عبدالحافظ سعد الطيب

 

عبدالحافظ سعد الطيب

“وثيقة قريش” ليست نصًا منشورًا رسميًا أو علنيًا، وإنما وردت عبر تسريبات، شهادات، ومذكرات لقيادات خرجت من تنظيم الحركة الإسلامية السودانية.
سُمِّيت بهذا الاسم في إطار المشروع العربي الإسلامي الذي حاول إعادة صياغة السلطة والهوية في السودان لصالح نخبة محددة.
مضمونها يدور حول:
حصر السلطة والثروة في يد مجموعة معينة (منطقة جغرافية / عرقية بعينها).
إقصاء الهويات الأخرى (إفريقية، نوبية، جنوبية، دارفورية) من مفاصل الدولة.ومن الأرض نفسها
جعل السودان قاعدة لمشروع “العالم الإسلامي” تحت قيادة الحركة الإسلامية، لكن وفق مركزية ضيقة أشبه بـ “قريش جديدة”.
علاقة المشروع العربي الإسلامي بالوثيقة

الوثيقة ارتبطت بما سُمّي المشروع الحضاري العربي الإسلامي، الذي كانت الخرطوم أحد مراكزه في التسعينيات.
المشروع هدفه الأساس: جعل السودان قاعدة استراتيجية للتمدّد نحو إفريقيا (خصوصًا القرن الإفريقي، تشاد، وأفريقيا الوسطى).
لذلك جرى ربط السودان بالمشروع العربي (من بعض الدوائر الخليجية والمشرقية) عبر الإسلاميين، لكنه عمليًا لم يكن مشروعًا جامعًا بقدر ما هو مشروع نخبوي محددة تحت غطاء إسلامي.
علاقة تنظيم الحركة الإسلامية بالوثيقة القرشية
القيادات الإسلامية السودانية (خاصة جناح الإنقاذ بعد 1989) هي التي تبنّت الوثيقة عمليات في إدارة الدولة.
الوثيقة تفسّر لماذا:
تم إقصاء الجنوبيين حتى قبل الانفصال.
همِّشت مناطق دارفور، الشرق، وجبال النوبة.والشمال
جرى تمكين أبناء مناطق محددة في الجيش، الأمن، الاقتصاد، الإعلام.
كثير من الإسلاميين الذين انشقوا (مثل الطيب زين العابدين، المحبوب عبد السلام، وآخرين) أشاروا إلى أن هذا المشروع كان عنصريا محض في جوهره، وأنه جعل الإسلام مجرد غطاء شرعي للسلطة.
البعد الأخطر
الوثيقة عمليًا حولت الحركة الإسلامية من مشروع “ديني عالمي” إلى أداة قبلية/طبقية.
“وثيقة قريش” المرجع الخفي الذي يفسّر العنف المستطير واستدعاء فكرة آكلي اكباد البشر وتحوّل الحركة الإسلامية في السودان من شعار “الأمة الإسلامية” إلى واقع “الاسلاعروبين “.
هذا بدوره فجّر الصراعات التي نشهدها اليوم (حروب الهامش ضد المركز الاسلاعروبي ).
الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية الا يجب محاكمتهم فكريا وجنائيا وضعهم في عزل كرتينة في صحراء بيوضة
“وثيقة قريش” ليست مجرد ورقة، بل عقلية/مشروع حكمت الحركة الإسلامية في السودان.
العلاقة بينهما علاقة تبنّي وتنفيذ، حيث كانت الحركة هي الأداة التنفيذية لهذا المشروع، الذي وُظف فيه الدين والشعارات الإسلامية كغطاء.
فكرة وثيقة قريش وكيف تحولت عبر الزمن إلى أدوات جديدة مثل الدعم السريع. دعونا نربط الخيوط:
سنكتشف هذا العنف المستطير اتجاه المكونات الإفريقية
والعمل على تهجير هم من الأرض
العلاقة بين مشروع قريش والدعم السريع
الفكرة الأصلية (وثيقة قريش)
جوهر الوثيقة إعادة تكوين دولة قريش العربية
المشروع العربي الإسلامي
حصر السلطة في المركز (المثلث النيلي العرواسلامي ).
استخدام العرب/البدو/الصحراويين كقوة صدامية لحماية المشروع وإقصاء المكونات الإفريقية في دارفور والجبال والشرق..
مرحلة “الجنجويد”
في بدايات حرب دارفور (20032005) تم تسليح المليشيات العربية على حساب المكونات غير العربية.
هذه كانت أداة تنفيذ مباشرة لوثيقة قريش: “استخدام عرب الهامش لضرب غير العرب”، بينما يبقى المركز في مأمن.
تحول الجنجويد إلى الدعم السريع
البشير وحلفاؤه في الحركة الإسلامية (خاصة نافع وعلي عثمان) طوروا الجنجويد إلى قوة رسمية باسم “قوات الدعم السريع”.
الهدف:
حماية النظام من التمردات المسلحة في دارفور وكردفان.
أن تكون قوة بديلة للجيش إذا تمرد أو انقلب.
الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية الا يجب محاكمتهم فكريا وجنائيا وضعهم في عزل كرتينة في صحراء بيوضة
عرب الشتات الديسابورا والصحارى الإفريقية
جرى تجنيد واسع لعرب الصحراء من تشاد، النيجر، مالي، إفريقيا الوسطى… إلخ.
الفكرة: خلق جيش بديل عابر للحدود موالي للتنظيم الإسلامي والمركز، لا للهوية الوطنية السودانية.
هذا الامتداد ينسجم مع بنود وثيقة قريش: التحالف العرقي العابر للقوميات لمواجهة “الأفارقة” داخل السودان.
الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية العنف المفرط ضد قبائل دارفور الإفريقية
الدعم السريع مارس الإبادة المنظمة ضد الفور، الزغاوة، المساليت وغيرهم.
العنف لم يكن مجرد “تكتيك عسكري” بل جزء من المشروع الفكري نفسه استدعاء التاريخ العنيف إضعاف المكونات غير العربية وإرهابها حتى لا تطالب بالسلطة أو الشراكة.بل وتهجيرها من أرضها
الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية الا يجب محاكمتهم فكريا وجنائيا وضعهم في عزل كرتينة في صحراء بيوضة
المفارقة (من أبناء المشروع إلى أعدائه) انقلاب الدعم السريع على الحركة الإسلامية والجيش الذي أنشأه.
لكن سلوك الدعم السريع (العنف، البنية القبلية، تجنيد عرب الشتات) ما زال يُظهر أنه امتداد لفكرة قريش حتى وإن صاروا أعداء سياسيين.
بمعنى: المشروع أنشأ “وحشًا” لحماية نفسه، لكن الوحش خرج عن السيطرة.
الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية الا يجب محاكمتهم فكريا وجنائيا وضعهم في عزل كرتينة في صحراء بيوضة
وثيقة قريش الحركة الاسلامية الجنجويد الدعم السريع خط واحد ممتد.
الدعم السريع هو الأداة الأكثر دموية لمشروع “التمكين العرقي”.
الصراع الحالي (جيش vs دعم سريع) ما هو إلا صراع أبناء الوثيقة الواحدة بعد أن افترقت المصالح، لكن جذور الفكرة واحدة.
المراجع والشهادات حول وثيقة قريش
المحبوب عبد السلام (قيادي إسلامي سابق)
في كتابه “الحركة الإسلامية.. دائرة الضوء وخيوط الظلام” أشار بصورة غير مباشرة إلى أن الحركة الإسلامية تحولت إلى مركزية قبلية بعد استيلائها على السلطة.
تحدث عن “المشروع الحضاري” الذي انحرف إلى تمكين جهة بعينها، وذكر كيف أصبحت الدولة محتكرة في يد قلة.
الطيب زين العابدين (مفكر إسلامي ومنشق مبكر عن الحركة)
في مقالاته بعد الانشقاق (خاصة في جريدة الصحافة والخرطوم) انتقد بشدة التمكين الجهوي والقبلي.
قال إن الحركة الإسلامية رفعت شعار الأمة الإسلامية لكنها مارست حكمًا عنصريًا ضيقًا يخدم “المثلث النيلي” فقط.
رغم أنه لم يذكر اسم “وثيقة قريش” صراحة، إلا أن وصفه ينطبق عليها تمامًا.
منصور خالد (مفكر ووزير سابق ناقد للحركة الإسلامية)
في كتبه مثل “النخبة السودانية وإدمان الفشل” و*”السودان: أهوال الحرب وطموحات السلام”* أشار إلى أن ما يسمى “المشروع الحضاري” كان مجرد غطاء أيديولوجي للهيمنة القبلية والطبقية.
أشار إلى تسريبات عن وثيقة داخلية سمت نفسها “وثيقة قريش”، غايتها إعادة إنتاج سلطة قريش في التاريخ الإسلامي ولكن بصيغة سودانية.
تسريبات داخلية / شهادات من الهامش

