وصلت سفينة دعم تابعة للبحرية الإيطالية إلى منطقة وجود أسطول الصمود العالمي في المياه الدولية، لتقديم الدعم اللازم، بعد تعرّض الأخير لهجوم إسرائيلي بطائرات مسيرة أدى إلى تضرر عدد من السفن المتوجهة في مهمة إنسانية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، فيما دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى وقف “الهجمات” على الأسطول، مطالبة بتحقيق “مستقل”.

وقال الناشط الجزائري الموجود على متن سفينة “دير ياسين” محمد بن علوان، اليوم الأربعاء، “وصلت السفينة الإيطالية حيث نوجَدُ في عرض البحر. إنها سفينة كبيرة وزادت من معنوياتنا على مواصلة المسار”، مضيفاً “تم إنزال قارب صغير من السفينة واقترب من سفن الأسطول لتفقدها وتقديم المساعدات اللازمة”.

وأعلن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو، اليوم الأربعاء، توجيه سفينة تابعة للبحرية الإيطالية للتحرك نحو أسطول الصمود العالمي لتقديم المساعدة، عقب تعرضه لهجوم إسرائيلي وتضرر عدد من السفن. وندد كروزيتو بشدة بالهجوم الذي وقع خلال الليل على الأسطول الدولي.

وقال وزير الدفاع الإيطالي “رغم وجودي في إستونيا، وبعد اجتماع مع رئيس أركان الدفاع وتقييم سريع ومختصر للحادث، تحدثتُ مع رئيسة الوزراء (جورجيا ميلوني)، وأذنت بالتدخل الفوري للفرقاطة فازان، متعددة الأغراض التابعة للبحرية كانت تبحر شمال جزيرة كريت في إطار عملية البحر الآمن”. وأشار الوزير الإيطالي إلى “إبلاغ الملحق العسكري الإسرائيلي في إيطاليا، وسفيرنا، وملحقنا العسكري في تل أبيب، ووحدة الأزمات بوزارة الخارجية بهذا القرار”.

وفي السياق، شهد مجلس النواب الإيطالي، صباح اليوم الأربعاء، جلسة ساخنة لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على الأسطول الذي يضم مئات النشطاء من 44 دولة مختلفة ويواصل الإبحار نحو غزة التي تتعرض لإبادة جماعية.

وفي منشور لها على “فيسبوك”، ذكرت المتحدثة باسم حركة “5 نجوم” في مجلس النواب الإيطالي، النائبة ستيفانيا أسكاري، أنها وزملاءها في أحزاب المعارضة احتلوا مقاعد الحكومة في البرلمان لمطالبة الحكومة بالمثول تحت قبة البرلمان لتوضيح ما تنوي اتخاذه من إجراءات حيال “الهجمات الإرهابية الإسرائيلية” على أسطول الصمود، والإبادة الجماعية في غزة. وأضافت أسكاري أن “وزير الدفاع سوف يمثل، بفضل حملتنا، غداً أمام البرلمان لتوضيح موقف الحكومة”.

وفي كلمتها في الجلسة المشار إليها، قالت أسكاري “لقد كانت ليلة مروِّعة، وما حدث فيها لا يمكن قبوله، إذ هوجمت سفن إنسانية مُحمَّلة بالغذاء وبمختلف أنواع المساعدات، في المياه الدولية بطائرات مُسيَّرة، وقنابل صوتية، وغاز فلفل، كما انقطعت الاتصالات”.

وتساءلت “هل هذا طبيعي؟ هل يبدو لكم طبيعياً؟ إنه أمرٌ خطيرٌ للغاية! والأخطر من ذلك سماع تصريحات وزير الخارجية الإيطالي (أنطونيو تاياني) يقول فيها إن أسطول الصمود ومن كانوا على متنه يبث مناخ الكراهية وإن الأمن من حق إسرائيل”، مشددة على أن “إسرائيل دولة إرهابية تُهاجم في المياه الدولية، مواطنين يفعلون ما كان ينبغي لكم أن تفعلوه: إرسال المساعدات إلى شعبٍ أعزلٍ يموت جوعاً وعطشاً تحت القصف”.

