دخلت جهة طنجة تطوان الحسيمة، مطلع شتنبر الجاري، مرحلة جديدة في تدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، مع انطلاق عمل الشركة الجهوية متعددة الخدمات في إطار تنزيل القانون 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، وهي الخطوة التي توصف بكونها تحولا بنيويا يهدف إلى تحديث البنيات التحتية وتجويد الخدمات وتقريبها من المواطنين، وتعزيز العدالة المجالية في ولوج المرتفقين إلى خدمات أساسية.

غير أن هذا الانتقال يثير في المقابل قلقا واضحا لدى الساكنة والفاعلين المحليين، الذين يتخوفون من انعكاساته المباشرة على الفواتير والقدرة الشرائية، وتكرار الاختلالات السابقة التي طبعت مرحلة التدبير الماضي، خصوصا في العالم القروي حيث الانقطاعات المتكررة ورداءة الشبكات.

ويعقد مواطنو الشمال الأمل على الشركة الجهوية لبدء إصلاح حقيقي قائم على الشفافية والنجاعة، مبدين غير قليل من التخوف من تحول التجربة إلى نسخة جديدة من معاناة قديمة، فضلا عن التساؤل عن قدرة هذه البنية الجديدة على تحسين جودة الخدمات وضمان استقرار العاملين.

وتضطلع الشركة الجهوية متعددة الخدمات لجهة طنجة تطوان الحسيمة بالمهام المرتبطة بتدبير المرفق العمومي للتوزيع مثلما حددها عقد التدبير؛ وتشمل في المنطقة (أ)، التي تغطي مجموع تراب الجهة باستثناء المدار الترابي لعقد التدبير المفوض، “تدبير مرافق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل، بما في ذلك إنجاز الاستثمارات اللازمة واستغلالها لأغراض التدبير”.

أما في المنطقة (ب) التي تشمل المدار الترابي الحالي لعقد التدبير المفوض الساري فتضطلع الشركة بإنجاز الاستثمارات الضرورية لتدبير هذه المرافق.

وأوضحت الشركة، في بلاغ توصلت به هسبريس، “بصفتها فاعلا جهويا ملتزما بإنجاح الورش البنيوي للجهوية المتقدمة، ومن أجل بلوغ الأهداف الطموحة المحددة لها في عقد التدبير”، أنها تلتزم بـ”تبني تدبير يرتكز على النجاعة والشفافية والقرب من المواطنين، مع اعتماد مخططات استثمارية كبرى تروم ضمان ولوج منصف ومستدام لخدمات التوزيع لفائدة كافة ساكنة الجهة”.

مخاوف ومشاكل

عمر الياسنين، فاعل جمعوي من الفنيدق، قال لهسبريس إن “انطلاق الشركة الجهوية متعددة التخصصات لتدبير الماء والكهرباء والتطهير السائل بجهة الشمال يشكل منعطفا جديدا في تدبير قطاع حيوي يرتبط بشكل مباشرة بالحياة اليومية للمواطنين”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “هذه الخطوة ترافقها مخاوف مشروعة تتعلق أساسا بارتفاع الأسعار وإثقال كاهل الأسر”، متسائلا حول مدى التزام الشركة بالشفافية وتجاوز الاختلالات السابقة، ومشيرا إلى الترقب بشأن ما إذا كان هذا التحول سينعكس فعلا على تحسين جودة الخدمات أم سيظل مجرد تغيير شكلي.

وشدد الياسينين على أن “المواطن ينتظر أن يترجم هذا المشروع إلى بنية تحتية عصرية ومبادرات تنموية تعود بالنفع على الساكنة والاقتصاد المحلي”، معتبرا أن “هذه التجربة تمثل فرصة حقيقية للإصلاح إذا ارتبطت بالشفافية، بمشاركة المواطنين، وبرقابة المجالس المنتخبة وضمان البعد الاجتماعي في التسعيرة؛ أما إذا ظلت رهينة منطق الربح والبيروقراطية فإن المخاوف ستبقى قائمة وقد يتحول الأمل إلى مصدر جديد للاحتقان”.

سوء معاملة وغياب التواصل

آدم أفيلال، ناشط ومدون بمدينة تطوان، قال إن “الفترة السابقة كانت بمثابة محنة حقيقية مع الشركة المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، حيث طغت مشاكل عديدة أبرزها سوء المعاملة وغياب التواصل مع الزبائن”، مشيرا إلى غلاء الفواتير وإلى أن شعار مسؤوليها كان: “خلص عاد اشكي”، وفق تعبيره.

وأضاف أفيلال لهسبريس: “اليوم نستبشر خيرا مع انطلاق عمل الشركة الجهوية متعددة الخدمات، آملين أن تدشن مرحلة جديدة بخدمات جيدة، وتواصل أفضل، وقرب من المواطن، مع القطع نهائيا مع الممارسات البائدة من قبيل ضعف المراقبة الفعلية للعدادات واللجوء إلى تقدير الاستهلاك، ما جعل ساكنة الشمال تعاني الويلات لسنوات”.

مشاكل العالم القروي

عبد السلام علالي، فاعل مدني بإقليم وزان، قال إن “أبرز تخوف للمواطنين يتمثل في احتمال ارتفاع الأسعار بدعوى تحسين جودة الخدمات، خاصة أن التدبير السابق كان يعرف اختلالات عديدة بالعالم القروي، من انقطاعات متكررة وأعمدة كهربائية متهالكة”، متسائلا عن مصير الأجراء واستقرارهم المهني.

وأكد علالي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الأهم هو تحقيق عدالة مجالية واجتماعية، سواء في جودة الخدمات أو في توزيع الأسعار”.

وفي هذا السياق أشارت الشركة متعددة الخدمات طنجة تطوان الحسيمة إلى إعداد مخططات استثمارية إستراتيجية من أجل تحديث وتطوير البنيات التحتية والمنشآت والتجهيزات، وذلك بهدف تلبية الطلب المتزايد على الخدمات بالجهة وتعزيز العدالة المجالية بها”.

وأكدت الشركة أنها ستعمل، مستنيرة بمبادئ التنمية المنسجمة والمتوازنة، ومواجهة التحديات المناخية، والتقرب أكثر من المواطنين، على التعاون بشكل وثيق مع مجموعة الجماعات الترابية طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع بصفتها صاحب المرفق، ومع السلطات العمومية والمحلية وكافة الفاعلين والشركاء والمواطنين لتجعل من عقد التدبير قصة نجاح مشترك.

وواصلت الشركة ذاتها بلاغها بالتشديد على أن إدارتها العامة عبأت كل الوسائل البشرية والتقنية واللوجستية الكفيلة بضمان انتقال سلس للتدبير واستمراريته في أحسن الظروف، خاتمة: “كما أن مستخدمي الشركة والمتعاونين معها، الفخورين دائما بخدمة المرتفقين، لن يدخروا وسعا من أجل الاستجابة بنجاعة لحاجيات المواطنين، إيذاناً بمرحلة جديدة في التدبير الجهوي المندمج لمرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل”.

المصدر: هسبريس

شاركها.