لم تكن كلمات حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد في القمة الخليجية الـ 45 التي استضافتها دولة الكويت في شهر ديسمبر الماضي بإدانة الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرض فلسطين المحتلة وللإبادات الجماعية المتعاقبة بحق الشعب الفلسطيني إلا تعبيرا حقيقيا وجليا عن إيمان الكويت وأهلها منذ أكثر من ثمانية عقود بالقضية الفلسطينية.
وبرزت في هذا المقام دعوة صاحب السمو في أكثر من كلمة سامية المجتمع الدولي ومجلس الأمن على وجه الخصوص إلى ممارسة دورهما بضمان تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والوقف الفوري لإطلاق النار وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الأبرياء وضمان فتح الممرات الآمنة ووصول المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني.
كما أكد سموه «ثبات موقفنا المبدئي التاريخي المساند للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله المشروع لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين المحتلة ونيل حقوقه السياسية كافة وإقامة دولته المستقلة على أرضه في حدود الرابع من يونيو للعام 1967 وعاصمتها (القدس الشرقية) وفقا للمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة».
وتواصل دولة الكويت دورها الدبلوماسي الفاعل في الدفاع عن القضية الفلسطينية داخل أروقة المنظمات الدولية، مؤكدة وخصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة (2023 2024 2025) ثبات مواقفها المبدئية والتاريخية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وحرصها على أن تبقى هذه القضية حاضرة في صدارة الأجندة العالمية.
ففي عام 2023 برزت الدبلوماسية الكويتية بقوة في جلسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث شددت على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني، وطالبت بتوفير الحماية الدولية للمدنيين العزل، وهو ما لقي ترحيبا واسعا من دول عربية وإسلامية ودولية.
وفي عام 2024 عززت دولة الكويت تحركاتها عبر بيانات رسمية ومداخلات سياسية ودبلوماسية دعت من خلالها إلى رفض ازدواجية المعايير في التعامل مع الحقوق الفلسطينية مؤكدة أن غياب الحل العادل والشامل سيبقى مصدر توتر وعدم استقرار في المنطقة والعالم.
وفي عام 2025 كثفت دولة الكويت من دورها القيادي في الساحة الدولية حيث شاركت بفعالية في مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤكدة أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو الحل الوحيد القادر على تحقيق الأمن والسلام والاستقرار كما أكدت تمسكها بالقرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة.
واتخذ الدعم الكويتي منذ عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 زخما ومسارا في كل الاتجاهات السياسية والإنسانية عبر إطلاق قوافل المساعدات العاجلة والفزعات الشعبية وسط جهود وتحركات مستمرة لوقف العدوان والمجازر وتأمين الحماية للشعب الفلسطيني وسط تأكيد على أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.
وترجمة لهذا الموقف جاءت كلمة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في قمة القاهرة للسلام التي أكدت رفض أي دعوات للتهجير القسري لأبناء فلسطين ودعوة المجتمع الدولي لممارسة دوره لإيقاف العمليات العسكرية وتوفير الحماية للمدنيين في قطاع غزة مما يؤكد الموقف المبدئي والثابت المطالب بعودة الحق الشرعي للشعب الفلسطيني.
وعبرت كلمة سموه عن الموقف الكويتي الثابت بأن أي حديث عن سلام في الشرق الأوسط لن يكون دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ونيل الشعب الفلسطيني لحقوقه كاملة.
كما لم توفر دولة الكويت جهدا في كل المحافل لدفع المساعي الدولية لرفع الحصار عن قطاع غزة وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا وفق المرجعيات والقرارات الدولية بما يحقق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
في هذا السياق قالت أستاذ مساعد في العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور نورة الشعيبي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة إنه منذ السابع من أكتوبر 2023 برز دور دولة الكويت كأحد الداعمين للقضية الفلسطينية إنسانيا ودبلوماسيا.
وأوضحت الشعيبي أن دولة الكويت سيرت أكثر من خمسين طائرة ضمن جسر جوي وثلاث سفن إغاثية محملة بالمواد الغذائية والطبية وأوفدت فرقا طبية أجرت عمليات جراحية لإنقاذ الأرواح داخل قطاع غزة.
