أمد/ الخطة التي عرضها الرئيس “ترامب” على بعض زعماء العرب والمسلمين تُحقق بالفعل ما تريده “إسرائيل” وتتوافق مع شروط الكابينت الأمني والسياسي الخمسة، واجتماعات “نتنياهو” و “ديرمر” مع “ويتكوف” و “كوشنير” تأتي في هذا السياق، ومع ذلك فإن تصريحات الرئيس “ترامب” حول وقف الحرب قابلة للتحقيق في حالة التوافق مع “نتنياهو” على أمور الضفة لأنها ستكون الرشوة لكل من “سموتريتش” و “بن غفير”؛ هذا الوقف سيظهر وكأنه نهاية للحرب ولكن في حقيقة الأمر هناك مليون سبب يستطيع “نتنياهو” إختلاقها لإعادة الحرب من جديد، التوجه هو للإفراج عن جميع الاسرى الأحياء و الأموات في بداية الصفقة وبحيث يتم بعدها إطلاق يد “نتنياهو” لعمل اي شيء اذا ما وجد ان الأهداف التي أعلنها قد لا تتحق…ومن المهم ان نسمع خطاب “نتنياهو” اليوم في الامم المتحدة والذي فيه سيؤكد على موقفه في الإستمرار في حروبه، لذلك قد نرى “نتنياهو” يهرب للامام بعد عودته ويفتح جبهة جديدة، مثل توجيه ضربة إلى “لبنان” او “إيران”
خدعة “ترامب” الكبرى ترتبط بالحديث عن وقف الحرب بشكل نهائي، لأن نهاية الحرب قبل أن يحقق “نتنياهو” مبتغاه والمتمثل في ضمان إعادة إنتخابة لن تحدث، فقد أصبح مستقبل “نتنياهو” السياسي مرتبط بشكل كامل في وقف الحرب او إستمرارها، ومن يعتقد أن “نتنياهو” مستعد للتخلي عن أحزاب إئتلافه والذهاب نحو شبكة امان فالامور مشتبهة عليه. “نتنياهو” لا يثق لا بِ “غانتس” ولا بِ “لابيد”، لأنه يعلم أن هذه الشبكة سوف تسقطه عاجلا وليس آجلا، ومن بعد الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء والأموات
لذلك فما طرحه “ترامب” امام الزعماء العرب والمسلمين كان بهدف إغلاق خطط ملف اليوم التالي للحرب في “غزة”، وهذه الخطط تندرج ضمن الخطوط العامة لخطة”كوشنيربلير” والتي تتعامل مع قطاع غزة على اساس أنه عقار سيتم إستثماره عبر شركات “ترامب” الأربعة “يقال أن الإستثمار سيأتي عبر تمويل عربي خليجي والبعض يقدره بخمسين مليار، وآخرين بمئة مليار والأرباح المقدرة بمئتي مليار دولار ستذهب كلها الى جيب ترامب
وبسبب أن موضوع التهجير فيه حساسية كبيرة لدى العرب فقد تعهد “ترامب” للزعماء العرب برفض التهجير القسري، لكن مفهوم التهجير تحت مسمى الطوعي سيبقى موجود، لأن الخطة الاصلية المطروحة من “كوشنير و بلير” تتحدث عن تقليص حجم الديموغرافيا الغزية وحشرها في منطقة جغرافية محددة لكي تصبح الأيدي العاملة لاحقا منها، إلى جانب ذلك سيكون موضوع انهاء او حسم حماس وفق الرؤيا الإسرائيلية بإبعادها عن اي مشهد في قطاع غزة، وستكون القوات العربية والاسلامية والدولية التي سيتم جلبها تعمل بالانابة عن جيش الإحتلال في محاربة المتبقي من المقاومة بهدف نزع سلاح كل قطاع غزة، وبالتالي إنقاذ إسرائيل من العزلة والنبذ الدولي وامتصاص الغضب العالمي من الإبادة والتطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل في غزة والإلتفاف على تسونامي الإعتراف بالدولة الفلسطينية إضافة إلى إنقاذ الجيش الإسرائيلي المنهك والمتعب من الدخول في حرب إستنزاف طويلة
يبدو أن الضغوط غير المسبوقة التي تمارس على قيادة حركة حماس، حيث يظهر وكأنهم في إقامة جبرية في الدوحة تحت يافطة المخاطر الأمنية خاصة بعد محاولة إغتيالهم في الدوحة قبل عدة ايام، والمطلوب منهم الموافقة على ما يريده الرئيس “ترامب” بدون نقاش او تفاوض
