هجوم الدوحة وخطر الرقص على رؤوس الأفاعي
تاج السر عثمان بابو
1
جاءت الضربة الإسرائيلية على قادة حماس في الدوحة لتؤكد خطر الرقص على رؤوس الأفاعي، واستمرار إسرائيل في انتهاك الأعراف الدولية بالهجوم على دولة ذات سيادة، وجد الإدانة من المجتمع الدولي. مع تبعات الضربة وأثرها على المفاوضات مع إسرائيل حول الهدنة في غزة والرهائن ومسار التطبيع مع إسرائيل.
تمت الضربة رغم أن قطر تعتبر حليفاً وصديقاً قوياً للولايات المتحدة، كما أشار ترامب. تستضيف قطر قاعدة “العديد” العسكرية الأمريكية التي تعتبر الركيزة لأمن إسرائيل والمصالح الأمريكية في المنطقة، مما يؤكد أن الرقص على رؤوس الأفاعي قاتل في النهاية، فهذا التحالف والصداقة لم يكن عاصماً لقطر من الضربة العسكرية الإسرائيلية. رغم كل الخدمات التي قدمتها لأمريكا ولترامب في زيارته الأخيرة لقطر، إذ خرج منها بصفقات تجارية واقتصادية تقدر بـ1.5 تريليون دولار وطائرة رئاسية فاخرة هدية لترامب قيمتها 400 مليون دولار.
2
فجر الهجوم التناقضات المكتومة والعلانية بين أمريكا وإسرائيل
إذ رأى بعض المسؤولين في واشنطن أن الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على قطر يعد مسألة بالغة الحساسية بالنسبة إلى علاقة الولايات المتحدة بقطر، التي تستضيف قاعدة العديد الجوية، وهي الأكبر لواشنطن.
إضافة إلى أن الرئيس الأمريكي في العام 2022 أشار إلى تصنيف دولة قطر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).
فضلاً عن عند عودة ترامب إلى البيت الأبيض، كانت قطر ضمن جولته الخليجية، وقدمت له الدوحة طائرة فاخرة من طراز “بوينغ 7478” ليستخدمها كطائرة رئاسية.
في حين أعلنت الرئاسة الأمريكية أن مبعوث ترامب أبلغ قطر مسبقاً بالهجوم الإسرائيلي، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن الاتصال الذي أجراه “أحد المسؤولين الأمريكيين جاء خلال سماع دوي صوت الانفجارات الناتجة عن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة”.
وفي تقريرها، نقلت “سي إن إن” عن مراقبين قولهم إن قطر “ستعتبر الهجوم الذي شنه أقرب حليف لأمريكا في الشرق الأوسط “خيانة” لها بعد سنوات من العمل على تعزيز أولويات الدبلوماسية الأمريكية، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في صفقات تتجاوز المنطقة”.
رغم أن قطر ساعدت إدارة ترامب في التوسط لإبرام اتفاقيات سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأرمينيا وأذربيجان. كما ساعدت الدوحة في تحرير رهائن أمريكيين في فنزويلا وروسيا.
من آثار الضربة ازدادت صورة ترامب تضرراً كحليف
وأثارت الضربة الإسرائيلية حملة إدانة من قبل كثير من دول العالم، بداية من حلفاء واشنطن وحتى خصومها.
فضلاً عن أن الضربة أثارت “الشكوك حول الضمانات الأمنية التاريخية التي قدمتها الولايات المتحدة لحلفائها في الخليج”، وفقاً لتقرير وكالة “أسوشيتد برس”.
وقال التقرير إن مسؤولي قطر “اعتقدوا” بأن تصنيف الدوحة حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو، واستضافتها قاعدة العديد الجوية، سوف “يمنحها غطاءً” أمنياً من إسرائيل.
3
الضربة الإسرائيلية لقطر حليفة واشنطن تحذير من أي خطوات مستقلة تأخذها دول الخليج في علاقاتها الدولية، وتوسيع لضربات إسرائيل الجوية في المنطقة التي شملت سوريا، العراق، الأردن، لبنان، اليمن، وأخيراً قطر. إضافة لتصفية الوفد الذي يفاوضها ليحل محله وفد ضعيف تملي عليه شروطها في تصفية القضية الفلسطينية وتشريد شعب غزة.
لقد أكدت الضربة عن فقدان إسرائيل لصوابها بعد المعارضة الدولية الواسعة لمخططها في تصفية القضية الفلسطينية وإبادة وتهجير شعب غزة وحصاره وتجويعه في أبشع عملية غير انسانية، وأكدت أن إسرائيل دولة مارقة التي سارعت إلى تبنّي هجماتها على الدوحة، “مؤكدة أنها استهدفت قادة بارزين من الحركة، في عملية أُطلق عليها اسم “قمة النار”.
وأخيراً أكدت الضربة أنه لا يمكن الوثوق في أمريكا التي تتقلب مصالحها، فرغم ما قدمته قطر لأمريكا إلا أن ذلك لم يعصمها من الضربة العسكرية التي وجدت الإدانة العالمية الواسعة.
المصدر: صحيفة التغيير