تحوّل خطاب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمس الجمعة، بالجمعيّة العامّة للأمم المُتحدّة إلى مادّةٍ للتندر على مَن أسماه الإعلام العبريّ بـ “رجل الأمس”، فيما قالت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ صورة الانتصار التي يبحث عنها نتنياهو في حربه الشعواء ضدّ قطاع غزّة تحولّت إلى صورة الفشل الأكبر، إذْ أنّ نتنياهو كان غاضبًا عندما شاهد الوفود تُغادِر القاعة لدى اعتلائه المنصة، الأمر الذي يؤكِّد المؤكّد بحسب التلفزيون العبريّ، بأنّ كيان الاحتلال بات معزولاً ومنبوذًا، وأنّه ماضٍ في الطريق، التي ستقود عاجلاً أمْ أجلاً، إلى فرض العقوبات على إسرائيل، كما حصل في الماضي غير البعيد مع دولة جنوب إفريقيا، أبّان حكم الأقلية البيضاء وتفعيلها نظام العزل العنصريّ.
ومُضافًا إلى ذلك، قال المُحلِّل السياسيّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي فارتر، “لن يُذكر من خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة سوى المزحة الساخرة التي سبقته. لم يُظهر ظهور رئيس الوزراء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى العزلة العالميّة التي يعيشها هو وإسرائيل، فقد أعلن رجل الأمس للجمهور الصغير، وللإسرائيليين، وعبر مكبرات الصوت لسكان غزة أيضًا، أنّ تركيزه ليس على إنهاء الحرب.”

 

ومضى المُحلِّل قائلاً: “وضع مكبرات صوت في جميع أنحاء القطاع لبث خطاب الحاكم الدعائي لمواطني العدوّ، وهي ممارسةٌ تميّز الطغاة القتلة في القرن الماضي وفي الوقت الحاضر. أُعفي جنود جيش الاحتلال الإسرائيليّ مؤقتًا من مهام نقل وتأمين أجهزة التضخيم، مُعرّضين أنفسهم للخطر من أجل جنون رئيس الوزراء المُتغطرس. وفي مواجهة الانتقادات، ادّعى مكتبه أنّ مكبرات الصوت وُضعت على الحدود (فما الفائدة إذن؟). لكن هذه كانت كذبةً صارخةً أخرى من مكتبٍ كاذبٍ”.
طائرة نتنياهو أُفرِغَت واتخذت مسارًا بديلاً لتجنب الهبوط الاضطراريّ والاعتقال

 

ولفت المُحلِّل أيضًا إلى أنّ نتنياهو ألقى خطابًا في الجمعية العامة خمس عشرة مرة، ولم يكن وضع إسرائيل في العالم كارثيًا في أيّ منها، وفي الأيام التي سبقت ظهوره، اعترفت أكثر من 150 دولة، بما في ذلك أستراليا وكندا والعديد من الدول الأوروبية، بدولةٍ فلسطينيّةٍ كعلامة احتجاجٍ: على الحرب السياسية والشخصية المستمرة في غزة وقتل المدنيين، وعلى ما يحدث في الضفة الغربية، من بناء المستوطنات واعتداءات المستوطنين العنيفة التي يرتكبونها ضد الفلسطينيين، وكذلك احتجاجًا على التصريحات الفاشية والعنصرية التي أدلى بها وزراء وأعضاء كنيست في ائتلافه”.
علاوة على ما ذُكِر آنفًا، شدّدّ المحلل على أنّه “في طريقها إلى الولايات المتحدة، اتخذت طائرة (جناح صهيون)، التي أُفرغت من بعض ركابها، بمن فيهم الصحفيون الذين يغطون الرحلة، مسارًا بديلًا لتجنب خطر الهبوط الاضطراري في أوروبا وإصدار مذكرة اعتقال. كان ذلك خير مثال على حالة الكيان وقائده. إسرائيل معزولة، مُصابة بالجذام، مُقاطعة في كلّ مكانٍ تقريبًا. تُوجَّه الضربات. لكن رئيس الوزراء، المسؤول شخصيًا عن هذا الانهيار، اختار الجدال واللوم من جهة، والتذمر والتقارب من جهة أخرى. لم يستسلم لأي كليشيها فارغة أدرجها الوزير رون ديرمر، في النص”.
ذعر مطلق باليمين الإسرائيليّ بعد تصريح ترامب
إلى ذلك، وفي ضوء تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوّل من أمس الخميس، بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم يهودا والسامرة، وهو الاسم التوراتيّ للضفّة الغربيّة المُحتلّة، أعلن مجلس المستوطنات أنّ وفدًا طارئًا يضم رؤساء البلديات والمدير التنفيذي للمجلس سيتوجه إلى نيويورك مساء اليوم السبت للقاء بنيامين نتنياهو، قبل لقائه بالرئيس ترامب.
وأفادت الناطقة بلسان المجلس المذكور، كما ذكرت (معاريف) العبريّة، “الدولة الفلسطينيّة أقرب من أيّ وقتٍ مضى، والضغوط الدوليّة على نتنياهو لإقامتها تتزايد. سيتوجه وفد طوارئ كبير وغير مسبوق من مجلس المستوطنات يضم رؤساء المجالس ورؤساء البلديات وإدارة المجلس، إلى نيويورك مساء اليوم السبت للقاء رئيس الوزراء نتنياهو قبل لقائه بالرئيس ترامب”.
السعوديّة كقائدةٍ للعالم العربيّ
على صلةٍ بما سلف، قال الجنرال أساف ياغور في (معاريف) العبريّة، إنّه “في الأشهر الأخيرة، وخاصّةً منذ الهجوم على إيران، شهدت السعودية تحولاً، من موقفٍ اكتفى بتصريحاتٍ عامّةٍ حول حق الفلسطينيين في دولةٍ مستقلةٍ، وربما بعض التسهيلات الإسرائيلية الهادفة إلى تحسين ظروفهم المعيشية، إلى موقفٍ يسعى إلى تسخير العالم العربيّ والمجتمع الدوليّ وقيادتهما للاعتراف بدولة فلسطينية”.
وأضاف: “في الواقع، هذه استراتيجيةٌ تسعى إلى إعادة السعودية (كما في مبادرة السلام العربية عام 2002) إلى الصدارة كقائدةٍ للعالم العربّي (عندما ضعفت إيران ومحور المقاومة)، مع استخدام القضية الفلسطينية كأداةٍ لخلق قاسمٍ مشترك بينها وبين الدول الأخرى”.
واختتم: “كل هذا ينطلق أيضًا من إدراك أنّ موقف السعودية هو الاعتبار السياسيّ المناسب مقابل المبلغ الهائل الذي تعهدت باستثماره في الولايات المتحدة خلال رئاسة الرئيس ترامب”.
يبدو أنّ الصحوة العالميّة نُصرةً لفلسطين وإدانة إسرائيل باتت تكتسح الحكومات والشعوب الغربيّة على حدٍّ سواء، والسؤال: هل نتنياهو، الذي تحوّل لحاكمٍ فاشيٍّ، يُمهِّد الطريق لفرض العقوبات على كيانه المهزوم والمهزوز والمأزوم؟.

شاركها.