بدأ العد التنازلي لبداية الدخول السياسي لآخر سنة في الولاية الحكومية الحالية بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، التي تسبق محطة انتخابات 2026 المنتظر أن تفرز ما باتت تعرف بـ”حكومة المونديال”، التي تتطلع مختلف الأحزاب إلى قيادتها وسط تباين في الطموحات والتحديات المحيطة بالاستحقاقات المنتظرة.

الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية المنتظرة العام المقبل لا شك أنه سيمثل أحد أبرز الملفات التي ستلقي بظلالها على الدخول السياسي الجديد، وسيمثل أحد عناوينه البارزة المتوقع أن يحتدم النقاش حولها طيلة الأسابيع والأشهر المقبل.

وسيسعى كل طرف، سواء في الأغلبية أو المعارضة، إلى استثمار الملفات المطروحة على الساحة من أجل كسب ود الشارع المغربي واستمالة الناخبين طمعا في تحقيق نتائج أفضل في الاستحقاق الانتخابي الذي يعد بالكثير من الإثارة، وسط رغبة جامحة من “حزب الحمامة” في تمكين رئيسه عزيز أخنوش من ولاية ثانية، وآمال عريضة لحليفيه “البام”، بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري، والاستقلال بقيادة نزار بركة، المتربصين بالصدارة وتولي رئاسة “حكومة المونديال”.

عبد الحفيظ اليونسي، الأكاديمي والمحلل السياسي، يرى أن “السنة الأخيرة من عمر الحكومة يفترض من الناحية الدستورية والسياسية أن تنجز فيها الحكومة ما تبقى من برنامجها الحكومي الذي هو أساس تنصيبها نيابيا”.

واستدرك اليونسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الثقافة السياسية والمؤسساتية تجعل من هذه السنة، بحكم أنها تسبق الانتخابات التشريعية، فترة للإعداد للانتخابات وإنجاز البرامج والمشاريع التي لها عائد انتخابي”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “هناك ملفات مفروضة على الحكومة، إما وردت في الخطاب الملكي الأخير، حيث تم الحديث عن قضايا التشغيل والماء والعدالة المجالية، أو تهم قضايا لها ارتباط بالتوازنات الماكرو اقتصادية، من قبيل معضلة صناديق التقاعد والبحث عن تمويل برامج الحماية الاجتماعية واستكمال البنية التحتية استعدادا للمونديال”.

كما لفت المحلل السياسي ذاته إلى أن “استكمال الترسانة التشريعية في قضايا خلافية بين الفرقاء، بناء على فرصة الأغلبية العددية بالبرلمان، واحد من الملفات التي ستواجه الحكومة هذه السنة”.

واعتبر اليونسي أن “النقاش العمومي بالمغرب يتخذ مسارين، أولهما يتم من خلال القنوات التقليدية أساسا، كالتلفاز، الذي يبقى بعيدا كل البعد عن النقاش السياسي، وهناك ربما اختيار أن يبقى مخصصا فقط للترفيه”، مؤكدا أن هذا الاختيار “يعزل أداة مهمة للتأطير والانخراط في نقاش عمومي قد يساهم في الحد من خطر العزوف الانتخابي”.

أما المسار الثاني فحدده الأكاديمي ذاته في وسائل التواصل الحديثة، أساسا الاجتماعية منها، “التي تتميز بعدم القدرة على ضبط ومراقبة محتواها وخطابها، ومخاطر التلاعب بها وارد جدا ووقعت في ديمقراطيات راسخة”، وفق تعبيره.

وسجل المحلل ذاته أن “الأحزاب السياسية لها حضور ضعيف في وسائل التواصل الاجتماعي”، مبرزا أن “مستوى النقاش في المرحلة التي تسبق الانتخابات يصاب بلوثة الشعبوية والوعود غير المنطقية، وكل هذا له انعكاس آني ومستقبلي على ثقة الناس في الانتخابات”.

من جهته سجل عبد الله أبو عوض، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، أنه “مع غياب سياسة تواصلية مبنية على احترام الذكاء العام، والترقب المجتمعي للفعل السياسي للحكومة، تغيب كل القناعات عند الناخب بالمنجزات التي حققتها الحكومة الحالية في ظل مفهوم الدولة الاجتماعية”.

وقال أبو عوض، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الوعود التي رفعت بشأن تجاوز تحديات التشغيل والتعليم والصحة مازالت مبهمة وغير مقنعة للرأي العام، إذ إن الحكومة كما هو صدى المواقع الاجتماعية والمنابر المؤثرة فشلت في تحقيق وعودها الانتخابية التي رفعتها في انتخابات 2021”.

واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن “هذا الأمر ناتج عن غياب استيعاب الحكومة الأسلوب التواصلي الذي ينسجم مع تتبع المغاربة للشأن السياسي، ما تسبب في توحيد الرأي العام حول فشلها في تحقيق وعودها، رغم الإمكانات الهائلة التي سخرت بمقدرات شخصية أو حزبية للتواصل”.

وتوقع المحلل السياسي ذاته أن “القاعدة الأساس في حسابات الانتخابات المبنية على الحزب أولا تجعل مفهوم التحالف معقدا بحسب ميزان القوى العددية في الدوائر الانتخابية المرتبطة بالولاء الشخصي للمنتسب للحزب، ما يعني أن مفهوم التحالف من الآن إلى مرحلة 2026 سيبقى صوريا”.

وزاد المتحدث موضحا أن “ممثلي التحالف في المجالس وباقي مقاعد المسؤولية في بعض جهات المملكة يعيشون صراعا في كواليس العمل السياسي، يحسبون أنه مغلق، في حين أنه مكشوف عند العوام، فهم حديث الناس عن المستوى المتدني الذي يمثلون به أحزابهم”.

أما بالنسبة للمعارضة، التي وصفها أبو عوض بـ”الغائبة والحاضرة في الدورات والاجتماعات”، فاعتبر أن “المحطة السياسية التي نعيشها اليوم هي أول محطة تاريخية في السياسة المحلية لمفهوم المعارضة المستضعفة”، مؤكدا أنه “مع قرب الانتخابات ستنشغل أحزاب المعارضة بالإعداد القبلي، ما يوحي بأن التحالف الثلاثي في ما تبقى من العمر الحكومي هو التحالف والمعارضة”.

المصدر: هسبريس

شاركها.