د. محمد عبدالقادر سبيل

د. محمد عبد القادر سبيل

في الفترة الأخيرة اعتمدت وزارة المالية السودانية سياسة مواكبة سعر الصرف في تحديد قيمة الدولار الجمركي. ولكن واقع الحال لا يجعلنا نتأكد من سعر الصرف الذي يجري اتباع اثره، هل هو الرسمي ام الموازي ام هو منزلة بين المنزلتين؟!.

الثابت هو انه متحرك نحو الاعلى لهاثاً مستمراً وراء سعر الدولار المتصاعد الى ما لا نهاية.
هذا طبعاً من الاسباب المباشرة لزيادة معدلات التضخم والغلاء المطرد الذي ما فتئ يجرجر المواطن نحو الدرك الأسفل من بؤس الحياة والمعيشة الضنكة.
فلماذا كل هذه المطاردات العبثية والتي لا تنتهي؟
الحل بسيط ويتمثل في فرض الرسوم الجمركية وكافة الرسوم على الواردات والصادرات معا بالعملة الصعبة وبقيمة ثابتة.ونقول ذلك لجملة من الاسباب المنطقية:
١. لا الشعب ولا الدولة نستفيدون من حصيلة الصادرات والواردات وانما تذهب معظم فوائدها فقط لجيوب التجار والرأسمالية الطفيلية الا النزر القليل الذي لا يسمن الحكومة ولا يغنبها من جوع كما هو واضح من واقع الحال.
2. الذين يصدرون ويستوردون هم انفسهم الطائفة الباغية التي تستحوذ على العملة الصعبة من جراء حصيلة الصادرات، فما العجب اذا دفعوا رسوم وضرائب تلك الصادرات والواردات بالعملة الصعبة التي يستحوذون عليها رغم انف الحكومة؟
ما معنى ان نساعدهم على استبدال الدولار بالجنيه السوداني حتى نعظم ارباحهم الجهنمية ونزيد طين السوق الاسود بلة؟.

3. الشريحة الاخرى التي تزيد تدهور العملة السودانية هي شريحة المغتربين ..وهؤلاء يحصلون على رواتبهم ودخولهم في الخارج بالعملة الصعبة فما العجب في ان يدفعوا ما عليهم من التزامات جمركية وضريبية بنفس العملة التي يمتلكونها اصلا..؟
4. اين الظلم في ذلك؟ ولماذا نساعدهم على اشعال نار السوق الاسود للدولار حين تأخذ الدولة منهم مستحقاتها بالعملة المحلية البخسة؟ هل مراعاة لظروفهم الصعبة نسمح لهم بتدمير الاقتصاد الوطني وتحويل حياة الشعب السوداني غير المغترب الى جحيم وبؤس؟ هل هذا عدل او منطق؟ هل لهذا مثيل في اي مكان اخر من العالم؟
زبدة القول:
نقترح تحصيل كل الرسوم والجبايات على كل المواطنين والاجانب في الموانئ السودانية البحرية والبرية والجوية بالدولار وليس ما يعادله بالحنيه السوداني ولا مجال لان يحتال علينا الانتهازيون واتباعهم بحجة ضرورة التعامل بالعملة الوطنية لانها رمز السيادة..
هذا افك وضلال.
فالجنيه السوداني لم يعد عملة سيادية ذات قيمة بالمعنى الكامل في ظل انحطاطه المستمر وتزويره الواسع داخل وخارج البلاد وتحديد قيمته بواسطة السوق الاسود. فلنكن صادقين ومخلصين.

وأخيرا..
فإن اعتماد سياسة تحصيل ايرادات الجمارك والرسوم والضرائب عند منافذ الموانئ المختلفة بالعملة الصعبة من شأنه زيادة الاحتياطي النقدي الاجنبي لدى بنك السودان بصورة ضخمة ومن ثم سيؤدي ذلك الى رفع قيمة الجنيه وبمكن الحكومة من استيراد مدخلات الانتاج واقامة الاستثمارات العامة وتحسين خدمات الكهرباء والطرق والعلاج.
والله ولي التوفيق

د. محمد عبد القادر سبيل
خبير اداري وباحث اقتصادي

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.