أثار إغلاق المجزرة البلدية بمدينة خريبكة، ووقف عملية ذبح المواشي داخلها مؤقتا، استغراب المهنيين ومتتبعي الشأن المحلي على حد سواء، خاصة بعدما تبيّن أن الأمر مرتبط بـ”الظروف غير الصحية في المرفق المذكور، وافتقاره إلى بنية وتجهيزات عصرية لتقديم الخدمات، بعد سنوات من فتحه في وجه المهنيين”.
واعتبر مهينو قطاع اللحوم الحمراء بمدينة خريبكة أن “توقف النشاط في المجزرة البلدية سيؤثر على رزقهم اليومي ويضعهم أمام تحديات جديدة”، مشيرين إلى أن “الضرر سيزداد كلما تأخر فتح المجزرة من جديد أو تعذّر إيجاد حلول بديلة في أقرب وقت”.
استنكار المهنيين
عن دواعي إغلاق المجزرة قال عادل الأشهب، الكاتب العام لجمعية الجزارين للحوم الحمراء بخريبكة، إن “الأمر مرتبط أساساً بقرار المصالح الجهوية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التي قامت برفع يدها وحذف الأختام التي كانت توضع كاعتماد صحي على الذبائح، وهو ما أدى إلى التوقيف الفعلي للنشاط، ولم يعد أي طرف قادراً على تحمل المسؤولية في غياب هذه التأشيرة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “المعطيات الرسمية التي جرى تداولها تشير إلى أن المجزرة لم تخضع للإصلاحات المطلوبة منذ مدة، وبالتالي أوصت التقارير التقنية التي رُفعت بإيقافها”، منبها إلى أن “ما يثير الاستغراب هو السرعة التي تم بها هذا القرار بخريبكة، في وقت تعيش مجازر الجماعات المجاورة وضعا أسوأ ومع ذلك استمرت في العمل”.
أما بخصوص وقع الخبر على المهنيين فأكد الأشهب أنه “كان بمثابة صدمة وصاعقة، إذ إن الجزارين ظلوا منذ 2014 يتخوفون من انتقال الذبح إلى مجازر الخواص، لما يرافقها من مشاكل، وباعتبار أن المجزرة البلدية تمثل سلسلة مترابطة بين الجزارين وباقي الأنشطة، سواء الذبح أو السلخ أو بيع الأحشاء…”.
وأفاد الكاتب العام لجمعية الجزارين للحوم الحمراء بخريبكة بأن “لقاء انعقد مباشرة بعد إغلاق المجزرة، وعرف حضور ما بين 240 و260 جزاراً، حيث عبر الجميع عن استيائهم وسخطهم، وكان الهم المشترك هو التأكيد على ضرورة بقاء المجزرة في حوزة الجماعة، خاصة أنها تدر على ميزانية المجلس ما يفوق 300 مليون سنتيم سنوياً، ولا يمكن لمدينة بحجم خريبكة أن تستغني عنها وتعوضها بمجزرة خاصة”.
وأشار عادل الأشهب إلى أن “الاجتماع حضره ممثلون عن الجماعة، ومسؤول في المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وممثلون عن الجمعيات المهنية، وانتهى إلى قرار يقضي بضرورة إنجاز إصلاحات داخل المجزرة، على أن تراسل الجماعة مكتب ONSSA لإيفاد لجنة معاينة، وفي ضوء تقريرها سيُتخذ القرار النهائي بشأن إعادة فتح المجزرة أو استمرار إغلاقها”.
إصلاح عوض إغلاق
امحمد زكراني، رئيس المجلس الجماعي بخريبكة، قال إن “المجزرة غير مغلقة بمعنى الإغلاق، لكن الأمر يتعلق بامتناع الطبيب البيطري عن التأشير على اللحوم من جهة، ورفض الجزارين ممارسة أنشطتهم في غياب الخاتم الصحي، وبالتالي كان من الضروري أن يستغل المجلس هذه الفرصة للقيام بالإصلاحات اللازمة لاستئناف الأنشطة داخل المرفق، ما يعني أن المجزرة تخضع للإصلاح وليست مغلقة”.
وأوضح زكراني أن “الأمر مرتبط بملف يعود لعدّة سنوات سابقة، حين اشترى مستثمر عقارا يضمّ السوق الأسبوعي والمجزرة والسوق الدجاج و’رحبة الحدادين’… وبدأ بناء الشطر الأول من مشروعه السكني، مع الالتزام حينها ببناء مجزرة جديدة تمهيدًا لهدم القديمة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “سكان الشطر الأول (660 شقة) مُنحوا، قبل سنوات، التراخيص اللازمة للسكن دون أن يفي المستثمر بالتزاماته كاملة، حيث بنى حوالي 25 في المئة فقط من المجزرة الجديدة التي كان من المفروض أن يتم بناؤها وفق مواصفات عصرية، وهو ما لم يتم إلى حدود الساعة”.
أما في الوقت الراهن فأشار رئيس المجلس الجماعي إلى أن “الطبيب البيطري المكلف بالتأشير على جودة اللحوم راسل المصالح الجهوية للتأكيد على أن المجزرة البلدية لم تعد صالحة لذبح المواشي، لكن الغريب أن هذه المجزرة أفضل بكثير من أماكن الذبح بباقي الجماعات المجاورة، فيما أصبح الملف يسير بسرعة منذ أن أنشأ أحد المستثمرين مجزرة خاصة ضواحي المدينة”.
وختم زكراني توضيحه بالقول إن “الجزارين يتفهمون الوضع الراهن، وقد وافقوا على منح المصالح البلدية مهلة أسبوع أو عشرة أيام تُستغل في إصلاح ما يمكن إصلاحه في المجزرة، وبعد ذلك ستتضح الأمور أكثر”، مؤكدا أن “مختلف الأطراف المعنية بالموضوع تعقد اجتماعات لحل هذا الملف في أقرب وقت ممكن، وذلك تحت إشراف السلطة المحلية”.
المصدر: هسبريس