مع بداية الدخول المدرسي الحالي، تفجّرت موجة من الجدل وسط أولياء التلاميذ بعد التحولات المفاجئة التي عرفها قطاع النقل المدرسي بإقليم ورزازات، إثر انتقال تدبيره إلى جمعية إقليمية جديدة أُحدثت لتسيير الأسطول على مستوى مختلف الجماعات.
شهدت الساحة المحلية بإقليم ورزازات خلال الأيام الأخيرة جدلاً واسعاً بعد التطورات المفاجئة التي عرفتها الجمعية الإقليمية المكلفة بتدبير قطاع النقل المدرسي، وهو القطاع الذي يعتبر شرياناً حيوياً لآلاف التلاميذ بالوسط القروي.
فقد تفاجأ عدد من المتتبعين بالشأن المحلي، وكذا الأمهات والآباء، بقرارات غير متوقعة اتخذتها الجمعية، والتي وُصفت من طرف البعض بـ”المفاجئة” و”غير المبررة”، خاصة في ظل تزامنها مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد.
مصادر مطلعة أكدت أن هذه التحولات شملت تغييرات في طريقة التدبير، وسط غياب أي حوار أو نقاش مسبق مع الآباء والأمهات، إضافة إلى قرارات مرتبطة بالتسيير المالي. فقد تقرر فرض واجب انخراط سنوي قدره 1000 درهم لكل تلميذ، يُؤدّى على دفعتين (500 درهم في البداية و500 درهم أخرى في ما بعد)، مع تحديد هذا الشهر كآخر أجل للأداء عبر وكالة بنكية.
هذا القرار اعتبره العديد من الأسر “ضربة موجعة”، خاصة للطبقات المتوسطة والفقيرة التي تعاني أصلاً من ارتفاع أسعار الكتب والأدوات المدرسية، ما يضاعف الأعباء المالية على مداخيلها المحدودة.
عدد من أولياء الأمور عبروا عن استغرابهم من غياب التواصل من طرف الجمعية الإقليمية، مؤكدين أن مثل هذه الإجراءات قد تدفع بعض التلاميذ إلى الانقطاع عن الدراسة بسبب عدم قدرة أسرهم على تحمل المصاريف الجديدة.
وفي ذات السياق، قال محمد بهري، فاعل جمعوي بمنطقة إزناكن، إن الدخول المدرسي الحالي عرف تحولًا مفاجئًا في تدبير النقل المدرسي بكل من الثانوية الإعدادية إدريس الأول والمدرسة الجماعاتية إزناكن. وأوضح أنه بعد أن كانت جمعية محلية تتولى تسيير هذه الخدمة بشكل مجاني لفائدة التلاميذ، خاصة المتمدرسين بالمدرسة الجماعاتية، أصبح أولياء الأمور مضطرين إلى دفع رسوم مالية سنوية للإستفادة منها.
وأضاف بهري ضمن تصريح لجريدة “”، أن تسيير النقل انتقل مؤخرًا إلى جمعية إقليمية جديدة أُحدثت خصيصًا لتدبير أسطول النقل المدرسي على صعيد جماعات ومداشير إقليم ورزازات، وهو تغيير مفاجئ أثار الكثير من الجدل، لاسيما بعدما فرض أداء واجبات سنوية أثقلت كاهل العديد من الأسر، في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
وأضاف المتحدث ذاته، أن “أولياء الأمور والتلاميذ، وخصوصًا المنتمين إلى المدرسة الجماعاتية، عبروا عن استيائهم من هذه الرسوم المفاجئة وغير المتوقعة، في غياب أي توضيحات من الجمعية الجديدة حول دوافع فرضها أو طرق تدبير المبالغ التي يتم جمعها”.
