أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ715 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
في اليوم الـ187 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد وأصيب العديد من المجوّعين ومنتظري المساعدات نتيجة استهدافهم بنيران الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، في وقت يدعي الاحتلال عمله من أجل توفير “ممرات آمنة” وإتاحة الوصول إلى حمولات المساعدات التي يتم إسقاطها من الجو على القطاع.
وتتزامن هذه الجرائم مع سياسة ممنهجة لتجويع السكان ومنع دخول المساعدات، ما تسبب بوفاة عشرات المدنيين، معظمهم أطفال، جراء سوء التغذية ونقص الخدمات الطبية.
ورغم تصاعد الانتقادات والاتهامات الدولية لإسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” واتباع “سياسة تجويع ممنهجة”، صادق الكابينيت على مخطط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا نحو “احتلال كامل لقطاع غزة”.
وأعلنت الأمم المتحدة، رسميا، المجاعة في غزة، في أول إعلان من نوعه في الشرق الأوسط، وقال خبراؤها إن 500 ألف شخص يواجهون جوعا “كارثيا”. وبعد أشهر من التحذيرات بشأن الوضع الإنساني واستشراء الجوع في القطاع الفلسطيني، أكّد التصنيف المرحلي للأمن الغذائي ومقره في روما، اليوم، أن محافظة غزة التي تغطي نحو 20% من قطاع غزة، تشهد مجاعة.
تصعيد واسع للقصف الجوي الإسرائيلي الذي استهدف عمارات سكنية غربي مدينة غزة، وأسفر عن سقوط المزيد من الشهداء بين المدنيين والنازحين.
جيش الاحتلال بدأ سلسلة هجمات واسعة على مدينة غزة، فيما قال مسؤول أمني إسرائيلي إنها ستشتدّ تباعا، وذلك ضمن عمليّته الوشيكة في المدينة، والذي يهدف من خلالها إلى احتلالها، فيما استشهد وأُصيب العشرات من الأهالي، بالغارات المتواصلة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه الجوي والمدفعي العنيف لمختلف أنحاء القطاع، ما يوقع عشرات الشهداء والجرحى يوميًّا. وترافق القصف مع تحذيرات جديدة لسكان مدينة غزة لإجبارهم على النزوح القسري جنوبًا، حيث شوهدت أعداد كبيرة من الفلسطينيين وهم يفرّون إما سيرًا على الأقدام وإما عبر المركبات والعربات التي تجرها الدواب.
وفي بيان متجدد صباح الجمعة، كرّر جيش الاحتلال إنذاراته لسكان مدينة غزة، معلنًا فتح مسار مؤقت عبر شارع صلاح الدين حتى ظهر اليوم، وطالب السكان بالالتزام بالتحرّك فقط عبر الشوارع التي حددها، وباتباع تعليمات قواته المنتشرة على طول الطريق؛ فيما يرفض مئات الآلاف الانصياع لأوامر الاحتلال بالتحرك نحو الجنوب، بسبب المخاطر على امتداد الطريق والظروف القاسية ونقص الغذاء في المنطقة الجنوبية والخوف من التهجير الدائم.
على الصعيد الإنساني، أفادت وزارة الصحة في غزة، أمس الخميس، بتسجيل 4 وفيات جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة، بينهم طفل، ليرتفع عدد ضحايا الجوع إلى 435 شهيدًا، منهم 147 طفلًا. وبيّنت الوزارة أنّ 157 حالة وفاة سُجّلت منذ إعلان المجاعة رسميًا من قبل (IPC)، في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات منذ أكثر من ستة أشهر.
دوليًا، فشل مجلس الأمن، مساء الخميس، في تمرير مشروع قرار لوقف إطلاق النار بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو للمرة السادسة منذ بدء الحرب، فيما ثمّنت حركة حماس مواقف الدول العشر التي قدّمت المشروع، داعية إلى استمرار الضغط على “حكومة مجرم الحرب نتنياهو” وفتح مسار المحاسبة في محكمة الجنايات الدولية.
وفي السياق ذاته، علّقت إسرائيل إدخال المساعدات القادمة من الأردن إلى القطاع، بعد عملية إطلاق نار عند معبر الكرامة (الملك حسين أللنبي) أسفرت عن مقتل إسرائيليين اثنين. وبررت سلطات الاحتلال قرارها بتغيير إجراءات تفتيش السائقين الأردنيين، فيما حذّرت أوساط إنسانية من تفاقم الكارثة وسط المجاعة الممتدة منذ عامين.
ارتفاع حصيلة الضحايا
أعلنت مصادر طبية، يوم الجمعة، ارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة إلى 65,174 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 166,071، في حين ما يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأكد وصول 33 شهيدا، أحدهم تم انتشاله، و146 مصابا إلى مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/ مارس الماضي بعد خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار 12,622 شهيدا، و54,030 مصابا.
وأوضحت أن حصيلة من وصل إلى المستشفيات من شهداء المساعدات خلال الساعات الـ24 الماضية بلغت شهيدا واحدا، و17 مصابا، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات إلى 2,514، والإصابات إلى 18,431.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد 3 مواطنين، بينهم اثنان من طالبي المساعدات، إثر تواصل استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المواطنين في قطاع غزة.
وأفادت مصادر طبية، بأن شهيدين من طالبي المساعدات ارتقيا بنيران قوات الاحتلال جنوب قطاع غزة، فيما استشهد ثالث في قصف استهدف محيط شارع 5 شمال مدينة خان يونس.
