أكد مسؤولان إسرائيليان لشبكة “سي إن إن” بدء شن عملية برية على مدينة غزة بهدف احتلالها وتطابقت التصريحات مع ما ذكره موقع “أكسيوس” أمس عن الهدف من هذه العملية.
نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر أمنية إسرائيلية قولهم أن أعداد الفلسطينيين الذين غادروا مدينة غزة، حتى الآن “يتيح” للجيش بدء العملية البرية.
وقال المسؤولون: “الجيش الإسرائيلي لن يتمكن من توفير مقومات الحياة لنحو مليوني نازح في المنطقة الإنسانية وسط غزة”.
ووصفت شبكة “سي إن إن” هذه العملية البرية الجديدة للجيش الإسرائيلي بتصعيد وتيرة الحرب وتحدي الإدانات الدولية والرفض الحاد من عائلات الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى “حماس”.
وذكر موقع “أكسيوس” يوم أمس: “القوات الإسرائيلية شرعت في عملية برية من أجل احتلال مدينة غزة”.
كما نقل الموقع عن المصادر ذاتها قولها إن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الولايات المتحدة تدعم العملية الإسرائيلية في مدينة غزة، لكنها تريد تنفيذها بسرعة.
وكانت مدينة غزة قد شهدت مساء الاثنين، هجوما إسرائيليا واسع النطاق، تركز في مناطق شمال شرق وشمال غرب المدينة، وسط قصف مدفعي كثيف ونيران برية مصحوبة بقنابل مضيئة.
وأوضح مراسلنا أن صدى الانفجارات وصل لأكثر من 100 كم، فيما أفادت “يسرائيل هيوم” بأن دوي الانفجارات الضخمة في غزة سمع في تل أبيب.
وأكد مصدر في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية أن العملية ما تزال في بدايتها، مشيرا إلى أن الجيش لديه “مجموعة كبيرة من الأهداف”، على حد وصفه.
من جانبها، ذكرت شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي أن ما يجري هو بداية عملية قوية متواصلة تشمل نيرانا متنوعة ضد أهداف وُصفت بالإرهابية، وسط استعدادات متواصلة لتنفيذ خطة أوسع قد تشمل احتلال مدينة غزة.
إلى ذلك، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”مساء الاثنين، أن الاستعدادات للمرحلة البرية اكتملت مساء السبت، وتم بالفعل تجميع مئات الآليات الهندسية حول القطاع قبل دخولها إلى العمل.
ووفقا للصحيفة، يتعلق الأمر بشكل أساسي بكتائب نظامية، وفي ضواحي المدينة، مثل أحياء الزيتون في الجنوب والشيخ رضوان في الشمال، حيث تعمل كتائب من الجيش الإسرائيلي بالفعل لتمكين دخول الألوية إلى غرب المدينة.
ويتزامن ذلك مع مغادرة حوالي 300 ألف فلسطيني حتى الآن مدينة غزة باتجاه الجنوب، ومن المتوقع أن ينزح العديد غيرهم، وفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، عندما يرون الدبابات وناقلات الجند المدرعة تدخل الأحياء الغربية للمدينة.
بدأ الجيش الإسرائيلي العملية “الأساسية” ضمن هجومه للسيطرة على مدينة غزة موسعا تقدمه برا نحو وسطها، بحسب ما أفاد مسؤول عسكري الثلاثاء غداة إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو دعما كاملا لاسرائيل لتحقيق أهدافها في قطاع غزة، فيما دان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء توسيع إسرائيل لعمليتها البرية في مدينة غزة، معتبرا أنه “غير مقبول إطلاقا”، ومطالبا بوضع حد “للمذبحة”.
وقال تورك لوكالتي فرانس برس ورويترز إن “العالم كله يصرخ من أجل السلام. الفلسطينيون والإسرائيليون يصرخون من أجل السلام. الجميع يريدون أن يتم وضع حد لذلك وما نراه هو تصعيد إضافي غير مقبول على الإطلاق”. وأضاف “من الواضح تماما بأن على هذه المذبحة أن تتوقف”.
