مع بداية الدخول المدرسي والجامعي والاجتماعي حذر أطباء وخبراء في الصحة من تزايد انتشار مجموعة من الأمراض الموسمية التي تتزامن مع الانتقال من فصل الصيف إلى فصل الخريف، وأكدوا على أهمية الفحص الطبي المبكر للأطفال والتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، إضافة إلى الالتزام بالتدابير الوقائية، من أجل حماية صحة التلاميذ وأسرهم وضمان موسم دراسي آمن.

أمراض الخريف

قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن فترة الدخول المدرسي والجامعي والاجتماعي الجديد تتزامن دائمًا مع مرحلة انتقالية من فصل الصيف إلى فصل الخريف، وهذه هي الخصوصية الأولى؛ أما الخصوصية الثانية فتتمثل في العودة إلى الحياة الجماعية، سواء داخل المدارس والجامعات أو أماكن العمل، بعد أن كان الناس يقضون عطلتهم في فضاءات مفتوحة خلال فصل الصيف، وزاد: “هذا الانتقال إلى أماكن مغلقة وجماعية يشكل عاملاً أساسياً في انتشار وتكاثر الأمراض”.

ولتوضيح الصورة تحدث حمضي، ضمن تصريح لهسبريس، عن أكثر الأمراض انتشارا في هذه المرحلة، مشيرا في البداية إلى الالتهابات التنفسية، التي قال إن “غالبها فيروسي، مثل الأنفلونزا الموسمية التي لا تبدأ في المغرب أوائل الخريف كما في بلدان الشمال، بل تظهر متأخرة في أواخر الخريف”، وأردف: “إلى جانب ذلك تنتشر فيروسات أخرى تسبب التهابات في الجهاز التنفسي، إضافة إلى كوفيد19 الذي يظل من الأمراض المحتملة خلال هذه الفترة”.

ثاني الأمراض التي ذكرها الطبيب الباحث هي تلك المرتبطة بالأذن والأنف والحنجرة، قائلا إنها “تتزايد بفعل الفيروسات، وتغير درجات الحرارة بين النهار والليل، وبسبب البرودة والرطوبة التي تبدأ في الظهور”.

وتحدث المختص أيضا عن الأمراض التحسسية، قائلا إن هذه الفترة مناسبة لانتشار أنواع من الحساسية المرتبطة بالرطوبة والقطرات الأولى من الأمطار؛ ثم الأمراض الهضمية، “حيث تبدأ بعض الفيروسات التي تسبب الإسهال والتقيؤ الانتشار في هذا الفصل، وإن كانت تكثر أكثر في الشتاء”، بحسب توضيحه.

أما آخر ما تحدث عنه حمضي فهي الأمراض الجلدية، “وذلك نتيجة الرطوبة التي ترافق العودة إلى العيش في أماكن مغلقة كالمنازل”، بحسب توصيفه.

أسباب الانتشار

عن أسباب هذا الانتشار فقال حمضي إن أولها “الانتقال من فصل صيف حار نهارًا وليلاً إلى فصل خريف يتميز بحرارة مرتفعة في النهار ومنخفضة في الليل، وهو ما يُعرف بالضغط الحراري على الجسم، الذي يُضعف مناعته ويجعله عرضة للإصابات”.

كما ذكر المتحدث ارتفاع نسبة الرطوبة، “إذ لم نعد في أجواء جافة، بل دخلنا في أجواء رطبة داخل أماكن مغلقة، وهو ما يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض التنفسية والحساسية والجلدية”.

ثالث الأسباب، وفق المصدر ذاته، “يرتبط بالحياة في فضاءات مغلقة، سواء في المدارس أو الجامعات أو أماكن العمل، وحتى داخل البيوت، حيث ينقل الأطفال العدوى من مؤسساتهم التعليمية إلى أسرهم”؛ أما السبب الرابع، بحسبه، فهو “الإرهاق والتوتر النفسي المرتبط بفترة الدخول المدرسي والاجتماعي، إلى جانب اضطراب مواعيد النوم، ما ينعكس سلبًا على مناعة الجسم”.

وشدد الطبيب الباحث على أن مواجهة هذه المخاطر الصحية تستوجب الحفاظ على النظافة والالتزام بالتلقيح، خاصة بالنسبة للأطفال الذين لم يستكملوا بعد برنامجهم التلقيحي، إذ يكونون أكثر عرضة للإصابة ونقل الأمراض؛ كما أوصى بأهمية التغذية السليمة، والنوم الكافي، وأخذ قسط من الراحة، باعتبارها عناصر أساسية للحفاظ على مناعة قوية خلال هذه الفترة.

قبل الدخول المدرسي

قال سعيد عفيف، طبيب أطفال وعضو اللجنة العلمية للتلقيح، إنه عند بداية كل دخول مدرسي وفي مختلف المراحل الدراسية ينبغي أولاً إجراء فحص طبي شامل، يشمل مراقبة نمو الطفل من حيث الطول والوزن، ومراجعة دفتره الصحي للتأكد من استكمال جميع التلقيحات اللازمة.

وأضاف عفيف ضمن تصريح لهسبريس أن “غياب بعض اللقاحات، مثل لقاح الحصبة، كانت له انعكاسات سلبية، إذ أدى إلى ظهور بؤر وبائية في مختلف مناطق المغرب”.

ونبه المتحدث إلى أن “الفحص ضروري أيضاً لاكتشاف حالات خاصة، مثل غياب التلقيح ضد الكزاز، إذ إن الطفل قد يتعرض لجروح في المدرسة من أدوات ملوثة، ما يستوجب حقنه بالسيروم واللقاح المضاد”، وزاد: “كما يتم خلال الفحص تقييم سمع الطفل وبصره، والتأكد من عدم وجود اضطرابات سلوكية أو صحية قد تؤثر على مساره الدراسي”.

وفي الجانب الوقائي أكد الطبيب ذاته على أهمية النظافة الشخصية، مثل غسل اليدين بانتظام، واستخدام المنديل عند الإصابة بالزكام، وتجنب مشاركة الأدوات أو قوارير الماء مع زملاء القسم لمنع انتقال العدوى، وأبرز أن الأطفال المصابين بأمراض مزمنة مثل الربو والحساسية الموسمية يحتاجون إلى متابعة طبية منتظمة مع طبيب الأطفال، خاصة خلال الفترات الانتقالية بين الفصول التي تزداد فيها حدة الأزمات التنفسية.

كما أشار المختص نفسه إلى أن إصابة الأطفال الصغار، خاصة الرضع دون ثلاثة أشهر، بالتهابات تنفسية، مثل التهاب القصيبات، تتطلب استشارة طبية عاجلة وعدم الاكتفاء بالانتظار، لما قد يسببه ذلك من مضاعفات خطيرة.

وتوقف عفيف عند أهمية لقاح الأنفلونزا الموسمية، موضحاً أنه ينصح به ابتداءً من عمر ستة أشهر للأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو، أمراض القلب أو السكري، إضافة إلى كبار السن فوق 65 سنة، وأكد أن هذا اللقاح، الذي يبدأ توفيره عادة مطلع أكتوبر، آمن ولا يسبب أعراضاً جانبية خطيرة، كما أنه متاح بثمن في حدود 120 درهماً وقابل للاسترجاع عبر التغطية الصحية.

المصدر: هسبريس

شاركها.