مازالت أزمة موظفي منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا CGLU Afrique مستمرة منذ ما يزيد عن السنتين، في ظل تنصل الأمين العام من الالتزامات المعبر عنها في عدة محاضر ومفاوضات، وذلك بالرغم من توصل المنظمة بدعم من وزارة الداخلية المغربية، مما دفع المتضررين إلى رفع مناشدة إلى الملك محمد السادس قصد إنصافهم.

ويذكر أن منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة في أفريقيا تعد تحالفا بين الحكومات المحلية في 44 دولة إفريقيا ويوجد مقرها في العاصمة المغربية الرباط.

الأزمة التي ظهرت أولى بوادرها في يونيو 2023 وتفاقمت في أكتوبر من نفس العام، وصلت ذروتها في يناير 2024 بعدما قررت المنظمة توقيف أجور الموظفين بدعوى “عدم التوصل بالدعم من الشركاء الأساسيين، وهما الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية”.

وراح ضحية لهذه الأزمة 35 موظفا من جنسيات أفريقية بينهم مغاربة، حيث لم تُدفع رواتبهم منذ يناير 2024، وفي 19 دجنبر الماضي، قررت المنظمة الاستغناء عن نصفهم، ليتم فصلهم دون تسديد مستحقاتهم المتأخرة بشكل كامل، ودون أي تعويضات، ودون الاستفادة من من أي تغطية اجتماعية.

وفي الوقت الذي تبينت مديونية المنظمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بملايين الدراهم، حيث وصلت في فبراير الماضي إلى ما يزيد عن 6 ملايين درهم، فإن المنظمة تواجه أيضا اتهامات بتزوير وثائق ومحررات رسمية، “آخرها محاضر منسوبة إلى مفتش الشغل تم استعمالها لتبرير الطرد التعسفي للموظفين”، وهي الوثائق التي اطلعت جريدة “العمق” عليها ولا تحمل أي توقيع.

بالمقابل، اطلعت جريدة “العمق” على محاضر صلح موقفة من طرف مفتش شغل بالرباط، تقر فيها منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا بطرد المتضررين تعسفيا واستحقاقهم لمبالغ تعويضات ستتم برمجتها، وهي الوعود التي لم تلتزم بها وفق المتضررين.

كما تم اتهام الأمين العام وقيادة المنظمة بخرق قوانين الشغل وانتهاك حقوق الشغيلة، عبر توقيف الأجور وادعاء عدم توفر الأموال رغم استمرار المنح، وتحميل الموظفين مسؤولية الأزمة، “في ظل استفادة أشخاص مقرّبين من شكل من الأجر”، كما ورد في مراسلة من المتضررين إلى رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمينة بوعياش.

وأشارت المراسلة ذاتها إلى تنامي مطالب التدقيق في مالية منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، آخرها في عام 2024 من طرف الاتحاد الأوروبي الذي طالب بالتدقيق في “وجود اختلالات مالية”.

وأمام إغلاق جميع الأبواب في وجه المتضررين وعدم إنصافهم رغم المراسلات إلى جهات عدة في والمنظمة وشركائها، طرقوا في 12 غشت أبواب الديوان الملكي بتضرع إلى الملك محمد السادس، قصد وضع حد لـ”الظلم الفاضح” الذي يواجه ” ضحايا فصل تعسفي، رجعي، وبعدم صرف كامل المستحقات لنا من قبل المنظمة التي تدعى منظمة المدن والحكومات المحلية الافريقية (CGLU إفريقيا)، المستفيدة من منح من وزارة الداخلية المغربية ومقرها الرباط. اليوم، ترفض المنظمة الوفاء بالتزاماتها وتخالف أحكام قانون العمل”، كما جاء في الوثيقة التي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها.

وتابع المتضررون في تضرعهم إلى الملك “لقد عملنا بتفانٍ سنوات عدّة تحت إشراف الأمين العام جان بيير إلونغ مباسي. مع ذلك، لم تكن شروط عملنا ملائمة: عدم دفع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS ولا ضريبة الدخل IR، تغطية صحية غير منتظمة، وبالنسبة للعاملين الأجانب، عقود غير معتمدة من وزارة العمل كما تقتضي اللوائح المغربية. ومع ذلك، واصلنا العمل في مصلحة إفريقيا المحلية”.