يأتي ذلك في يوم اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة خلال الحرب التي بدأت عقب هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتعرّضت مدينة غزة فجر الثلاثاء لقصف إسرائيلي عنيف ومكثف، بحسب ما أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي للصحافيين “ما بدأناه الليلة الماضية هو الخطوة الأساسية نحو مدينة غزة”، مشيرا الى الجيش يقدّر وجود ما بين ألفين الى ثلاثة آلاف مقاتل من حماس في المدينة.
وأكد أن القوات تتقدم نحو وسط المدينة التي تعرّضت لقصف إسرائيلي مكثّف على مدى الأسابيع الأخيرة.
أوضح “الليلة الماضية، انتقلنا الى المرحلة التالية، المرحلة الأساسية من خطة” الجيش للسيطرة على المدينة، مضيفا “وسّعت قيادة المنطقة الجنوبية العملية البرية في المعقل الأساسي لحماس في غزة، وهو مدينة غزة”.
وقال وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن مدينة غزة “تحترق” مشيرا الى أن الجيش “يضرب البنى التحتية للإرهاب بقبضة من حديد، ويقاتل الجنود بشجاعة لتهيئة الظروف أمام إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس. لن نتوقف ولن نتراجع حتى ننجز مهمتنا”.
وزار روبيو إسرائيل عقب أيام من استهداف الدولة العبرية قادة حماس في الدوحة. وهو حذّر قبيل توجهه الى قطر الثلاثاء بأن أمام حماس “مهلة قصيرة جدا” لقبول اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال للصحافيين “بدأ الإسرائيليون تنفيذ عمليات هناك (غزة). لذلك نعتقد أن أمامنا مهلة قصيرة جدا للتوصل إلى اتفاق. لم يعد أمامنا أشهر، قد تكون أياما، أو بضعة أسابيع”.
وتحوّل معظم مدينة غزة إلى أنقاض بعد نحو عامين من الضربات الإسرائيلية.
وقال أحمد غزال، أحد سكان المدينة، “هناك قصف كثيف بشكل كبير على مدينة غزة لم يهدأ والخطر يزداد”.
وأضاف الشاب البالغ 25 عاما والذي يقيم قرب ساحة الشوا أنّه فجر الثلاثاء “سمعنا صوت انفجار هزّ الأرض بشكل مرعب”، مشيرا إلى أنّ الجيش الإسرائيلي “استهدف مربّعا سكنيا يضمّ منازل العديد من العائلات (…) لقد دمّرت ثلاثة منازل بشكل كامل”.
وأكّد أنّ “أغلب المنازل التي دمّرت حتى الآن مأهولة بالسكّان… وعدد كبير من المواطنين تحت الأنقاض ويصرخون”.
من جهته، قال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، لفرانس برس إنّ “القصف ما زال مستمرا بشكل كثيف على مدينة غزة وأعداد الشهداء والإصابات في ازدياد”.
وأفاد بأن 27 شخصا قتلوا الثلاثاء في القطاع المحاصر والمدمّر، معظمهم في مدينة غزة التي فر منها السكان بأعداد كبيرة منذ أسابيع.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة والصعوبات في الوصول إلى العديد من المناطق من دون تمكّن فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني أو الجيش الإسرائيلي.
– “إبادة جماعية” –
وكان الجيش كثّف القصف على مدينة غزة في الأسابيع الأخيرة، ودمّر عددا من المباني المتعددة الطبقات بذريعة أن حماس تستخدمها لغايات عسكرية.
وتنفي الحركة الفلسطينية ذلك.
وكان تكثيف الهجوم الإسرائيلي أثار مخاوف على مصير المحتجزين الإسرائيليين في القطاع. وأكد منتدى عائلات الرهائن في بيان في بيان إنهم “يشعرون بالرعب” على أقاربهم، معتبرين أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو “يبذل قصارى جهده لضمان عدم التوصل إلى اتفاق ومنع عودتهم”.
واضطرت غالبية سكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، الى النزوح مرة واحدة على الأقل، في ظل الدمار الواسع الذي لحق بالقطاع المحاصر. كما تسببت الحرب بأزمة انسانية كارثية وصلت حد إعلان الأمم المتحدة في آب/أغسطس المجاعة في عزة.
وخلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة الى أن إسرائيل ترتكب “إبادة جماعية” هدفها “القضاء على الفلسطينيين”.
وقالت رئيسة اللجنة لفرانس برس “خلصنا إلى أن إبادة جماعية تحدث في غزة ولا تزال جارية، وأن المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل”.
