تشهد الولايات المتحدة منذ عودة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض توتراً متصاعداً في العلاقة بين إدارته ووسائل الإعلام التقليدية، في استمرار لمسار الصدام الذي طبع ولايته الأولى، غير أن التطورات الأخيرة تعكس منحى أكثر صرامة، إذ ترافقت اتهاماته الدائمة للإعلام مع قرارات وإجراءات عملية ضيّقت على عمل الصحافيين وأثارت انتقادات واسعة.
في أحدث تصريحاته، وصف ترامب التغطية الإعلامية التي يعتبرها سلبية تجاهه بأنها “غير قانونية”، موجهاً سهامه خصوصاً لشبكات التلفزة. وقال الرئيس البالغ 79 عاماً: “هم يأخذون قصصاً جيدة جداً ويحولونها إلى سيئة، وأعتقد شخصياً أن هذا غير قانوني”، مكرراً أن 97 في المائة من التغطية في بعض القنوات تأتي ضده. كما لوّح بإمكانية تعليق تراخيص قنوات يرى أنها تستهدفه، في إشارة فسرت على أنها تهديد مباشر لحرية البث.
وفي موازاة ذلك، دافع ترامب عن رئيس هيئة تنظيم البث الأميركية بريندان كار، الذي دخل دائرة الجدل بعد انتقاده الكوميدي جيمي كيميل على خلفية تصريحات تتعلق بالناشط اليميني تشارلي كيرك، وتهديده بفرض عقوبات على القناة الناقلة لبرنامجه. وقد دفعت هذه الضغوط قناة “ABC” إلى وقف عرض البرنامج، ما أثار ردود فعل واسعة، حتى داخل الحزب الجمهوري.
السيناتور تيد كروز، على سبيل المثال، حذّر من خطورة أن تمنح الحكومة لنفسها حق تحديد ما هو خطاب مسموح به وما هو محظور، مؤكداً في الوقت ذاته تقديره لكار.
الجدل لم يتوقف عند حدود الإعلام المرئي، إذ اتسع ليشمل البنتاغون الذي فرض شروطاً جديدة على الصحافيين المعتمدين، تلزمهم بالحصول على موافقة مسبقة قبل نشر أي معلومات تخص الوزارة، مع التهديد بسحب الاعتماد في حال المخالفة.
واعتبر النادي الوطني للصحافة في واشنطن أن هذا القرار يشكل “هجوماً مباشراً على الصحافة المستقلة”، فيما رأت صحيفة “نيويورك تايمز” أنه انتهاك صريح للضمانات الدستورية التي تكفل حرية الإعلام، ومحاولة لإضعاف حق الأميركيين في معرفة أنشطة حكومتهم.
وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي أطلق على وزارته تسمية “وزارة الحرب” بعد تعديل أقره ترامب، دافع عن هذه الإجراءات، وكتب على منصة “إكس”: “لم يعد مسموحاً للصحافة التجول في أروقة منشأة آمنة. ضعوا الشارة واتّبعوا القواعد أو عودوا إلى منازلكم”.
ومنذ توليه منصبه مطلع العام، واجه هيغسيث انتقادات بسبب تقليص مساحة وسائل الإعلام التقدمية داخل البنتاغون لصالح مؤسسات يمينية، كما وُجهت له مآخذ في مارس الماضي بعد أن شارك، عن طريق الخطأ، تفاصيل خطة عسكرية ضد الحوثيين في محادثة جماعية كان من بين أعضائها أحد الصحافيين.
المصدر: هسبريس