صحيح أن الزعماء العرب والمسلمين الذين حضروا الإجتماع الذي إستغرقت مدته نصف ساعة، رحبوا ضمن شروط تتضمن عدم احتلال قطاع غزة أو الإستيطان فيه، ومنع الضم في الضفة ووقف الإجراءات البنغفيرية في الأقصى، لكن يبقى السؤال المهم لماذا رحبوا بخطة ترامب وهي خطة صممت إسرائيليا ولم يصروا على تطبيق خطتهم؟!!!، ولماذا لم يجرؤوا عل طرحها في اللقاء امام الرئيس “ترامب”؟
الشيء الواضح ان “ترامبياهو” لا يحيدان عن أهدافهم وخططهم، لأن أي خطة لا تندرج ضمن شروط الكابيت الأمني والسياسي الخمسة “نزع سلاح حماس الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء والأموات، نزع سلاح قطاعة غزة، سيطرة وإشراف أمني إسرائيلي على كل قطاع غزة، إدارة لحكم قطاع غزة لا حماس ولا سلطة” تعني سقوط “نتنياهو” وحكومته، وهذا ما لا يريده الرئيس “ترامب” الذي يدعو لتكريم “نتنياهو” وإعفاءه من التهم والمحاكم، إضافة إلى عدم موافقة “نتنياهو” المؤكدة
الغريب ان لدى العرب والمسلمين خطة تم إقراراها ولا اعرف لماذا لم يدافعوا عنها بدل خطة “ترامب” غير الواضحة والوهمية لأن في طياتها تحمل مشروع التهجير ، فمن لا يقبل بالسلطة الفلسطينية كحكومة في غزة بمسميات متعددة، لا يمكن ان يحميها في الضفة ويمنع الضم
الأمريكي ومعه الإسرائيلي يكذبون ويريدون فقط الاسرى وبعد ذلك تنفيذ مخططاتهم، ولا ننسى ان نفس الرئيس “ترامب” كان اكثر من مرة جزء من خطة التضليل والخداع للعمليات العسكرية الإسرائيلية وآخرها كان طرح مقترحات منه لكي يجتمع قادة “حماس” في “الدوحة” ليتم إغتيالهم
المطروح في الإجتماع الذي استمر لمدة نصف ساعة ليس سوى خطة خداع المقصود منها الإفراج عن الأسرى وتنفيذ خطة التهجير وتحويل قطاع غزة إلى عقار للإستثمار عبر إدارة دولية يرأسها المجرم “طوني بلير” رئيس وزراء بريطانيا الذي كذب لجر بلده وأمريكا في حرب عام 2003 بحجة وجود أسلحة دمار شامل عبر فبركة أدلة بمعرفته ثبت لاحقا كذبها، إضافة إلى كونه كان مسؤولا عن “الكوارتيت” الرباعية الدولية التي كان من المفروض ان تعمل على تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن السيد “بلير” تحالف مع “نتنياهو” وأفرغ “الكوارتيت” من جوهره وكان يشكل تغطية لكل السياسات العدوانية والإستيطانية الإسرائيلية
الرئيس “عبد الفتاح السيسي” رئيس جمهورية مصر العربية والذي لم يحضر الإجتماع في نيويورك شخصيا وحضر بالنيابة عنه وزير خارجيته، قال: “ما طرح في إجتماع نيويورك قد يشكل اساس نحو الحل في غزة، ولكن يجب أن يتم ذلك عبر قرار من مجلس الأمن”، وهذا الموقف يشكل حائط سد لمحاولة الخداع، لأن الإشراف على الخطة التي طرحت ستكون بإشراف أممي وهذا ما لا تريده لا أمريكا “ترامب” ولا إسرائيل “نتنياهو”
في الختام لا ثقة لا بألأمريكي ولا بالإسرائيلي، ومن يتحدث عن المرحلية في حكم قطاع غزة فهو ذاهب لتقويض سيل الإعترافات بالدولة الفلسطينية، السلطة الفلسطينية يجب أن تكون هي العنوان ووفق الخطة المصرية العربية، وغير ذلك هو تسليم قطاع غزة الغارق في دماء أبناءه إلى مصاصي الدماء الباحثين عن الإستثمار المالي عبر مص دماء ما تبقى من الشعب في الفلسطيني في قطاع غزة