أمد/ واشنطن: تواجه إسرائيل عزلة متزايدة على الصعيد الدولي، بسبب الحرب المستمرة في غزة، والأزمة الإنسانية المترتبة عليها، حيث امتدت التداعيات لتشمل الاقتصاد والثقافة والرياضة، وفق تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وقالت الشبكة، إن موجة الإدانات الدولية تصاعدت منذ إعلان إسرائيل عن هجوم بري على مدينة غزة، وضربة غير مسبوقة استهدفت قيادة حركة حماس على الأراضي القطرية.

وأضافت أن تحقيقاً مستقلاً للأمم المتحدة خلص الأسبوع الماضي إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وهو تقييم يتوافق مع آراء خبراء الإبادة الجماعية ومنظمات حقوق الإنسان، لكنه قوبل برفض تام من الحكومة الإسرائيلية.

وأفادت “سي إن إن” بخطوة أخرى فاقمت الضغوط على إسرائيل، بعد أن اقترح الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي فرض عقوبات قد تُعلق جزئياً اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، في حال موافقة الدول الأعضاء، إضافة إلى قيام دول بفرض عقوبات محددة على أفراد ومستعمرات ومنظمات داعمة للعنف في الضفة الغربية المحتلة.

علاوة على ذلك، يواجه الاقتصاد الإسرائيلية مشاكل كبيرة، خاصة بعد أن أعلن صندوق الثروة السيادية النرويجي، الأكبر عالمياً، في أغسطس (آب) الماضي عن سحب استثماراته في إسرائيل، بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

كما فرضت فرنسا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة جزئياً أو كلياً حظر تصدير أسلحة لإسرائيل، على خلفية سلوكها في القطاع.

وقالت “سي إن إن” إن هذه الضغوط دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للاعتراف بأن إسرائيل تواجه نوعاً من العزلة، قد تستمر لسنوات، مضيفاً أن البلاد ستحتاج لتطوير صناعتها العسكرية، وتقليل اعتمادها على التجارة الخارجية، لكنه خفف لاحقاً من تصريحاته، مؤكداً أنه كان يقصد القطاع الدفاعي فقط.

ولم تقف الحال عند الاقتصاد والدفاع، إذ وصلت إلى الثقافة والفن، بعد أن أعلنت محطات بث أوروبية في أيرلندا وهولندا وإسبانيا عن مقاطعة مسابقة “يوروفيجن 2026″، إذا شاركت إسرائيل، بينما قالت هيئة البث الإسرائيلية إنها ستواصل اختيار ممثل لإسرائيل، مؤكدة أن الاحتفال الموسيقي يجب ألا يتم تسييسه.

وذكرت “سي إن إن” أن مهرجاناً موسيقياً في غنت ببلجيكا ألغى حفلة للأوركسترا الفيلهارمونية في ميونيخ، بقيادة المايسترو الإسرائيلي لاهاف شان،  بسبب “عدم وضوح موقفه من النظام الإسرائيلي”.

ولم يسلم عملاق صناعة الأفلام “هوليوود” من الضغوط، حيث تعهد آلاف صانعي الأفلام والممثلين بعدم العمل مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية المرتبطة بـ”الإبادة والفصل العنصري” بحق الفلسطينيين، بينهم أوليفيا كولمان وإيما ستون، وأندرو غارفيلد.

ولم تكن الرياضة بمنأى، حيث ألغيت المرحلة النهائية لسباق دراجات كبير بعد احتجاجات مناصرة للفلسطينيين، كما أُجبر لاعبو الشطرنج الإسرائيليون في إسبانيا على الانسحاب، بعد منعهم من اللعب تحت العلم الوطني.

وأضافت الشبكة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية أبلغت عن مخاوف من احتمال تعليق إسرائيل من مسابقات كرة القدم الأوروبية، فيما يواصل بعض اللاعبين بينهم المصري الدولي محمد صلاح، نجم ليفربول الإنجليزي،  الدعوة للتضامن مع الفلسطينيين.

وأشارت الشبكة إلى أن المقارنات تتزايد بين الضغط الدولي على إسرائيل اليوم والحملة ضد جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري، مشيرة إلى أن الحظر الرمزي والثقافي والرياضي يمكن أن يمارس تأثيراً ملموساً على السياسات الداخلية والخارجية.

وقالت “سي إن إن” إن التطورات الأخيرة على صعيد الأمم المتحدة عززت عزلة إسرائيل، مع اعتراف عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين أظهر تحليل أجرته الشبكة تغيّر موقف الدول التقليدية الداعمة لإسرائيل في التصويت على قرارات الأمم المتحدة منذ 2017 وحتى 2025.

يضاف إلى ذلك، مواصلة محكمة الجنايات الدولية تتابع التحقيق في الوضع في فلسطين، بما في ذلك اتهامات الإبادة الجماعية، ولاحقاً إصدار مذكرة توقيف بحق نتانياهو مما حد من تنقلاته الدولية، حيث اضطر إلى التحليق حول المجال الجوي الفرنسي والإسباني لحضور اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك لتجنب الدول التي يمكنها تنفيذ المذكرة.

ورغم ذلك، ما تزال الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، حيث أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ستبقى قوية رغم الانتقادات العالمية.

شاركها.