ندد المركز المغربي لحقوق الإنسان بطرد مدرسة الأخوين بإفران لـ16 تلميذا، معتبرا الخطوة “جريمة تربوية وإنسانية” و”انتهاك” لحق دستوري أصيل، وطالب بفتح تحقيق قضائي في الخروقات المسجلة بالمؤسسة، كما طالب بافتحاص مالي وبيداغوجي شامل للمدرسة.
وكانت مجموعة من الأسر قد فوجئت بإشعارات من إدارة المؤسسة تفيد بحرمان أبنائها من الدراسة، نتيجة اعتراضهم على الزيادة المفاجئة في رسوم التدريس التي وصلت في بعض الحالات إلى 200%، بالإضافة إلى اعتراضهم على طريقة تدبير المؤسسة، وهو الخبر الذي كانت نشرته جريدة “العمق” بشكل حصري.
وقال المركز، في بيان، إن طرد هؤلاء التلاميذ، يعد “جريمة تربوية وإنسانية تمس كرامة الأسر ومستقبل الأطفال”، وطالب النيابة العامة بفتح بحث قضائي حول الخروقات المسجلة بالمؤسسة، بما في ذلك الشبهات الأخلاقية وتضارب المصالح التي تضرب في الصميم مبادئ الحكامة التربوية.
ودعا المصدر ذاته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل في هذه الفضيحة، مع ترتيب المسؤوليات الإدارية والقانونية اللازمة، مطالبا بعزل المدير الحالي للمدرسة، الذي “أثبتت ممارساته الاستعلائية والعسكرية أنه غريب عن البيئة التربوية المغربية وقيمها، وتعويضه بإطار تربوي وطني كفؤ”.
https://www.youtube.com/watch?v=rUJhyuAh1c
وحث المركز المغربي لحقوق الإنسان على ضرورة إجراء افتحاص مالي وبيداغوجي شامل للمؤسسة، لتوضيح وضعيتها القانونية والمالية، وحماية حقوق الأسر وأبنائها من أي تعسف.
ونبه إلى إن غياب الرقابة المالية والبيداغوجية على المؤسسة “يمثل خطرا مضاعفا، حيث يمكن أن تتحول واجبات التمدرس الباهظة إلى مصدر تمويل غير شفاف، خارج كل الضوابط التي يخضع لها التعليم بالمغرب”.
وشدد على أن الحق في التعليم “حق دستوري مقدس، لا يمكن أن يخضع لمنطق الابتزاز المالي أو النزوات الإدارية”، معتبرا “المساس بمستقبل أطفال أبرياء بهذا الشكل الفج هو مؤشر خطير على تغول منطق التجارة على حساب الرسالة النبيلة للتربية والتعليم”.
ودعا إلى ضرورة الاحتكام إلى القانون في معالجة أي خلاف مع الأسر، عبر المساطر القضائية أو المجالس المختصة، و”ليس عبر العقاب الجماعي للأطفال، الذين لا يجوز أن يتحملوا وزر نزاعات بين أوليائهم والإدارة”.
ووصف الاستناد إلى “الحفاظ على جودة التعليم” كمبرر لطرد 16 تلميذاً بـ”مغالطة قانونية وأخلاقية”، قائلا إن “الجودة لا تبنى بالإقصاء والانتقام، وإنما بالالتزام بالمعايير البيداغوجية المعتمدة والرقابة المؤسساتية واعتماد المقاربة التشاركية في إدارة الخلافات”.
اقرأ أيضا: طرد جماعي لـ16 تلميذا من مدرسة الأخوين.. والآباء: القرار سببه ضابط سابق في المارينز
ونبهت الهيئة الحقوقية إلى “خطورة” أن هذه المؤسسة لا تحظى بأي اعتراف رسمي من وزارة التربية الوطنية ولا من وزارة التعليم العالي، كما لا تدرج ضمن البعثات التعليمية الأجنبية المعتمدة بالمغرب”.
وأشار المركز إلى أن شهادات متطابقة للأسر المحتجة تثير قلقا بالغا بشأن سلوكيات بعض أفراد الطاقم التربوي الأجنبي، المتهمة بتشجيع “الانحلال الأخلاقي” “وسط غياب شبه تام للرقابة، فضلا عن تضارب المصالح الذي يطال الإدارة، حيث يتولى المدير، وهو ضابط سابق في المارينز الأمريكية، مهاما متناقضة، من بينها الترويج لمؤسسة أجنبية تديرها زوجته، في تجاوز سافر لكل قواعد النزاهة والشفافية”.
وكان وزير العدل السابق المصطفى الرميد قد عبر عن تضامنه “مع أولياء التلاميذ الستة عشر الذين طردهم الأمريكي المارينزي من مدرسة تابعة لجامعة الأخوين بمدينة افران”، قائلا في تدوينة على “فيسبوك”: “كل التضامن مع الدكتور الفاضل يوسف أبوعبد الله وزوجته الدكتورة إيمان المخلوفي وباقي الأولياء”.
اقرأ أيضا: مدرسة الأخوين تخرج عن صمتها وتقدم روايتها بشأن واقعة الطرد الجماعي لـ16 تلميذا
واعتبر الوزير السابق أنه من واجب وزارة التربية الوطنية أن تبعث عاجلا لجنة للبحت والتحري في الموضوع، وفرض احترام حق الأطفال في الدراسة والتعليم، مشددا على ضرورة تحرك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ممثلا في اللجنة المعنية بحقوق الطفل، من أجل القيام بواجب الحماية اللازمة.