وسرد المتضررون مجموعة من الوقائع التي رافقت محنتهم مع المنظمة المذكورة، وكذا مساعيهم لإيجاد حل والأبواب التي تم طرقها دون نتائج تذكر، موردين أن الأزمة انطلقت فعليا في 26 أغسطس 2024، عندما “استُدعينا إلى اجتماع من قبل الأمين العام، من أجل إنشاء لجنة مُخَصَّصَة لإدارة الأزمة المالية، وكان حاضراً عضوان: السيد منير ليموري، عمدة طنجة، والسيد عمر با، عمدة نديوب بالسنغال”، وتم في هذا الاجتماع إخبارهم بأن المنظمة “مجبرة على فصل نصف عدد الموظفين عبر إعادة هيكلة لمعالجة الأزمة”.

وتابع التضرع ” الخضوع لعملية إعادة الهيكلة انتهت في 3 يناير 2025 بفصل لا يخلو من خلل قانوني متعلق بالقبول والإرادة”، وأنه تم إرفاقه مع إشعار كتابي مرفوق بمحضر مصالحة مزور يُدّعى أنه أُعد من قبل مفتش شغل، من أجل إجبارنا على قبول راتب يقل عن تسعة أشهر، بلا تعويضات ولا أضرار، وللحيلولة دون ممارسة حقنا في اللجوء إلى القضاء”.

ووفق محاضر الاجتماعات والاتفاقات التي جرت بين المتضررين وقيادة المنظمة، ورسائل إلكترونية اطلعت جريدة “العمق” على مضامينها، وعد الأمين العام بيير إلونغ مباسي بحل الأزمة في أجل 30 يونيو 2025، غير أنه تراجع عن وعوده السابقة وأبلغهم كتابةً في 31 يوليوز 2025 أن “اللجنة التنفيذية قررت عدم تسليم الرواتب التي لم يتم صرفها في وقتها، فيما ستقوم في دجنبر المقبل بمراجعة التعويضات الإضافية التي سبق الاتفاق عليها”.

وأورد المتضررون في تضرعهم إلى الملك محمد السادس، بأن هذا الجواب الكتابي جاء بعدما تم “رفع تعليق التمويل من وزارة الداخلية المغربية، وبعدما تلقت منظمة المدن والحكومات المحلية الافريقية دفعتين من الدعم العمومي، وتلقت أموالا أخرى”، وأضافوا “كما أن مكالماتنا ورسائلنا إلى عمدة طنجة ورئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات الترابية، الذي تم تعيينه للإشراف على حل الأزمة وصرف مستحقات المتضررين، كما جاء في رسالة للأمين العام للمنظمة.

وقال المتضررون في تضرعهم إلى الملك “ونغتنم هذه المناسبة لنرفع إلى جلالتكم جزيل الشكر على عطفكم وعنايتكم بالمواطنين المغاربة وبالمجتمع الإفريقي، ويشرفنا أن نعيش ونشتغل في بلد نكن له احتراماً عميقاً”، مضيفين “لقد ألهمتنا رؤيتكم لمغرب متضامن ومنفتح وعادل للعمل بتفانٍ من أجل التعاون الإفريقي، ويزيد من ألمنا أن نُترك لمصيرنا من قبل منظمة تحتضنها وتدعمها المملكة المغربية، كما أن الوضع معقد أكثر بسبب الوضع الدبلوماسي الذي قد يعرقل المساطر القضائية ويعقد أي حجز أو تنفيذ للأحكام”.

وشددوت على أن “الإطار القانوني المغربي، متين وعادل، وهو ما يرسخ أملنا، فنحن نؤمن بدولة القانون التي أنتم ضامنها، وبمؤسساتها وعدالتها ومدونة شغلها، لكن أمام هذه الوضعية من الإفلات من العقاب، حيث تُنتهك حقوقنا الأساسية، نتوجه إلى عطفكم السامي  مؤمنين بمبادئكم النبيلة في العدالة وحرصكم على صون سمعة الوطن كدولة قانون”.

التمسوا من الملك محمد السادس التدخل لإنصاف “العمال السابقين الذين طُردوا تعسفياً من منظمة دولية ممولة من الدولة المغربية، حتى يُوضع حد عادل ونهائي لهذا الفصل المؤلم”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.