
«لجنة المعلمين»: الفرق بين الاسلام كدين و «الاسلام السياسي»
رشا عوض
الاسلام كدين هو مرجعية عقدية واخلاقيةوملاذ روحي لجميع المسلمين الذين يعبدون الله بشعائر معلومة ومفصلة، وهو رافد رئيس في تكوين الهويات الثقافية والحضارية للمسلمين ، اقول الهويات لا الهوية عن قصد! اذ ان تفاعل المسلمين مع الاسلام ومناهج استخلاصهم لمحتواه القيمي ومقاصده العليا متعددة تبعا لاختلاف الازمنة والامكنة والبيئات الاجتماعية ، ففي جانب ” المعاملات” الذي يشمل الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية الافكار الاسلامية متعددة ، بل ان التعدد والاختلاف لم يستثن حتى العبادات في بعض التفاصيل ولكن بدرجة اقل من المعاملات.
بهذا المعنى فإن الاسلام بحر كبير عمقا واتساعا.
” الاسلام السياسي” هو عدد من الايدولوجيات السياسية التي تغترف من ذلك البحر الكبير قدرا يسيرا من مياهه وتصبها في قوارير ضيقة وبطبيعتها قابلة للصدأ وتدعي ان الاسلام هو تلك القوارير ممثلة في تنظيمات سياسية ايدولوجية تسعى لاحتكار السلطة السياسية في المجتمع بادعاء كذوب! وهو ان التنظيمات السياسية ذات الايدولوجية الاسلاموية هي تنظيمات ” فوق انسانية” لها تفوق مطلق وغير مشروط على ما سواها من تنظيمات سياسية اخرى ، وسبب التفوق هو انها تجسد الاسلام كدين! في حين ان هذه التنظيمات الاسلاموية مثلها مثل بقية التنظيمات السياسية تجسد افكار ومصالح وخيارات انسانية نسبية في صوابيتها ولكن يتم تغليفها بالدين وتحصينها من النقد والمساءلة والمعارضة على اساس ان الاختلاف معها هو عداء مطلق للدين من حيث هو! وعبر استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس يتم الحشد السياسي لصالح هذه التنظيمات ذات الطبيعة الدنيوية! وهذا اسوأ انواع الكذب والتدليس الذي يتعارض مع القيم الاخلاقية وبالضرورة مع القيم الاسلامية!
وامعانا في التدليس والتضليل يروج انصار الاسلام السياسي لفكرة ان لا فرق بين معارضة ” الاسلام السياسي” ومعارضة الدين الاسلامي من حيث هو!
المطابقة بين الاسلام كدين والاسلام السياسي اشبه ما تكون بادعاء جماعة انها نجحت في صناعة وعاء يكفي لاحتواء مياه البحر فتحول البحر الى حفرة يابسة لانه انتقل بالكامل الى ذلك الوعاء الاسطوري!!
جماعات الاسلام السياسي ولا سيما نسختنا السودانية ، كذابة ومحتالة وبارعة في اللصوصية! لم يكتفوا بسرقة السلطة والموارد الاقتصادية بل سرقوا ” مصحفنا الشريف” سرقوا اسلامنا لتحويله الى مجرد ماركة تجارية لتسويق سياسي فاسد لم يقدم الى حياتنا اي قيمة مضافة سواء مادية او رمزية ! بل قدم لنا العنف والحروب والفساد والمذلة واكبر استثماراته كانت في زراعة الكراهية والفرقة بين ابناء الوطن الواحد!
المصدر: صحيفة التغيير