وتابع قوله: “مهما كان شأن الآباء، لا يجوز معاقبة الأبناء عما يمكن أن ينسب إلى الآباء عن حق أو باطل”، معتبرا أن الذي وقع في هذه المدرسة “تجاوز كبير، وتعسف بليغ، ينبغي وضع حد له، عاجلا غير آجل”.
وكان الآباء قد اعترضوا على ما اعتبروه “زيادة غير مبررة”، مشيرين إلى أن الرسوم المالية التي يؤدونها تفوق بكثير المستوى التعليمي والخدمات المقدمة داخل المدرسة”، كاشفين أن القرار اتخذ بشكل فردي من طرف مدير المدرسة دون الرجوع إلى مجلس الإدارة الذي يشمل رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ.
اقرأ أيضا: الرميد يدخل على خط طرد مدرسة الأخوين لـ16 تلميذا بإفران ويطالب وزارة التعليم بتحرك عاجل
وأكد أولياء الأمور أن قرار الطرد استهدف بشكل ممنهج أبناء أعضاء الجمعية، على الرغم من دفعهم الرسوم كاملة، مضيفين أن المدير، “إيمانويل لاكوست Emmanuel Lacoste”، فرض الزيادة تحت ما وصفوه بالتهديد والابتزاز، وهو ما اعتبروه تضييقا على حقوقهم المشروعة في المطالبة بتحسين جودة التعليم وضربا لحق الأطفال في التمدرس.
المثير للجدل أن المدير المعني، الذي تم استقدامه منذ عامين من قبل رئيس جامعة الأخوين، لا يحمل الجنسية المغربية، وهو شرط أساسي لتولي منصب مدير مدرسة مغربية عمومية غير ربحية ذات طابع خاص، وفق المادة 10 من المرسوم رقم 2.00.1016 الصادر بتاريخ 7 يونيو 2000.
كما أشار أولياء الأمور إلى أن “لاكوست” يفتقر للكفاءة العلمية والتربوية اللازمة، وأنه كان محل انتقادات واسعة أثناء عمله في مدارس بالولايات المتحدة، حيث تم فصله بعد سلسلة شكايات ضده قبل انتقاله إلى المدرسة بإفران.
وأوضح المصدر ذاته أن المدير، الذي وُصف بأنه “قائد عسكري سابق في المارينز” و”يحب الحرب”، يتصرف بأسلوب تسلطي مع الأطفال والأساتذة والأهالي، ما أدى إلى مغادرة عدد من الأساتذة الأجانب الأكفاء، وإلى توسيع دائرة الاستياء بين الأسر التي لجأت بعضها للقضاء ضد المدرسة والجامعة.
كما أشاروا إلى سلوكيات مثيرة للقلق، منها ترويج المدير لتجارب عسكرية سابقة له أثناء اجتماعاته مع التلاميذ، وغيابه المتكرر بسبب إدارة مؤسسة أخرى في الولايات المتحدة، حيث يشغل منصب مدير مدرسة “رولينج هيلز” الدولية في كاليفورنيا، إضافة إلى زوجته التي تعمل كمديرة للقبول في نفس المؤسسة، وهو ما اعتبروه تضارب مصالح قد يؤثر على سلامة المدرسة وإدارتها.
جدير بالذكر أن مدرسة الأخوين “ASI” أوضحت أن الإجراءات التي اتخذتها قبل نحو ستة أشهر بحق سبع أسر من أولياء الأمور جاءت “نتيجة خروقات متكررة للنظام الداخلي للمؤسسة”، نافية ضمن بيان توضيحي توصلت به جريدة “العمق”، أن تكون تلك القرارات ذات طابع تعسفي أو شخصي.
وأوضحت المدرسة أن “المخالفات المرتكبة من طرف هذه المجموعة تمثلت في سلوكيات وصفتها بالمقلقة، من بينها ممارسة الترهيب بحق الأساتذة والطاقم الإداري، مما تسبب في استقالة أربعة مدراء وعدد من الأساتذة، إضافة إلى محاولات ضغط متكررة لتجاوز صلاحيات الإدارة في قضايا تتعلق بتسيير المدرسة واختياراتها التربوية والبيداغوجية”.
وأضافت المؤسسة أن “هذه التصرفات لم تقتصر على الطاقم التربوي، بل طالت أيضا أسر تلاميذ آخرين، وصلت أحيانا إلى حد المضايقة بحق الأطفال أنفسهم”، مشيرة إلى أن “إدارة المدرسة حاولت على مدى سنوات احتواء الوضع عبر الحوار، لكنها اصطدمت بما وصفته بتصعيد مستمر وعدوانية متزايدة من قبل الأسر المعنية”.
واعتبرت مدرسة “ASI” أن “قرار مطالبة هذه الأسر بتسجيل أبنائها في مؤسسات تعليمية أخرى جاء بعد استنفاد جميع محاولات التفاهم”، لافتة إلى أن “الحفاظ على استقرار البيئة التعليمية وجودة التعليم لأكثر من 250 تلميذا وأسرهم يمثل أولوية قصوى”.
وأشارت إلى أن “النزاع مع هذه المجموعة من الأسر تم عرضه على القضاء، حيث تم رفع 49 دعوى ضد المؤسسة، لم يُحسم لصالح أي منها حتى الآن، في حين ما تزال قضيتان رائجتين أمام المحاكم”.
المصدر: العمق المغربي