01:43 م


الإثنين 15 سبتمبر 2025

البحيرة أحمد نصرة:

لم يعد فناء مدرسة زقزوق الإعدادية، التابعة لإدارة شبراخيت التعليمية بمحافظة البحيرة، مجرد ساحة رملية أو إسمنتية يتجمع فيها الطلاب، بل تحول إلى بستان صغير ينبض بالحياة. أشجار الجوافة والرمان والتين والبرتقال واليوسفي تتدلى منها الثمار، في مشهد أقرب إلى لوحة فنية تُبهج العين وتزرع الأمل في النفوس.

مع إطلاق مبادرة زراعة الأشجار المثمرة داخل المدرسة، وجد المشروع طريقه إلى الأرض فأزهرت الشتلات وأثمرت. لم يكن الأمر مجرد نشاط عابر، بل مشروع حياة تبنته الأسرة المدرسية بكل تفاصيلها. المدير والوكيل وعدد من المعلمين غرسوا بأيديهم شتلات الفاكهة، وحرصوا على متابعتها يومًا بعد يوم، حتى جاءت المكافأة سريعًا حين امتلأت الأغصان بالثمار اليانعة، لتؤكد أن الجهد لم يذهب هباء.

يقول سمير طعيمة، مدير المدرسة: “كنا نؤمن أن هذه التجربة ليست مجرد زراعة أشجار، بل غرس قيم في قلوب طلابنا. أردنا أن يشعروا بمعنى أن تبذل جهدك وترى ثماره أمام عينيك، وهذا ما تحقق بالفعل.”

وأوضح أن الاستفادة من الثمار تتم في إطار منظم، حيث يقوم مدرس التربية الزراعية بتحرير محضر “تذوق” للطلاب، ليصبح المحصول جزءًا من العملية التعليمية، مشددًا على أن الهدف يتجاوز الثمار إلى بناء وعي طلابي بقيمة العمل والإنتاج والاعتناء بالبيئة.

رئة صغيرة للبيئة

في وقت يشتد فيه الحديث عن تغير المناخ وأهمية الحفاظ على البيئة، جاءت هذه التجربة لتكون درسًا عمليًا في أن حماية الكوكب تبدأ من أبسط الخطوات، من شجرة تُزرع في ساحة مدرسة. لم تكن الأشجار مجرد ديكور يزين المكان، بل صارت رئة صغيرة تتنفس منها المدرسة، أوراقها تنقي الهواء وتمنح الظل وتلطف الجو، فتجعل من الفناء مساحة أكثر جمالًا وراحة للطلاب.

قيمة مضاعفة

ويضيف مدير المدرسة: “لأنها أشجار مثمرة، فإن قيمتها مضاعفة؛ فهي لا تمنح الجمال والظل فقط، بل تقدم ثمارًا يستفيد منها الطلاب مباشرة، فيتحول الفناء إلى مصدر إنتاج حقيقي.”

وعلى عكس الأشجار العادية التي تقتصر فائدتها على المظهر الجمالي، تمثل هذه الزراعة استثمارًا في الأرض وفي عقول الطلاب معًا، إذ تعلّمهم أن كل جهد يُبذل يمكن أن يثمر خيرًا يعود بالنفع على المجتمع.

مشاركة وفخر جماعي

لم يكن الطلاب وحدهم من شعروا بالفخر، بل المدرسون الذين رأوا في التجربة انعكاسًا لمعنى المشاركة والمسؤولية، فيما اعتبر أولياء الأمور أن المدرسة لم تعد مكانًا للتعليم فقط، بل صارت ساحة حياة تعلم أبناءهم قيم الانتماء والعمل الجماعي.

يقول معلم التربية الزراعية بالمدرسة: “حين يلمس الطالب التربة بيديه ويرى الشجرة تكبر أمامه، فإن الدرس يبقى في ذاكرته عمرًا كاملاً. لا شيء يوازي فرحة الطلاب وهم يتابعون ثمار الجوافة وهي تكتمل نضجًا.”

واختتم مدير المدرسة حديثه مؤكدًا: “ما تحقق في زقزوق يمكن أن يتحقق في كل مدرسة. إذا حولنا كل فناء إلى حديقة صغيرة، سنزرع الأمل في قلوب أبنائنا قبل أن نقطف الثمار من الأشجار.”

شاركها.