قيادات من دارفور وجبال النوبة (مثل عبد العزيز الحلو، د. خليل إبراهيم قبل انشقاقه، ) تحدثوا عن “وثيقة سرية” تتداولها الحركة، أطلقوا عليها وثيقة قريش.
اعتبروها الدليل على أن الحركة الإسلامية لم تكن مشروعًا إسلاميًا جامعًا، بل مشروعًا عنصريًا لإقصاء الآخرين.
كتابات صحفية وأكاديميةبعض الصحفيين السودانيين (مثل فتحي الضو في الخندق وبيت العنكبوت) نشروا مقتطفات وتسريبات حول الوثيقة.

باحثون مثل أليكس دي وال (Alex de Waal) وجون يونغ (John Young) أشاروا في دراساتهم عن السودان إلى وجود وثائق داخلية للحركة الإسلامية تعكس التمركز القبلي للسلطة.

الاسلاعروبيين هم أعداء الأمة السودانية الا يجب محاكمتهم فكريا وجنائيا وضعهم في عزل كرتينة في صحراء بيوضة
الوثيقة لم تُنشر نصيًا للعامة، لكنها مذكورة ومشار إليها في شهادات متعددة.
مضمونها الأساسي: التمكين للقبيلة/المركز تحت غطاء إسلامي.
حتى بعض الإسلاميين (المحبوب، الطيب زين العابدين) أكدوا أن هذا التوجه كان موجودًا، وإن لم يصرحوا بكل التفاصيل.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.