التجربة السابقة لاحتكار البنك المركزي شراء الذهب بين عامي 2012 و2020 حملت عدة مخاطر، أبرزها فجوة الأسعار المحلية والعالمية التي غالباً ما تجاوز السعر المحلي السعر العالمي، وفقاً لخبير مصرفي.

بورتسودان: التغيير

تشهد العملة الوطنية في السودان مزيداً من التراجع أمام العملات الأجنبية في السوق الموازي، إذ بلغ سعر الجنيه المصري نحو 74 جنيهاً سودانياً، بينما قفز الدولار إلى أكثر من 3500 جنيه. كما وصل سعر الريال السعودي إلى حوالي 925 جنيهاً، والدرهم الإماراتي إلى 950 جنيهاً في المتوسط.

وفي محاولة لوقف الانهيار، شرعت الحكومة عبر مجلس الوزراء وبنك السودان المركزي في اتخاذ إجراءات جديدة تتعلق بصادر الذهب، تهدف إلى الاستفادة من عائداته لتوفير عملات حرة في السوق، وتكوين احتياطي من الذهب لدى البنك المركزي لدعم قيمة الجنيه.

تراجع تاريخي

يُذكر أن الجنيه السوداني كان في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي يساوي 2.55 جراماً من الذهب، أي ما يعادل آنذاك حوالي 303 دولارات أمريكية أو 1136 ريالاً سعودياً، وهو ما يعكس حجم التراجع الكبير في قيمته خلال العقود الماضية.

رغم أن السودان يُعد من أكبر منتجي الذهب في إفريقيا، إلا أن المصرفي أبوعبيدة أحمد سعيد أوضح لـ (التغيير) أن الذهب لم يعد يشكل غطاءً للجنيه أو سنداً للتجارة الخارجية، حيث يُصدَّر أغلب الإنتاج كخام أو يُهرَّب، بينما تستمر الحكومة في طباعة النقود دون غطاء لمقابلة العجز وتمويل الإنفاق.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية، بلغت صادرات الذهب في الربع الأول من 2025 نحو 449.5 مليون دولار، أي ما يعادل 150 مليون دولار شهرياً، وذهب 88% منها إلى دولة الإمارات.

تعتيم رسمي

وأشار سعيد إلى أن بنك السودان المركزي، ومنذ إصداره خلال هذا العام القرار القاضي بحصر شراء الذهب المنتج من التعدين الأهلي ومخلفات التعدين على البنك المركزي وحده أو من يفوضه، لم يصدر أي تعميم رسمي يوضح آلية التنفيذ أو نتائجه حتى الآن.

ويرى سعيد أن التجربة السابقة لاحتكار البنك المركزي شراء الذهب بين عامي 2012 و2020 حملت عدة مخاطر، أبرزها فجوة الأسعار المحلية والعالمية التي غالباً ما تجاوز السعر المحلي السعر العالمي بفعل عمولات الوسطاء، ما شجع على التهريب.

إضافة إلى ضعف السيولة وعجز البنك أحياناً عن الدفع النقدي السريع، ما دفع المنتجين للبيع في السوق الموازي. وإحباط المعدنين الأهليين لاعتمادهم على العائد الفوري، ما جعلهم يعتبرون القرارات عائقاً أمام أرباحهم.

فرص نجاح

رغم التحديات، يرى سعيد أن نجاح التجربة الجديدة ممكن إذا تمكن البنك المركزي من توفير سيولة كافية للشراء الفوري من المنتجين، بما يعزز تدفق الذهب للأسواق الرسمية. كما أن التصدير عبر المصفاة الرسمية قد يرفع من سمعة السودان كمصدر معتمد عالمياً، ما يعزز الثقة في الذهب السوداني.

وعلى المدى القصير، قد تسهم هذه السياسات في زيادة المعروض من العملات الأجنبية وتخفيف الضغط على سعر الصرف، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على استقرار الأسعار.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.