وأوضحت أن هؤلاء النشطاء “يناضلون من أجل الإنسانية، التي هي اليوم على حافة الهاوية، ومن ثم يُترك الأمن لهذه الدولة الإرهابية، المسموح لها بفعل أي شيء. ليس ثمة انتهاك للقانون الدولي في تحرك الأسطول. هل تعلمون ما تفعله هذه الدولة الإرهابية؟ تُوقف السفن، في المياه الدولية، ومن ثم ليست خاضعة للسيادة الإسرائيلية، ثم تقتادها إلى إسرائيل، وتُحاكم زوراً كل من شارك في هذه المهمة الإنسانية، لمنع دخولهم إلى تل أبيب، وعلى وجه الخصوص، لمنع دخولهم إلى الضفة الغربية وغزة نهائياً. نحن بصدد ازدراء كامل لأي قانون، ولأي حق”.

وتابعت “الآن، كفى! على الوزيرين تاياني وكروزيتو ورئيسة الحكومة (جورجيا) ميلوني التدخل على الفور. في رقابكم مقتل 20 ألف طفل و70 ألف شخص، بينما في الواقع نتحدث عن 200 ألف شخص”، معتبرة أن ما يحدث “لا يمت إلى الإنسانية بصلة. يجب أن تعودوا آدميين. نحذركم الآن من أن المجلس لن يباشر عمله حتى تُتخذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة أسطول الصمود. على كروزيتو الحضور إلى المجلس فورًا. لن نسمح باستمرار هذا. يجب ضمان توفير الحماية لجميع مواطني أسطول الصمود، ولزملائنا البرلمانيين وللإنسانية، واحترام القانون الدولي”.

وكان منسق أسطول الصمود العالمي وائل نوار قد أكد لـ”العربي الجديد”، أنهم مروا بليلة عصيبة بعد تعرض 11 سفينة من الأسطول لهجمات بمسيرات إسرائيلية وقنابل حارقة ليل الثلاثاء- الأربعاء، مؤكداً أنهم ماضون في طريقهم نحو غزة، وقد استأنفوا الإبحار مجدداً، صباح اليوم، في شمال جزيرة كريت اليونانية، وجنوباً أقصى شرق ليبيا.

وقال المتحدث إن أغلب النشطاء على متن الأسطول شاهدوا خيطاً من النار يتجه نحو السفن قبل سقوط مواد حارقة، وارتطامها بالبحر، وببعض السفن، مطالباً المجتمع الدولي والحكومات والمنظمات الدولية بـ”تحمل مسؤوليتها والتحرك دبلوماسياً للضغط على الكيان الصهيوني للكف عن مهاجمة أسطول الصمود العالمي مجدداً”.

ودعا الشعوب إلى التظاهر والنزول إلى الشوارع تضامناً مع الأسطول ومع غزة لوقف الإبادة الجماعية.

إلى ذلك، دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الأربعاء إلى وقف “الهجمات” على أسطول الصمود المتوجّه إلى غزة، مطالبة بتحقيق “مستقل”.

وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان “يجب إجراء تحقيق مستقل ونزيه وشامل” و”يجب أن تتوقف هذه الهجمات”، وذلك بعدما أفاد ناشطون مؤيدون للفلسطينيين على متن الأسطول بأنهم استُهدفوا “بمسيرات عدة” مع سماع “دويّ انفجارات” قبالة سواحل اليونان.

والأسطول الذي أبحر في وقت سابق من سبتمبر/ أيلول من برشلونة كان قد أفاد بتعرّضه لهجومين بطائرات مسيّرة حين كان راسياً قبالة تونس.

واعتبر الخيطان أنّ “الهجمات والتهديدات ضد من يحاولون تقديم المساعدة والدعم لمئات الآلاف من سكان غزة الذين يعانون المجاعة والجوع، تنافي المنطق”. ويسعى الناشطون للوصول إلى غزة لإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع و”كسر الحصار الإسرائيلي” المفروض عليه.

شاركها.