وأشار بهري إلى أن هذا الوضع خلق مخاوف حقيقية بخصوص قدرة الأسر على تغطية تلك التكاليف، وانعكاس ذلك على انتظام التلاميذ في الدراسة، معتبرًا أن الأمر يطرح تساؤلات حول مدى إحترام الحق في التعليم المجاني وضمان الإستفادة من النقل المدرسي دون عراقيل مالية.
وختم الفاعل الجمعوي تصريحه بالتأكيد على أن “الأمل يبقى معقودًا على تدخل جميع الأطراف المعنية من أجل فتح حوار شفاف وإيجاد صيغة عادلة ومستدامة، تضمن استمرارية خدمة النقل المدرسي بما يحمي مصلحة التلاميذ ويخفف العبء عن الأسر”.
من جهته، قال يوسف بنيحي، رئيس المجلس الإداري للجمعية الإقليمية للنقل المدرسي بإقليم ورزازات، في توضيح لجريدة “”، إنه تم عقد اجتماعات متتالية للجنة الإقليمية لدعم التمدرس بإقليم ورزازات، والتي يرأسها عامل الإقليم، إضافة إلى كل القطاعات المعنية، قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التعاون الوطني، والمجلس الإقليمي صاحب الاختصاص، إضافة إلى الجمعية الإقليمية المكلفة بتدبير قطاع النقل المدرسي.
وأوضح رئيس الجمعية أن الانخراط الشهري للمدراس الجماعتية حدد بـ30 درهم للتلميذ، أي ما يعادل 300 درهم سنويا، مقسمة على دفعتين: الأولى بداية شهر شتنبر، والثانية بداية شهر مارس، مؤكدا أن هذا المبلغ يُعتبر الأقل تكلفة بالإقليم مقارنة مع خطوط النقل الأخرى.
وأضاف أن الأسر التي لديها أكثر من ثلاثة تلاميذ تُعفى تلقائيا من واجب الإنخراط للتلميذ الثالث والرابع والخامس، بحيث يؤدي الأب واجب الانخراط الكامل لأول تلميذ ونصف واجب الانخراط للثاني، وتهدف هذه الإجراءات إلى مراعاة ظروف الأسر وتخفيف الأعباء المالية عنها، وهو ما يمثل “تحسينا كبيرا مقارنة بالماضي”.
وأشار الرئيس إلى أن الجمعية عملت على تبسيط المساطر الإدارية للأسر، بحيث يُسجل التلميذ مرة واحدة فقط في الموقع الرسمي للجمعية، ويُدفع واجب الانخراط على شكل دفعتين.
كما أوضح بنيحي أن التلاميذ من الدواوير البعيدة، أي فوق 18 كلم، سيستفيدون من منحة كاملة (الداخلية)، فيما سيستفيد من يقطن على بعد 10 إلى 15 كلم من النقل المدرسي ذهابا وإيابا في الفترتين الصباحية والمسائية، مع توفير وجبة غذاء.
وفي إطار تفعيل سياسة استثمار أوقات الفراغ للتلاميذ، أعلنت الجمعية عن “فتح نقط القراءة وخزانة في كل مركز للمطالعة بشراكة مع مديرية الثقافة والشباب”، لتوجيه التلاميذ نحو القراءة وتنمية مهاراتهم خارج ساعات الدراسة الرسمية.
وأكد رئيس الجمعية أن كل التفاصيل والمعلومات المتعلقة بخدمات النقل المدرسي وواجبات الانخراط متاحة عبر “الموقع الرسمي للجمعية الإقليمية”، في خطوة نحو الشفافية وتسهيل متابعة الأهالي لمسار أبنائهم.
وأشار رئيس الجمعية إلى أنه تم إصلاح أسطول النقل المدرسي خلال شهر واحد، ليصبح مكونًا من 230 سيارة، معبرًا عن أمله في إضافة المزيد من السيارات بشراكة مع المجلس الإقليمي والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكدا أن الجمعية تطمح مستقبلاً إلى توحيد التسعيرة اعتمادًا على الكيلومترات المقطوعة.
المصدر: العمق المغربي