وأضافت أنه على الصعيد الدبلوماسي تبنت دولة الكويت مواقف حازمة في المحافل الدولية فأدانت الانتهاكات لحقوق الإنسان ودفعت نحو قرارات لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين سواء عبر الأمم المتحدة أو الاتحاد البرلماني الدولي أو من خلال مجلس التعاون الخليجي.
وأشارت إلى مواصلة دولة الكويت مساهمتها المالية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لتؤكد التزامها بمساندة اللاجئين الفلسطينيين فضلا عن إطلاقها حملات إنسانية واسعة عبر جمعياتها الخيرية تجاوزت قيمتها عشرات الملايين من الدولارات لتأمين الغذاء والدواء والمأوى للمتضررين.
وذكرت أن هذا النهج عزز صورة الكويت كدولة ذات ثقل أخلاقي وسياسي في النظام العالمي إذ أصبحت مثالا على كيفية توظيف الموارد المحدودة لخدمة قضايا العدالة والسلام.
وبينت الشعيبي أن دور دولة الكويت النشط ساهم في إعادة إبراز مركزية البعد الإنساني في العلاقات الدولية في وقت تتراجع فيه الاعتبارات الأخلاقية أمام المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى مؤكدة أن هذا الموقف المتكامل يرسخ مكانة دولة الكويت كصوت إنساني وحقوقي بارز يدافع عن العدالة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
من جانبه قال أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الدكتور عايد الجريد لـ(كونا) إن دولة الكويت أدت في السنوات الثلاث الأخيرة دورا محوريا في نقل صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم وتعزيز الموقف العربي الموحد داخل المؤسسات الدولية.
وأضاف الجريد أن الكويتيين ترجموا طيلة ثمانية عقود إيمانهم بالقضية الفلسطينية من خلال الدعم الإنساني والإغاثي غير المحدود في موازاة الدعم السياسي من أعلى المنابر والمحافل السياسية في العالم حيث ارتبطت دولة الكويت قيادة وشعبا بالقضية الفلسطينية منذ احتلال فلسطين عام 1948 إلى اليوم عبر الدعم الرسمي والشعبي وجمع التبرعات وإرسال المساعدات والمواد الإغاثية ورفع الصوت عاليا في كل المحافل لأجل هذه القضية وأوضح أن دولة الكويت في الأعوام 2023 و2024 و2025 أثبتت أنها صوت الحق العربي في الدفاع عن فلسطين وأنها لم تتخل عن التزاماتها التاريخية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني.
وذكر الجريد أن هذه المواقف الراسخة هي امتداد لسياسة الكويت الثابتة منذ استقلالها عام 1961 وحتى اليوم وهي سياسة تقوم على مبادئ العدالة والسلام ورفض الاحتلال وتترجم رؤية القيادة السياسية الكويتية ممثلة في حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظهما الله ورعاهما.
بدوره قال رئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني (فنار) الدكتور خالد الشطي إن دولة الكويت سباقة في تقديم المساعدات المخصصة للشعب الفلسطيني والمنظمات الدولية المعنية بتحسين أوضاع الفلسطينيين ومنها الالتزام بتقديم 500 ألف دولار أميركي سنويا ضمن مساهماتها الطوعية لمنظمة العمل الدولية انطلاقا مما تمثله القضية الفلسطينية من أولوية.
وأضاف الشطي أن دولة الكويت بتوجيهات أميرية سامية سيرت جسرين جويين لإيصال مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني فضلا عن تقديمها مساعدات بمئات الملايين من الدولارات.
وأشار إلى إطلاق دولة الكويت الحملة الإغاثية العاجلة لدعم الشعب الفلسطيني (فزعة لغزة) في شهر أغسطس الماضي بإشراف من وزارة الشؤون الاجتماعية وتعاون وزارات الخارجية والدفاع ووزارة الإعلام إضافة إلى جمعية الهلال الأحمر الكويتي وجمعيات ومبرات خيرية ولاقت تفاعلا واسعا وجمعت أكثر من 5ر11 مليون دينار كويتي (نحو 6ر37 مليون دولار أميركي).
المصدر: جريدة الجريدة