أصدر محمد البوشوكي، دكتور في القانون العام، كتابا باللغة الفرنسية بعنوان “استقلالية المجلس الأعلى للحسابات وترسيخ الحكامة الجيدة بالمغرب”، يشير فيه إلى أن “هذه الاستقلالية ليست امتيازا شخصيا للقاضي، بل ضمانة مؤسساتية لتحقيق الحياد والموضوعية”.

وأشار ملخص الكتاب إلى أن “مفهوم الحكامة الجيدة، الذي تتبناه الهيئات الدولية كمرجعية لإصلاح الدولة، يرتكز أساسا على النظرية الاقتصادية للمقاولة كما طورها الباحث ويليامسون، حيث يضع التعاون في صلب عوامل النجاعة وترشيد الكلفة، لينقل الاهتمام من الكيان الفردي المتمثل في المنظمة إلى الإطار المؤسساتي والتعاوني الذي تحتضنه”.

وأوضح الملخص أن “تطبيق هذا التصور يسهل في المجال السياسي كلما كانت تجربة المجتمع المدني في الممارسة الديمقراطية متقدمة، أما في البلدان النامية التي لا يُحترم فيها سوى الجانب الشكلي من الديمقراطية، فإن استمرار أنماط الحكم patrimonial يعقد الانتقال نحو نموذج الحكامة، كما أن الضغط الخارجي من طرف المانحين لا يفي بالغرض إذا لم تتطور المؤسسات داخليا ولم تُرسخ أخلاقيات المرفق العمومي”.

وورد ضمن المعطيات ذاتها أنه لكي تكتسب المؤسسات مكانتها وتحظى بالاحترام، “لا بد أن تستند إلى الشرعية، وهو ما يقتضي أن تنخرط الدولة وباقي الفاعلين في بناء بيئة مؤسساتية تستجيب لمصالحهم المشتركة من جهة، وتدبر اختلافاتهم من جهة أخرى”، وأنه “لا يمكن الحديث عن حكامة جيدة إلا بوجود إرادة سياسية قوية لدى القيادة، مقترنة بأخلاقيات فعلية في تدبير الشأن العام”.

وأكد الكتاب أن “المغرب، بكل مكوناته من مجتمع مدني ومنظمات غير حكومية وأعضاء الحكومة والمنتخبين والجامعيين ورجال الأعمال والمغاربة المقيمين بالخارج، كان أمام تحدٍّ إلى غاية سنة 2015، يتعلق بتحديد أي استراتيجية شاملة ينبغي تبنيها لتحقيق أهداف الألفية للتنمية والحكامة الجيدة”.

وفي هذا السياق، أوضح ملخص الكتاب أن “الديمقراطية والحكامة الجيدة والحرية تبقى شعارات فارغة إذا لم ترافقها إرادة سياسية طموحة وحاسمة تضمن حياة عامة يتطلع إليها الجميع”، فيما يعالج هذا العمل “مسألة تقييم نظام الرقابة القضائية على المالية العمومية بالمغرب، بما يشمل الإطار القانوني ومدى استقلالية الهيئة التي تمثل هذه الرقابة، أي المجلس الأعلى للحسابات”.

وجاء ضمن ملخص الكتاب أن “السنوات الأخيرة عرفت تحديثا وتقوية لهذه المؤسسة الدستورية، حيث أصبحت استقلاليتها ووسائل عملها في موقع متقدم وفق معايير المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (INTOSAI)، ويُنتظر منها اليوم أن تُغني تقاريرها السنوية بمزيد من التفصيل حول مضمون ونتائج أعمالها”.

وبالتوازي مع ذلك، أكد البوشوكي أن”المجالس الجهوية للحسابات شهدت تطورا مهما؛ إذ إن إدماجها في المشهد الإداري المغربي بدا ناجحا من خلال الأحكام الأولى والتحقيقات المتوازنة التي أنجزتها”، مضيفا أن “دراسة الرقابة القضائية على المالية العمومية بالمغرب، في ارتباطها بترسيخ الحكامة الجيدة، تسعى إلى قياس مستوى الاستقلالية الفعلية للمجلس الأعلى للحسابات إزاء السلطة المركزية، ومدى التنسيق بين البعد المركزي والبعد الجهوي”.

وشدد ملخص الكتاب على أن “هذه المؤسسة العليا للرقابة المالية تحاول أن تعزز الحكامة الجيدة من أجل إعادة الاعتبار لدولة الحق، عبر دعم ركائزها الأساسية المتمثلة في الديمقراطية التشاركية، ومحاربة الفساد، والشفافية، وإدارة عمومية مرنة”.

المصدر: هسبريس

شاركها.