أمد/ برلين: أثار خطاب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عاصفة سياسية في ألمانيا بعد إعلانها عن نيتها طرح حزمة من الإجراءات العقابية ضد إسرائيل، تشمل فرض عقوبات شخصية على عدد من الوزراء الإسرائيليين وتعليقا جزئيا لاتفاقية التجارة الشاملة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
هذا الإعلان، الذي نقل عن خطابها الأخير، أحدث جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية الألمانية، وتحديدا داخل التحالف السياسي الذي تنتمي إليه فون دير لاين نفسها.
وتصدر هذا الجدل مواقف متشددة من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، الشريك التقليدي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، حيث هاجم عدد من قادته المقترح بشدة.
ألكسندر هوفمان، رئيس كتلة CSU في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، صرح قائلا: “التخلي عن إسرائيل ليس خيارا مطروحا لألمانيا. آمل أن تتراجع رئيسة المفوضية عن بيانها”، مشددا على أن الضغوط الأحادية الجانب على إسرائيل لا تقرب السلام بل تخدم مصالح حماس، على حد وصفه.
وأضاف: “نعم، من الممكن انتقاد الأصدقاء، لكن لا يجوز فرض عقوبات عليهم.”
وتعد مواقف حزب CSU ذات وزن سياسي كبير، خاصة في ظل قرب الانتخابات. فهو من أبرز الأصوات المؤيدة لإسرائيل في المشهد السياسي الألماني، ومعارضته لهذه الإجراءات تضعف احتمالات تبني الحكومة الألمانية لمبادرات العقوبات الأوروبية.
من جانبه، اتخذ المستشار الألماني فريدريش ميرتس موقفا أكثر حذرا. ففي تصريحاته، أكد عدم حدوث أي تحول جوهري في سياسة بلاده تجاه إسرائيل، مشيرا إلى التزام ألمانيا بدعم إسرائيل كـ”واجب تاريخي”. إلا أنه لم يغلق الباب تماما أمام مقترحات فون دير لاين، موضحا أنه سينتظر نتائج النقاشات في مجلس الاتحاد الأوروبي والمشاورات داخل الحكومة الألمانية.
ويذكر أن النظام الداخلي للحكومة الألمانية ينص على الامتناع عن التصويت في بروكسل في حال عدم التوصل إلى توافق داخل الائتلاف الحاكم، وهو ما يبدو مرجحا في ظل الانقسام الواضح.
فالائتلاف الحاكم في برلين منقسم بوضوح: الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الشريك الرئيسي لحزب ميرز في الحكومة، يدفع باتجاه موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، ويؤيد مواقف فون دير لاين.
في المقابل، يتبنى CDU موقفا حذرا ومتوازنًا. أما CSU، فقد رسم خطا أحمر واضحا، رافضا لأي إجراءات عقابية ضد إسرائيل.
ووفقا لتقارير مختلفة فأنه في هذا السياق، تبدو فرص تمرير الإجراءات المقترحة ضئيلة. فتعليق جزئي لاتفاقية التجارة مع إسرائيل يحتاج إلى أغلبية مؤهلة داخل الاتحاد الأوروبي، بينما تتطلب العقوبات على الوزراء الإسرائيليين إجماع الدول الأعضاء وهو أمر غير وارد في ظل انقسام ألمانيا، التي تمثل مفتاحا لأي قرار أوروبي بهذا الحجم.