطة الواقعية لاحتياجات المؤسسات التعليمية، بخلاف الحركة الوطنية التي تبنى على معطيات توقعية، علما أن الأكاديميات كانت حصلت على حصيصها من الخريجين قبل انطلاق العملية.

وأشار الكاتب الوطني ذاته إلى أن ما عرفته مديرية مكناس لا يختلف كثيرا عن باقي المديريات، حيث حُرم أساتذة من مناصب شاغرة في مختلف الحركات، قبل أن يتم ملؤها في إطار تدبير الفائض.

وفي سياق متصل أوضحت النقابة الديمقراطية للتربية والتكوين، في بلاغ توصلت به هسبريس، أن نقط الاستقرار بالمنصب لمدة تفوق 12 سنة، مع أولوية الالتحاق بالأزواج، لم تشفع لأصحابها في الحصول على مناصب تبين لاحقا أنها شاغرة بعد صدور نتائج الحركات الثلاث، مسجلة امتناع الإدارة عن تمكين أساتذة من هذه المناصب رغم طلبها في الحركتين الوطنية والجهوية، ليتم إسنادها في إطار الحركة المحلية إلى أساتذة أقل منهم نقطا (مديرية القنيطرة نموذجا).

كما نبهت النقابة المذكورة إلى تعيين خريجي المراكز الجهوية للتربية والتكوين في مناصب سبق أن طلبها أساتذة ذوو أولوية في الاستحقاق خلال الحركتين الجهوية والمحلية، دون أن يحصلوا عليها، في حين ظل بعضها شاغرا إلى حين صدور مذكرة تدبير الفائض كما هو الحال بمديرية سيدي قاسم.

أما بخصوص مديرية مكناس فأشار البلاغ إلى ما اعتبره تسترا على مناصب شاغرة وعدم إدراجها ضمن الحركات الانتقالية الوطنية أو الجهوية أو المحلية، قبل أن يتم لاحقا ملؤها عن طريق التكليفات، وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام حول جدوى الحركة الانتقالية كحق من حقوق الموظف.

واعتبرت النقابة أن هذه الاختلالات تعكس سوء تدبير واضحاً وتلاعباً بالمعطيات، وتشكل خرقا سافرا لمبادئ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص، وضربا لحقوق الشغيلة التعليمية واستقرارها الاجتماعي، فضلا عن كونها تقوض ثقة نساء ورجال التعليم في نزاهة الإدارة وتفتح الباب أمام شبهة المحسوبية والزبونية.

وأضاف المصدر ذاته أن بطء أداء قطاع التربية والتعليم العمومي وعجزه عن مواكبة دينامية باقي القطاعات لا يجد تفسيرا سوى في انحراف بعض المسؤولين عن المبادئ المؤطرة للمساطر القانونية، وإصرارهم على عرقلة مسار الإصلاح الحقيقي الذي تتطلع إليه البلاد.

وختمت النقابة الديمقراطية للتربية والتكوين بلاغها بمطالبة الوزارة الوصية بفتح تحقيق عاجل في التجاوزات التي شابت الحركات الانتقالية، وإنصاف المتضررين منها، وترتيب الجزاءات القانونية والإدارية في حق كل من ثبت تورطه.

المصدر: هسبريس

شاركها.