أثار البيان المشترك الصادر عن المجموعة الرباعية الدولية  «الولايات المتحدة الأمريكية، جمهورية مصر العربية، المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة » في 12 سبتمبر الجاري حول استعادة السلام والأمن في السودان الكثير من الجدل توزّع بين الأمل و الإحباط، أو ربما يدفع في تغيير حياة السودانيين نحو الأفضل أو يمضي كغيره من بيانات الرباعية السابقة دون أن ينعكس على واقع وحياة السودانيين.

 كمبالا : التغيير ــ فتح الرحمن حمودة

و كانت هناك ردود فعل واسعة من مختلف القوى السياسية والمدنية والشبابية إضافة إلى تفاعل لافت في منصات التواصل الاجتماعي، فالبيان الذي شدد على وحدة السودان ورفض الحل العسكري وضرورة التوصل إلى تسوية سياسية تقود إلى حكم مدني اعتبره مراقبون خطوة محورية يمكن أن تمهد لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

و دخل السودان منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023 دوامة من الحرب التي خلفت أزمة إنسانية هي الأكبر في تاريخه الحديث حيث نزح الملايين داخل البلاد وخارجها فيما تعاني مناطق مثل الفاشر وكادوقلي من حصار خانق وأوضاع إنسانية متدهورة.

محاولات عديدة

وعلى الرغم من محاولات عديدة لوقف إطلاق النار عبر مسار جدة ومبادرات إقليمية ودولية أخرى ظل النزاع مستعرا بسبب تعنت الأطراف المتحاربة وتعدد التدخلات الخارجية، و في هذا السياق جاء بيان الرباعية كجزء من جهود متواصلة للضغط على الأطراف المتصارعة والدفع نحو حل سياسي شامل.

و رحب حزب الأمة جناح مبارك الفاضل بالبيان، معتبرا أنه «موقف مسؤول ومتوازن» يعكس إدراك المجتمع الدولي لحجم الكارثة الإنسانية، وأكد الحزب دعمه الكامل لسيادة السودان ووحدته ورفضه القاطع لأي حل عسكري، مُرحبا بالدعوة إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تمهيداً لوقف دائم لإطلاق النار،  وشدد الحزب على أن مستقبل الحكم يجب أن يكون مدنيا ديمقراطيا بعيدا عن هيمنة القوى المتحاربة والجماعات المتطرفة.

أما الشبكة الشبابية السودانية لإنهاء الحرب والتأسيس للتحول المدني الديمقراطي فقد رحبت بالبيان وعدته «خطوة بناءة على طريق وقف الحرب» وأكدت على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة خصوصا الفاشر وكادوقلي ورأت أن وقف العدائيات في هذه المناطق يمكن أن يشكل بداية عملية نحو تسوية أشمل.

سيادة ووحدة السودان

من جهته قال التجمع الاتحادي إن تأكيد البيان على سيادة ووحدة السودان يمثل أساسا ضروريا لحل الأزمة مشيدا بتوصيفه لدور جماعة الإخوان المسلمين في إشعال الحرب وطالب التجمع بآليات واضحة من اجتماع وزراء خارجية الرباعية المزمع انعقاده نهاية الشهر لممارسة ضغط جاد على الأطراف المتحاربة.

و بدوره رحب حزب الأمة القومي بالبيان مؤكدا أنه يشكل مدخلا عمليا لإنهاء الحرب وتحقيق السلام المستدام ودعا الحزب أطراف النزاع إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والاستجابة للنداءات المحلية والدولية بالعودة إلى طاولة الحوار.

كما اعتبر حزب المؤتمر السوداني أن ما ورد في البيان خطوة مهمة نحو وقف الحرب التي دمرت البلاد مشددا على أن أي مسار سياسي يجب أن ينطلق من إنهاء الحرب ومواجهة آثارها الإنسانية الكارثية.

أما الحزب الجمهوري فثمن ما ورد في البيان بشأن الهدنة الإنسانية مؤكدا أن الحل الحقيقي لأزمة السودان يمر عبر إبعاد الجيش عن السياسة ومنع استغلال الدين فيها.

خارطة الطريق

وفي الاتجاه نفسه أعلن التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود» دعمه الكامل لخارطة الطريق التي طرحتها الرباعية والتي تبدأ بهدنة إنسانية لثلاثة أشهر يعقبها وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية تقود إلى سلطة مدنية بدعم شعبي واسع.

و لم يقتصر التفاعل مع بيان الرباعية على الأحزاب والقوى المدنية بل امتد إلى فضاء التواصل الاجتماعي حيث عبر ناشطون ومدونون عن آرائهم.

و كتب أحمد عبد الوهاب أن البيان ممتاز ويدعم الحل السلمي موضحا أنه وضع رؤية واضحة تبدأ بوقف إطلاق النار لثلاثة أشهر ثم تسعة أشهر لعملية سياسية شاملة تنتهي بحكومة مدنية انتقالية.

أما حسام الدين حيدر فرأى أن البيان كشف غرف الاستخبارات والكيزان وأبواق الحرب مؤكدا أن رفض أي مسار لإنهاء الحرب لا يأتي سوى من الأطراف العسكرية المتشبثة بالسلطة.

وكتب محمد حسن أن كل الشعب السوداني يرحب ببيان الرباعية معتبرا أنه يطوي صفحة خطاب الكراهية.

فيما عبرت هند عوض عن تطلعها إلى أن يسهم البيان في التخفيف عن أهلنا ومداواة جراح الوطن وجمع شمل الأسر المفقودة والرحمة للشهداء.

و بحسب مراقبون يبقى البيان الرباعي الذي حظي بترحيب واسع من مختلف القوى السياسية والمدنية السودانية خطوة مهمة في مسار معقد ومفتوح على تحديات كبيرة.

و بينما توحدت المواقف على تأييد مبادئ وقف الحرب والدعوة لحكم مدني تظل قدرة المجتمع الدولي على ممارسة ضغط حقيقي على الأطراف المتحاربة شرطا لازما لتحويل هذه المبادئ إلى واقع ملموس.

إنهاء الحرب

أما على مستوى الشارع فإن أصداء البيان تكشف تعطش السودانيين لإنهاء الحرب وبدء مسار سياسي جديد يحقق شعارات ثورة ديسمبر في الحرية والسلام والعدالة.

والجمعة ، أصدرت دول الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) بيانًا مشتركًا بشأن السودان، دعت فيه إلى هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر تتيح وصول المساعدات دون عوائق إلى جميع المناطق المتأثرة بالحرب.

وأكد البيان أن هذه الهدنة ينبغي أن تمهد الطريق إلى وقف دائم لإطلاق النار، يعقبه مسار انتقالي مدته تسعة أشهر يقود في نهايته إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة تستند إلى قاعدة شرعية واسعة.

وشددت الرباعية في بيانها على أنه “لا حل عسكريًا للأزمة السودانية”، معتبرة أن استمرار القتال يفاقم معاناة المدنيين ويهدد الأمن الإقليمي.

كما طالبت بوقف أي دعم خارجي للأطراف المتحاربة، مؤكدة على سيادة السودان ووحدة أراضيه، وأن مستقبل الحكم يجب أن يقرره السودانيون أنفسهم، رافضة في الوقت نفسه منح دور مهيمن للجماعات المتطرفة المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

 

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.