وأشار تقرير للجنة الثلاثاء الى أن السلطات الاسرائيلية ارتكبت “أربعة من الأفعال الخمسة” التعريفية للإبادة الجماعية وفق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي “قتل أعضاء من الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة”.
ورفضت الخارجية الإسرائيلية “رفضا قاطعا هذا التقرير المشوه والخاطئ”، داعية الى “حلّ لجنة التحقيق هذه فورا”. واتهمت معديه بالعمل “كوكلاء لحماس”، وبأنهم “معروفون بموافقهم العلنية المعادية للسامية”.
– طمأنة الدوحة –
وفي جنيف، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء إن الهجوم الاسرائيلي الذي استهدف قادة من حماس في قطر يهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
وحضّ على “المحاسبة عن عمليات القتل خارج نطاق القانون”.
وأتت زيارة روبيو الى إسرائيل عقب هجوم غير مسبوق شنّته الدولة العبرية في التاسع من أيلول/سبتمبر، كان الهدف منه اغتيال قادة الصف الأول في حركة حماس خلال اجتماعهم في الدوحة لمناقشة مقترح أميركي جديد للهدنة.
وأثار الهجوم على قطر التي تضم أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة، انتقادات نادرة من دونالد ترامب بحق حليفته إسرائيل. وتعهد ترامب الاثنين بأن إسرائيل “لن تضرب قطر” مجددا.
وصباح الثلاثاء، وصل روبيو الى قطر حيث التقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني.
وكان روبيو أشار قبيل مغادرته إسرائيل، الى أن قطر هي الوحيدة القادرة على التوسط بشأن غزة.
وقال متحدّثا عن القطريين “من الواضح أن عليهم تقرير ما إذا كانوا يريدون القيام بذلك بعد ما حصل الأسبوع الماضي أم لا، لكننا نريد منهم أن يعلموا أنه إذا كانت هناك دولة في العالم يمكنها المساعدة في إنهاء هذا عبر مفاوضات فهي قطر”.
وفي الدوحة، دعت قمة عربية-إسلامية طارئة عُقدت للبحث في الهجوم الإسرائيلي على قطر إلى “مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية” مع إسرائيل، مطالبة في بيانها الختامي “جميع الدول باتخاذ كافة التدابير القانونية (…) لمنع إسرائيل من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني”.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا في الدولة العبرية، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا للأرقام الرسمية.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة بحياة ما لا يقل عن 64905 أشخاص، معظمهم أيضا من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ومن جهته استهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، مثوله أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم الفساد الموجهة ضده، بالإعلان عن بدء الجيش “هجوما مكثفا” على مدينة غزة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن نتنياهو قوله في قاعة المحكمة: “بدأنا عملية مكثفة في مدينة غزة”.
ويأتي ذلك بالتزامن مع هجوم إسرائيلي عنيف على مدينة غزة، حيث عاش الفلسطينيون ليلة دامية قُتل خلالها 35 شخصًا، فيما أصيب وفُقد آخرون، وسط قصف جوي ومدفعي مكثف، وتفجير روبوتات مفخخة لنسف منازل ومبانٍ سكنية شمال غربي المدينة.
وصباحا، مثل نتنياهو مجددا أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم الفساد الموجهة ضده.
ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات فساد معروفة بالملفات “1000” و”2000″ و”4000″ الأكثر خطورة، حيث قدم المستشار القضائي للحكومة سابقا أفيخاي مندلبليت، لائحة الاتهام المتعلقة بها نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
ويتعلق “الملف 1000” بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة.
فيما يُتهم نتنياهو في “الملف 2000” بالتفاوض مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية (خاصة) أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.
أما “الملف 4000” فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع “واللا” الإخباري العبري شاؤول إلوفيتش، الذي كان أيضا مسؤولا بشركة “بيزك” للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.
وبدأت محاكمة نتنياهو في تلك القضايا عام 2020، وهو ينكر صحة التهم الموجهة إليه، ويدعي أنها “حملة سياسية تهدف إلى الإطاحة به”.
وإضافة إلى محاكمته محليا، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر 2024 مذكرة باعتقال نتنياهو بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و905 شهداء، و164 ألفا و926 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة قتلت 425 فلسطينيا بينهم 145 طفلا.