كما استشهد مواطن، وجرح آخرون، في قصف اسرائيلي استهدف نقطة شحن جوالات قرب مسجد القسام بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وفي غزة، استشهد 8 مواطنين وأصيب آخرون، في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة دغمش في حي الصبرة جنوب المدينة.
وفي السياق، أصيب عدد من المواطنين بجروح، إثر قصف مدفعية الاحتلال حيي تل الهوا والشيخ رضوان بمدينة غزة، فيما أطلق الطيران المروحي نيرانه بشكل مكثف شمال خان يونس.
وأكدت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة، بأن 44 مواطنا استشهدوا منذ فجر اليوم، نتيجة استمرار قصف واستهداف الاحتلال لمناطق متفرقة من القطاع.
استشهد وأصيب عدد من المواطنين بنيران وقصف الاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق في قطاع غزة منذ فجر يوم الجمعة.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد طفلين إثر غارة للاحتلال على خيمة تؤوي نازحين غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأضافت المصادر، أن مواطنا استشهد وأصيب آخرون في قصف طائرات الاحتلال محيط مسجد البلد القديم بدير البلح، كما استشهد مواطن وأصيب آخرون إثر قصف طائرة مسيّرة محيط دوار أبو صرار غرب مخيم النصيرات وسط القطاع.
وأصيب عدد من المواطنين في قصف مدفعي للاحتلال محيط مفترق السوسي في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، فيما نسف الاحتلال منازل في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة.
15 من كل 16 فلسطينيا قتلتهم إسرائيل في مدينة غزة كانوا مدنيين
أكّد تقرير صحافيّ أن نحو 15 من كل 16 فلسطينيا قتلهم الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة، منذ آذار/ مارس الماضي، كانوا مدنيين.
واستنادا إلى بيانات جمعتها منظمة “أكليد” المستقلة لتتبع الصراعات المسلحة، قالت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية، مساء الجمعة، أن نحو 15 من كل 16 فلسطينيا قتلهم الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة منذ تصعيد عملياته العسكرية في آذار/ مارس الماضي “كانوا مدنيين”.
ومع استئناف إسرائيل الإبادة في غزة اعتبارا من 18 آذار/ مارس الماضي، قتل جيشها 12 ألفا و622 فلسطينيا وأصاب 54 ألفا و30 آخرين، بحسب بيان لوزارة الصحة بالقطاع، دون تعيين عدد الشهداء من مدينة غزة بالتحديد.
لكن “أكليد” ذكرت أن إسرائيل نفذت أكثر من 3 آلاف و500 غارة جوية على قطاع غزة، خلال الأشهر الستة الماضية، أسفرت عن استشهاد أكثر من 9 آلاف و500 شخص، غالبيتهم من المدنيين، إضافة إلى ما لا يقل عن 40 قائدا، وعنصرا رئيسيا في حماس.
وذكرت “ذي غارديان” أن معدل وفيات المدنيين الوارد في تقرير “أكليد”، هو “أعلى المعدلات المسجلة خلال الصراع، وسيزيد من الضغط الدولي على إسرائيل مع تقدم قواتها إلى مدينة غزة”.
وأضافت الصحيفة أن تقرير المنظمة أشار إلى أن معدل هدم المباني في غزة، قد “زاد بشكل ملحوظ منذ آذار/ مارس” أيضا.
وتعد “أكليد”، جهة رصد عالمية مستقلة تهتم بجمع وتحليل بيانات بشأن النزاعات والصراعات المسلحة حول العالم.
وبين 11 آب/ أغسطس الماضي، وحتى 13 أيلول/ سبتمبر الجاري، دمر الجيش الإسرائيلي بشكل كامل أو بليغ، أكثر من 3600 بناية وبرج في مدينة غزة، فيما دمر نحو 13 ألف خيمة تؤوي نازحين، وفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ومنذ إقرار الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيسها بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون شخص، في 8 آب/ أغسطس الماضي؛ يواصل الجيش الإسرائيلي شن هجوم واسع على مدينة غزة، شمل تدمير منازل وأبراج وممتلكات المواطنين وخيام النازحين، وقصف مستشفيات، وتنفيذ عمليّات توغّل.
وخلّفت الحرب على غزة 65 ألفا و174 شهيدا و166 ألفا و71 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 440 شخصا،بينهم 148 طفلا.
الأونروا: تكلفة النزوح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع تبلغ 3180 دولارا
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، يوم الجمعة، إن تكلفة النزوح من مدينة غزة إلى جنوب القطاع تبلغ 3180 دولارا وسط اكتظاظ المساحات لإقامة خيام وعدم حصول المواطنين على أي دخل.
وأضافت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تدوينة على منصة شركة “إكس”، أن “تكلفة النزوح في مدينة غزة تحت العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة تبلغ 3180 دولارا”.
وأوضحت أن “أجرة النقل تكلف 1000 دولار، وشراء خيمة عائلية 2000 دولار، وتأجير قطعة الأرض التي تقام عليها الخيمة 180 دولارا”.
وتابعت الوكالة الأممية أن ذلك يأتي وسط “شح في الوقود، ومنع إمدادات الملاجئ التابعة للأونروا منذ ما يقارب 7 أشهر” جراء الحصار الإسرائيلي المشدد.
ولفتت إلى أن “المساحات مكتظة أصلا ويصعب العثور على أماكن لإقامة الخيام بعد ما يقرب من عامين من الحرب، إضافة إلى أن الفلسطينيين في غزة لا يحصلون على أي دخل”.