أمد/    في يوم السبت الموافق 6 سبتمبر، تحولت ساحة “أتوميوم” الشهيرة في بروكسل إلى مسرح نابض بالحماس والتضامن.. حيث توافد عشرات الآلاف من الإيرانيين وأنصار المقاومة من مختلف أنحاء أوروبا للمشاركة في أكبر تجمع من نوعه في القارة، احتفالاً بالذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.. وقد عجت الساحة بالأعلام الوطنية الإيرانية وهتافات متوهجة تطالب بإسقاط النظام وفي مشهد يعكس الوحدة والأمل ترددت صيحات الجماهير المطالبة بإنهاء الدكتاتورية وإقامة الديمقراطية معلنة رسالة واضحة للعالم مفادها أن: البديل الديمقراطي بقيادة السيدة مريم رجوي، وبدعم دولي واسع أصبح أقوى من أي وقت مضى.

خارطة طريق لمستقبل إيران

وسط هتافات الحشود الحماسية صعدت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قِبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إلى المنصة لتلقي خطاباً ملهماً شكل جوهر هذا الحدث العالمي.. وقد بدأت كلمتها بالقول: “ستون عاماً من النضال المتواصل مرت، في مواجهة دكتاتوريتين: نظام الشاه ونظام الملالي”، وأوضحت أن سر استمرارية مجاهدي خلق يكمن في مبدأين أساسيين: الاستقلال السياسي والمالي، والسعي لإعادة السيادة إلى الشعب الإيراني بدلاً من السعي إلى السلطة.. وقد قدمت السيدة رجوي برنامجاً شاملاً لمستقبل إيران؛ موضحة مهام الحكومة المؤقتة بعد إسقاط النظام، والتي تشمل خطة من عشر بنود من أبرزها: إجراء انتخابات حرة، إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، تفكيك أجهزة القمع وعلى رأسها الحرس الثوري، ضمان المساواة الكاملة بين الجنسين، منح الحكم الذاتي لكردستان إيران، ومحاسبة مرتكبي جرائم نظامي الشاه والملالي، وختمت خطابها برسالة قوية للغرب: “الحل ليس في الاسترضاء ولا في الحرب بل في تغيير النظام بأيدي الشعب ومقاومته المنظمة.. وقد حان الوقت لإدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب، والاعتراف بحقوق المقاومة الإيرانية”.

دعم عالمي وتأكيد على الحل الثالث

عززت كلمات الشخصيات الدولية رسائل السيدة رجوي.. فقد قال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي السابق في خطاب حماسي: “من أكبر الأكاذيب أنه لا يوجد بديل.. والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بديل منظم وجاهز، وإن التهديد الأكبر للنظام ليس أمريكا بل الشعب الإيراني نفسه”، وحث حلفاء أوروبا على اغتنام الفرصة وفرض عقوبات قاسية على النظام، ومن جانبه رفض جون بركو رئيس مجلس العموم البريطاني السابق بشدة أي بدائل زائفة مثل عودة الشاهنشاهية مؤكداً: “البديل الحقيقي هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”.. كما انتقد غاي فيرهوفستات رئيس وزراء بلجيكا السابق سياسات أوروبا، داعياً إلى تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية وبدء حوار مع المعارضة.

وفي كلمته أضاف باتريك كينيدي عضو الكونغرس الأمريكي السابق بعداً إنسانياً عميقاً حيث وجه تحية لسكان أشرف3 واصفاً النضال من أجل إيران الحرة بأنه “قضية حقوق إنسان عالمية”، وفي لحظة مؤثرة استحضر خطاب عمه الرئيس جون إف كينيدي، وختم كلمته بالفارسية قائلاً: “أنا إيراني” مما أثار تصفيقاً حاراً، وبدوره قدّم أليخو فيدالكوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق والناجي من محاولة اغتيال نظمها النظام؛ قدم شهادة قوية قائلاً للحشود: “أنتم صوت ملايين الإيرانيين، وجودكم هنا هو استفتاء حي”، وتعهد بالبقاء “جندياً فخوراً” في صفوف المقاومة تحت قيادة رجوي حتى تحقيق إيران حرة.

تجمع يتجاوز الأرقام

لم يكن هذا التجمع مجرد حشد للأفراد؛ لا بل كان لوحة فسيفسائية من الأجيال: شباب ولدوا في المنفى يهتفون بحماس من أجل وطن لم يروه، وسجناء سياسيون سابقون يحملون صور رفاقهم الشهداء، وعائلات قطعت آلاف الكيلومترات لتكون جزءاً من هذا اليوم التاريخي.. وترددت الشعارات بلا توقف: “الموت للظالم سواء كان الشاه أو الملا”، “تحيا رجوي”، ويا “جيش الشعب إلى الأمام!”.. لم يكن تجمع “إيران الحرة 2025” في بروكسل مجرد احتفال بل كان إعلاناً سياسياً مدوياً بأن المقاومة الإيرانية بزخمها الشعبي العظيم، وعمقها التاريخي، ودعمها الدولي المتزايد هي القوة الوحيدة القادرة على تحقيق التغيير الديمقراطي في إيران.

 

شاركها.