وحدة السُودان لا تقبل التلاعب: مُخطط تقسيّم السُودان سيُّقاومه جميع السُودانيين الشرفاء بكل الوسائل المشرّوعة وبالأرواح

نضال عبد الوهاب

لا شك عندي أن كُل الذي يحدث حالياً لم يكن صدفةً، لم تقم الحرب صدفة، لم تُجهض الثورة صدفة، لم يتم التقاضي والتغافل عن كُل الجرائم التي تمت خلال الحرب صدفة، لم يتم زراعة وشراء العُملاء في بلادنا صدفة، لم يتم دعم
مليشيا الدعم السرّيع كُل هذا الدعم وهي التي ليست بجيش نظامي صدفة، لم يتم إستغلال وإستثمار إختلافات السُودانيين وتوسيع رقعة الإنشقاقات مُصادفةً، لم يتم إنسحاب مليشيات الدعم السريع من مدني والخرطوم والجزيرة وظهورها القوي وتركيزها علي دارفور وكردفان صدفة، لم تتم مُحاصرة الفاشر كُل هذه المُدة وتعريض الملايين فيها لخطر الموت جوعاً وقصفاً صدفة، لم يتحالف
“الاعداء” بالأمس في الحركة الشعبية شمال وفي مليشيا الدعم السريع والجنجويد صدفة أو لأجل “العلمانية” المُفتري عليها وتطبيقها في السُودان ويعلم الجميّع أن المجرم حميدتي كما صرّح مراراً وتكراراً أن الدين عنده خط
أحمر وأنه لاتزال عقيدتهم في كل معاركهم حتي اللحظة وهم صنيعة الإسلاميين وربيبو الدولة الدينية والحروب الجهادية، ويملؤها الكيزان من اعلى قيادتها وفي قاعدتها، ولاتزال هتافاتهم هي نفسها وذات أفعال الطرف الآخر من المليشيات الإسلامية نفس اللغة والتكبير و(اتنين بس) يا نصر يا شهادة، أي ذات العقيدة التي يحاول حواة (الحركة الشعبية) التغافل عنها وطمسها بالقول أن حميدتي قد أصبح بين يومٍ وليلة من دعاة العلمانية في السُودان ويحاولون إقناع البسطاء بذلك وهم يخفون مايخفون من الأسباب
الحقيقية لقبولوهم وضع اياديهم سويةً وفي هذا التوقيت، ولغة المصلحة المشتركة والعمل لصالح أجندة ليس من بينها للأسف وحدة السُودان لأنهم وفي قرارة أنفسهم يعلمون أن من بالطرف الآخر من بعض الإسلاميين من عاشقي ومُشتهي السُلطة وعودتها باي طريق لا يمانعون في تقسيّم بلادنا بمثل ما قسموا الجنوب ولكنهم لا يُظهرون هذا ، وأن السبيل للوصول لتقسيّم السُودان لديهم لايمر بمثل سيناريو مفاوضات نيفاشا ولكنه يمر فقط عبر السيطرة علي
الأرض وإعلان حكومات عليها، يتم الإعتراف بها لاحقاً من اعداء بلادنا وأعداء وحدتها والطامعين فيها، أو تمرير شرعيتها عبر التعامل المُباشر معها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وتكون فعلياً خارج سيادة السُودان الموحد الذي ضحي لأجله الملايين وتكونت حدوده الحالية لشعوب عظيمة عاشت عليه منذ آلاف السنين حتي صار لنا جميعنا كسودانيين في كل اجزائه ولكل الأجيال القادمة فيه حقاً لايقبل التلاعب أو التفريط أو المُزائدات ولا يقبل الإرتهان لخطأ النخب التي تعاقبت علي حكمه ولا التي تعمل فقط فيه لأجل السُلطة ، ولايقبل بالطبع دناءات العُملاء وأنانية كل من يخون ترابه ووحدته تحت اي دعاوي إنفصالية إثنية كانت أم جهوية أو رغبات للسيطرة علي السلطة حتي وإن كانت علي حساب وحدته وإستمرارها وإمتداها لجميّع الأجيّال اللاحقة فيه.
كُل هذا التكالب علي بلادنا والرغبة في تقسيّمه ليست غير رغبة لدول إستعمارية تحاول أن تعيد تقسيّم المنطقة طبقاً لمصالحها في هذا الجزء الهام من العالم ، وهذا الإستعمار بكل سطوته ليس غريباً وقد جربه السُودانيون وكل الشعوب الحرة وقاوموه وفي الأخير خرج من بلادنا ، ولكنه لا يأتي اليوم بذات شاكلته القديمة وإنما يعتمد للأسف علي عملائه وأدواته داخل بلادنا وكل من يبيع الوطن من أجل السُلطة أو المال والنفوذ أو لتحقيق رغبات إنفصالية مبنية علي الإثنية أو الجهوية أو للإنفراد بالسُلطة المُطلقة.

