ندّد مجلس الأمن الدولي، في بيان صدر الخميس، بالهجوم الجوي الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة مؤخراً، مؤكداً على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، لكنه تجنّب الإشارة المباشرة إلى إسرائيل باعتبارها الجهة المنفذة للغارة. وقد حظي البيان بموافقة جماعية من الأعضاء الخمسة عشر، بمن فيهم الولايات المتحدة الحليف الأوثق لتل أبيب، وهو ما عُدّ مؤشراً على حساسية التوازنات السياسية داخل المجلس.
البيان الذي صاغته بريطانيا وفرنسا شدّد على “أهمية احترام سيادة قطر وسلامة أراضيها”، معبّراً عن تضامن الدول الأعضاء مع الدوحة، وداعياً في الوقت ذاته إلى “إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن، بمن فيهم من قُتلوا على يد حماس، وإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية المستمرة في غزة”.
وكانت الغارة الإسرائيلية قد استهدفت اجتماعاً لقيادات من حركة حماس داخل مجمع سكني في شمال الدوحة في التاسع من سبتمبر، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص، من بينهم نجل القيادي البارز خليل الحية وأربعة من مرافقي الوفد، إضافة إلى أحد عناصر الأمن القطري. وأثار الهجوم موجة غضب واسعة واعتُبر سابقة خطيرة تمس أمن دولة تستضيف مقار دبلوماسية ومنظمات دولية.
في المقابل، نقلت القناة 12 العبرية عن تقييم أمني إسرائيلي أن “معظم القادة المستهدفين نجوا من الضربة”، وبينهم خليل الحية وخالد مشعل، ما يعكس – بحسب محللين – محدودية الأهداف المحققة مقارنة بالتداعيات السياسية الكبيرة التي خلفها الهجوم.
من جانبها، أعربت قطر عن “امتنانها العميق” للدول والمنظمات التي سارعت إلى إدانة ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي”، معتبرة أن التضامن الدولي الواسع معها يعكس خطورة استهداف المدنيين والبنية التحتية في عاصمة عربية مستقرة.
ويرى مراقبون أن موقف مجلس الأمن، رغم إدانته للهجوم، يكشف عن انقسام غير معلن بين القوى الكبرى: فمن جهة، تسعى واشنطن ولندن وباريس إلى حماية إسرائيل من انتقادات مباشرة قد تفرض عزلة دبلوماسية عليها؛ ومن جهة أخرى، يصرّ أعضاء آخرون مثل روسيا والصين على ضرورة تحميل تل أبيب المسؤولية الكاملة عن التصعيد.
ويُرجّح أن يدفع الهجوم إسرائيل إلى مواجهة ضغوط متزايدة، ليس فقط من الدول العربية والإسلامية، بل أيضاً من أطراف دولية تخشى من تحول استهداف قطر إلى سابقة يمكن أن تقوّض قواعد القانون الدولي. كما أن استهداف قيادات حماس خارج نطاق غزة يعكس اتجاهاً جديداً في الاستراتيجية الإسرائيلية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مواجهة أوسع ذات أبعاد إقليمية معقّدة.