قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ” يشمل كل من يحب شيوع المعصية أو يتعاطف معها في قلبه، حتى وإن لم يرتكبها بيده أو لسانه، مشيرًا إلى أن العقوبة تشمل من مارس الفاحشة ومن أحب انتشارها سواء بالفعل أو بالتمني.
إشاعة الفاحشة بالكذب والافتراء
وأوضح أن إشاعة الفاحشة تكون بالكذب والافتراء على الناس ونشر الشائعات التي تطعن في أعراضهم، كما تكون بالتباهي بالمعاصي والترويج لها، أو بتزيين المنكرات وتطبيعها بين الناس من خلال إطلاق أسماء مخففة عليها مثل تسمية الخمر “مشروبات روحية” أو العلاقات غير الشرعية “صداقة” لتخفيف وقعها في النفوس، مؤكدا أن مجرد الإعجاب القلبي أو الدفاع عن هذه الأفعال يُعد من إشاعتها أيضًا.
ارتكاب الذنب
وأضاف أن الفرق كبير بين ارتكاب الذنب سرًا مع الندم عليه، وبين المجاهرة به أو الفخر به، فالأول يُرجى لصاحبه المغفرة بالتوبة، أما الثاني فهو إعلان حرب على الله ورسوله لأنه إظهار للمعصية بلا حياء وكأن صاحبها يقول إنه غير مبالٍ بأمر الله.
شيوع الفاحشة
وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى توعد من يحب شيوع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، محذرًا من خطورة التهاون القلبي أو التعاطف مع المعاصي، لأن الأمر يبدأ من مشاعر الرضا ثم يتحول إلى قبول اجتماعي ثم تطبيع وسلوك شائع.
ودعا الجندي، أن يحفظ الله المجتمع من الفواحش الظاهرة والباطنة، وأن يرزق الجميع التوبة الصادقة والستر، وأن يحمي الأمة من المجاهرة بالمعاصي أو الدفاع عنها أو الترويج لها.
هل يتقبل الله التوبة رغم المعصية المتكررة؟
سؤال يدور حوله جدل كبير بين الناس ويرغب كثيرون في معرفة حكم الشرع في التوبة رغم المعصية المتكررة فهل يقبلها الله أم لا، حيث إن التوبة باب مفتوح للجميع طالما لم تشرق الشمس من مغربها، ولكن ماذا لو كان الشخص يرتكب الذنب ذاته بشكل متكرر، وفي السطور التالية نتعرف على حكم الشرع في هذه المسألة الفقهية.
هل يتقبل الله التوبة رغم المعصية المتكررة؟
وفي إطار بيان حكم الشرع بشأن تقبل الله التوبة رغم المعصية المتكررة، أكد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن العبد إذا وقع في الذنب ثم تاب، حتى وإن تكرر ذلك مرارًا، فإن الله تعالى يقبل توبته، ولكن بشرط واحد وهو ألا يستهين الإنسان بارتكاب المعصية.
وأضاف وسام، في فيديو منشور على صفحة دار الإفتاء بصفحتها الرسمية عبر فيسبوك، أنه لا يجوز للمسلم أن يتعمد اقتراف الذنب معتمداً على رحمة الله ومغفرته قائلاً: “لا يصح أن يقول المرء سأذنب ثم أستغفر، فالله سيغفر لي”، فهذا استهانة وخطر على إيمانه.
وأكد أن باب التوبة مفتوح ما دام القلب حيًّا والعبد صادقًا في رجوعه، مستشهدًا بقول الله تعالى: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” [الزمر: 53].
كما أورد الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم».
حكم التوبة رغم المعصية المتكررة
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، أن رحمة الله تعالى أوسع من جميع ذنوب العباد، مشددًا على أن المطلوب من المسلم عند وقوعه في معصية هو سرعة الرجوع إلى الله بالتوبة والدعاء الصادق.
وأوضح الدكتور مجدي عاشور، في تصريحات سابقة له، أن النص القرآني في سورة الزمر يبعث الأمل والطمأنينة في قلوب التائبين: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” [الزمر: 53].
وأشار الدكتور مجدي عاشور إلى أن التوبة تتجدد كلما تاب العبد بصدق، وأن من أعظم صورها الالتزام بدعاء سيد الاستغفار.
واستشهد مستشار المفتي بما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من رجل يذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله إلا غفر له»، ثم تلا قوله تعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ” [آل عمران: 135].
دعاء عدم تكرار الذنب
- اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء.
- اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه.
- أستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك.
- أستغفرك من الذنوب التي لا يطلع عليها أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك وكرمك.