لهذا فإن كارثة إعلان حكومتين أي منهما تدّعي شرعيتها على الأرض وبسياسة الأمر الواقع ، مع وجود من يدفعون في الخفاء ويتآمرون لصالح إنفاذ التقسيّم لبلدنا وجعله كذلك أمراً واقعياً ومعترفاً به ودون أن يجد هذا المقاومة والرفض والتصدّي وبكل الوسائل الممكنة والمشروعة فيعتبر خيانة لهذا البلد وترابها في كُل أجزائها والتخلي عن شرف الدفاع عنها وتقديمها لقمة سائقة للأعداء والمُستعمرون الجدد ووكلائهم في بلادنا. آن الآن الأوان لكل الشُرفاء في بلادنا للتصدي المسؤول والشُجاع والوطني لهذا التآمر الداخلي والخارجي علي بلادنا ، والتعامل مع الأمر بكل مسؤلية وجديّة وليس بعدم لامبالاة أو خنوع أو إستسلام.
الأمر الآن ليس امر نزاع حول سُلطة أو حتي إختلاف حول كيفية الوصول لصيغة حكم والتراضي عليها، وإنما الأمر يتعلق بمصير بلادنا وأرضها ومُقدّراتها وحقوق الملايين عليها وحقوق الذين لم يولدوا فيها بعد في المُحافظة لهم عليها ، إن جميّع دول العالم القوية وشعوبها الحرة لاتقبل الإنكسار أو التنازل عن أرضها وحدودها، وتقاوم ذلك بالدساتير و بالقوانين وبالحرب والقتال إن إستدعي ذلك ولها الحق فالأوطان تعلو ولايُعلي عليها.

إنها دعوتنا الآن لكل الشرفاء في بلادنا ولأجل من ضحوا لتراب بلادنا ولأجل القادميّن إليها أن اصطفوا للتصدي لهذا التآمر ، نحتاج إلي تحالف سياسي وشعبي حقيقي بهدف وحيد وهو وحدة بلادنا وأن هذا الأمر لايقبل التهاون ولاالتنازل عنه، وخط هذا التحالف هو:

١/ الرفض الصرّيح لأي محاولات إعطاء شرعية لطرفي الحرب ومن يتولون حكومات الأمر الواقع فيما عدا وقفها وتسليم السُلطة للشعب وردها إليه ومُحاسبة مُجرميها.

٢/ مقاومة كافة أجندة التقسيّم والإنفصاليون لصالح وحدة البلاد، وجعل الوحدة مبدأ لا يعلو عليه دائماً حالياً ومُستقبلاً.

٣/ مُمارسة كافة سبل العمل التعبوي والدبلوماسي في هذا الإتجاه وهو وحدة البلاد ورفض حكومات الأمر الواقع أو التقسيّم، وأن بلادنا لا تقبل أي إملاءات خارجية تعمل ضد مصالح بلادنا وشعبها في وحدة ارضه وسيادتها.

٤/ فتح باب التطوع والتسليح لكل الشعب السوداني وشبابه الثوري المقاوم والوطني إن أستدعي الأمر للحفاظ على وحدة البلاد والدفاع عن أرضها وترابها كما فعلنا في تاريخنا القديم والحديث ذات الأمر ضد المُستعمر.

٥/ إعادة الشرعية للشعب السُوداني وأن يكون أمر السُلطة والدستور عائداً له دون أي مساس بوحدتها.

أخيراً:

أعلم يقيناً أن الملايين داخل هذا الوطن ومن ابنائه وبناته من الوطنيون الخُلص سيتصدون لكل مايُحاك ضد بلادنا من أعداء الداخل والخارج وكل من يتهاون في أمر وحدة بلادنا أو يخون ترابها ، فليس من شيمة الرجال والنساء الشرفاء والوطنيون الحقيقيون التخاذل أو الإستسلام أو التواكل والتراخي في مثل هذا الأمر المصيري وهو وحدة بلادنا ومستقبل القادمين عليها. اللهم إني قد بلغت فاشهد ، وإني قد دعوت أبناء وبنات وطني السودان والوحدويين لذلك وتوكلت وعزمنا على المضي في هذا الأمر.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.