في حكم قضائي بارز، أصدرت الدائرة التجارية الرابعة في محكمة التمييز برئاسة المستشار خالد المزيني أول أحكام المحكمة بتطبيق التعديل التشريعي برفع الدية الشرعية إلى قيمة 20 ألف دينار بدلاً من النص السابق المقرر لها بقيمة 10 آلاف، وألزمت المحكمة إحدى الشركات بتعويض أسرة متوفى بمبلغ 30 ألفاً، منها 20 ألفاً قيمة الدية الشرعية، و10 آلاف تعويضات أدبية.
وقررت «التمييز» أن تعديلات رفع الدية الشرعية برفع قيمة التعويض إلى مبلغ 20 ألف دينار تطبق بأثر فوري على الحالات المعروضة على القضاء رغم أن واقعة الوفاة كانت في ظل القانون السابق قبل تعديله، الذي كان يقرر قيمة الآلية بواقع 10 آلاف دينار.
وقالت «التمييز» في حيثيات حكمها، إن الدية تلزم المباشر بضمان أذى النفس ومن ثم الالتزام بالدية أو جزء منها وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251 من ذات القانون وهو ضمان استهدف به المشرع الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً بحيث يضمن للمصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسؤولية عن العمل غير المشروع عن التعويض عنه، ومن ثم فإن الفعل المؤدي لحدوث الوفاة يقتصر التعويض فيه على الدية أو جزء منها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وهي مصدر رئيسي للتشريع عملاً بالمادة الثانية من الدستور.
الأصل في قيمة الدية وفقاً للشريعة مئة من الإبل
وأفصحت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بالقانون المشار إليه بأن الأصل في الدية أنها تتحدد وفق أحكام الشرع الإسلامي بمئة من الإبل. فليس يوجد في ظل هذا الشرع الأغر ثمة ما يمنع من أن يتحدد مقدارها بالنقود وقد أجاز المشرع تعديل مقدار الدية النقدي الذي حدده بغية إتاحة الفرصة في التمكين من جعله متماشياً دوماً مع مستوى الأسعار، وتعديل مقدار الدية النقدي وتعديل مقدار الدية النقدي مبدأ مسلم في الفقه الإسلامي ودليل ذلك ما روى من أن الدية كانت في عهد الرسول عليه أفضل صلوات الله ثمانمئة دينار أو ثمانية آلاف درهم وأنها بقيت كذلك حتى استخلف عمر فرأى أن أثمان الابل قد ارتفعت فزاد الدية إلى ألف دينار أو اثني عشر ألف درهم المذهب ح 2 ص (210)…. ولقد مر على هذا التنظيم ما يربو على الأربعين عاماً تغيرت فيها الأوضاع المالية والاقتصادية وحصل فيها ارتفاع ملحوظ لدخل الأفراد وقابله انخفاض مطرود للقوة الشرائية للنقود بحيث أصبح التقدير المنصوص عليه في المادة المذكورة لا يعكس المقدار الحقيقي للدية كما هي مقررة شرعاً، ومن هنا جاء المشروع من أجل رفع هذا الاحتلال وإعادة التأكيد على حفظ النفس، وإتاحة سبيل التعويض العادل وتوفير مسببات حقن دماء الأبرياء لما للدية الشرعية من دور غير منكور في زجر من يعتدى وردع اندفاع غيره.
مما اقتضى النص على جعل مقدار الدية الشرعية بعشرين ألف دينار ومن ثم فإن تعديل الفقرة الأولى من المادة 251 من القانون المدني المعمول به اعتباراً من تاريخ نشره ب الرسمية.
المحكمة تلزم إحدى الشركات بتعويض أسرة متوفى بـ 30 ألفاً… 20 ألفاً دية و10 تعويضات أدبية
(الكويت اليوم) في 16/3/2025 الذي رفع مقدار الدية إلى عشرين ألف دينار هو الواجب التطبيق باعتباره متعلقاً بالنظام العام قصد به على نحو ما تقدم أن يكون متوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية وهي مصدر رئيسي للتشريع عملاً بالمادة الثانية من الدستور وتحقيق مصلحة عامة اجتماعية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو مصلحة الأفراد لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة ومن ثم يسري في خصوص طلب الدية باعتباره أثراً مستمراً من آثار الفعل المؤدي لحدوث الوفاة الذي وقع قبل سريان التعديل المشار اليه إلا أنه أدرك الدعوى قبل الفعل فيها بحكم نهائي بعدما انتهت المحكمة سلفاً في قضائها بتمييز الحكم المطعون فيه بما يزيله وتزول معه كافة آثاره ويسقط ما أمر به أو رتبه من الحقوق ويصبح غير قابل للتنفيذ وغير صالح لأن يبنى عليه حكم آخر وتعود الخصومة والخصوم الى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المميز، ومن ثم فإن المحكمة تقضى للمستأنفين بالدية الشرعية المستحقة بمقدارها المعدل بعشرين ألف دينار عن فقد النفس وتعد بمثابة تعويض عن ذات إصابة النفس فهي حق للمضرور وتدخل في ماله وتعتبر تركة يتقاسمها ورثته وفقاً للأنصبة الشرعية وحيث أنه عن طلب التعويض المادي ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة.
وقالت المحكمة أن القانون لا يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع ذلك لأنه اذا كانت الفرصة أمر محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه وأن تفويت الفرصة يعنى وقوع ضرر يتمثل في حرمان المضرور من كسب كان يأمل الحصول عليه وله أسبابه المقبولة التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع أخذاً من ظروف الدعوى وملابساتها وأنه اذا كان الحرمان من الفرصة حتى فواتها هو ضرر محقق ولو كانت الإفادة منها أمراً محتملاً بما يجيز للمضرور أن يطالب بالتعويض عنها ولا يمنع القانون من أن يدخل في عناصر الضرر ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من فائدة وراء تحقق هذه الفرصة متى كان هذا الأمل قائماً على أسباب مقبولة وفقاً للمجرى العادي للأمور ومن شأنها ترجيح فائدة فوتها عليه العمل الضار غير المشروع لما كان ذلك وكان أمل الأبوين في بر إبنتهما المجني عليها وانتفاعاً بإحسانهما إليها وأن يستظلا برعايتها لهما في شيخوختهما إذ يرجوان وبدافع فطري أن نشب الطوف لتكون قرة لهما وسنداً يمسح عنهما تعب السنين ذلك أنه أمر جبلت النفس البشرية ومن ثم فإن هذا الأمل يكون قائماً على أسباب مقبولة وتفويته بفعل ضار غير مشروع يوجب المساءلة بالتعويض.
المصدر: جريدة الجريدة