أمد/ واشنطن: كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية يوم الجمعة، أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” رفض تنفيذ خطة لاستخدام عملاء على الأرض لاغتيال قادة حماس، وفقا لإسرائيليين اثنين مطلعين على الأمر تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة هذه المسائل الحساسة.
وأشارت المصادر إلى أن “الموساد” رغم ذلك رفض تنفيذ خطة وضعها، في الأسابيع الأخيرة، لاستخدام عملاء على الأرض لاغتيال قادة “حماس”، مما أجبر إسرائيل على شن الغارة الجوية ، التي أخفقت خلالها إسرائيل في اغتيال قادة الحركة الفلسطينية في الدوحة.
وقالت المصادر، إن من أهم دوافع رفض رئيس “الموساد” ديفيد برنياع، اغتيال مسؤولي “حماس” في قطر بواسطة عملاء، أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يدمر العلاقة التي بناها مع القطريين، الذين كانوا يستضيفون “حماس” ويتوسطون في محادثات وقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل.
كما أوضحت المصادر، أن تحفظات الموساد بشأن العملية البرية أثرت في نهاية المطاف على كيفية تنفيذ الضربة، وربما على احتمال نجاحها، وعكست معارضة أوسع داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للهجوم الذي أمر به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وعكست هذه التصريحات معارضة أوسع نطاقاً داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية للهجوم الذي أمر به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال مصدر مطلع على تفاصيل العملية للصحيفة إنه “حتى الآن، يرفض المسؤولون الإسرائيليون مشاركة تقييماتهم لنتيجة الضربة علناً، رغم أنه في أعقاب العملية مباشرة، بدا الأمر وكأن إسرائيل لم تحصل على من تريد”.
وتقول الصحيفة إنه “في حين يتفق مسؤولو الأمن الإسرائيليون على نطاق واسع على أنه يجب في نهاية المطاف ملاحقة وقتل جميع قادة حماس، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في الخارج، فإن كثيرين تساءلوا عن توقيت العملية”.
وبحسب الصحيفة، فإن ذلك مرده إلى “أن مسؤولي حماس كانوا يجتمعون في قطر، الحليف الرئيس للولايات المتحدة، وأن هؤلاء المسؤولين كانوا يدرسون اقتراحاً من الرئيس دونالد ترامب لتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل وقف إطلاق النار في حرب غزة”.
وذكرت الصحيفة أنه “بدلاً من نشر عملاء الموساد، لجأت إسرائيل يوم الثلاثاء إلى خيار ثانوي وهو إرسال 15 طائرة مقاتلة أطلقت 10 صواريخ من مسافة بعيدة، في الوقت الذي أكدت فيه حماس أن الغارة الجوية لم تقتل كبار قادتها، بمن فيهم خليل الحية”.
وبينما يتفق مسؤولون أمنيون إسرائيليون على نطاق واسع على ضرورة ملاحقة جميع قادة حماس، بمن فيهم المقيمون في الخارج، واستهدافهم في نهاية المطاف، شكك كثيرون في توقيت العملية، نظراً لاجتماع مسؤولي حماس في قطر من أجل مناقشة اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
وقالت حماس إن الغارة الجوية لم تسفر عن مقتل مسؤولين كبار، بمن فيهم نائب رئيسها خليل الحية.
وأضافت أن الهجوم أسفر عن مقتل عدد من أقارب ومساعدي وفدها، إضافة إلى ضابط قطري.
بالمقابل، رفض المسؤولون الإسرائيليون حتى الآن الإفصاح علناً عن تقييماتهم للنتيجة، مع أنه في أعقاب العملية مباشرةً، بدا أن “إسرائيل لم تحصل على ما أرادت”، وفقاً لشخص مطلع على تفاصيل العملية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
كذلك فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت العملية البرية ستحظى بفرصة أكبر للنجاح، مع الإشارة إلى أنه في العام الماضي، زرع عملاء الموساد قنبلة في غرفة نوم زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، مما أدى إلى اغتياله.
وقال أحد الإسرائيليين المطلعين على الأمر: “هذه المرة، لم يكن الموساد مستعداً للقيام بذلك على الأرض”، مضيفاً أن الجهاز اعتبر قطر وسيطاً مهماً في المحادثات مع حماس.
خلال عام أو عامين أو أربعة أعوام
في حين شكك إسرائيلي آخر، مُطّلع على معارضة الوكالة، في توقيت نتنياهو. وقال في إشارة إلى إمكانية اغتيال قادة حماس سراً في أي مكان بالعالم: “يمكننا اغتيالهم خلال عام أو عامين أو أربعة أعوام من الآن، والموساد يعرف كيف يفعل ذلك. لماذا نفعل ذلك الآن؟”.
وقال محللون للصحيفة ذاتها، إن نتنياهو، الذي يتجه نحو غزو بري كامل لمدينة غزة، ربما فقد صبره إزاء مفاوضات وقف إطلاق النار.
أيضاً رأى ديفيد ماكوفسكي، الباحث البارز في معهد واشنطن، أن مدير الموساد ديفيد برنيا يؤمن بقيمة الوساطة القطرية، لذلك ربما يكون نتنياهو قد قرر الذهاب إلى غزة معتقداً أن آخر مقترحات ترامب التفاوضية بشأن إطلاق سراح الرهائن لم تحظ بأي دعم من حماس فاعتبر مسار المفاوضات عائقاً غير مُجدٍ أمام اتخاذ إجراءات ميدانية.
مؤيدون ومعارضون
يذكر أنه وإلى جانب برنياع، اعترض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الذي حثّ نتنياهو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار، على توقيت الضربة خشية عرقلة المفاوضات.
بينما وافق وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير الدفاع الإسرائيل كاتس على خطوة نتنياهو بالمضي قدما، وفقا لأحد الإسرائيليين المطلعين على الأمر.
كما لم يُدعَ نيتسان ألون، الضابط الكبير في الجيش الإسرائيلي المسؤول عن مفاوضات الأسرى، إلى اجتماع عُقد يوم الاثنين لمناقشة عملية الدوحة، لأن كبار القادة السياسيين افترضوا أنه سيُعرب عن معارضته لضربة قد تُعرّض حياة الأسرى للخطر.
إلى ذلك، قال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون، بمن فيهم نتنياهو، إنهم دُفعوا لشن الغارة الجوية على قادة حماس في قطر الثلاثاء الماضي، لتوفر فرصة نادرة لهم، إذ كان قادة رئيسيون في الحركة التي تقف وراء هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل متواجدين في مكان واحد.
وأضافوا أنهم اضطروا أيضا للرد على هجوم شنّه مسلحون فلسطينيون يوم الاثنين، وأسفر عن مقتل 6 مدنيين إسرائيليين في القدس، والذي أعلنت حماس مسؤوليتها عنه، وعلى كمين في غزة أسفر عن مقتل 4 جنود إسرائيليين في اليوم نفسه.