لطالما تحدثت مدرجات الملاعب الإسبانية اللغة العربية بلكنة مغربية، في حكاية كروية فريدة امتدت لعقود، نسج فصولها أكثر من 70 لاعباً مغربياً تركوا بصمات لا تُمحى في تاريخ “الليغا”، إحدى أقوى البطولات وأكثرها تنافسية في العالم.
هذا الارتباط الوثيق بين الكرة المغربية وجارتها الشمالية لم يكن وليد الصدفة، بل نتاجاً طبيعياً لقرب جغرافي وثقافي جعل من الدوري الإسباني حلماً مشروعاً ومحطة رئيسية للمواهب المغربية الطامحة لإثبات ذاتها على الساحة الأوروبية.
من الرواد الأوائل إلى جيل الألقاب
بدأت الحكاية مع أساطير مهدوا الطريق للأجيال اللاحقة، من “الجوهرة السوداء” العربي بن مبارك الذي سطر اسمه بأحرف من ذهب مع أتلتيكو مدريد، وصولاً إلى الحارس الأيقوني بادو الزاكي الذي دافع عن ألوان ريال مايوركا وأصبح رمزاً للصلابة في مركز حراسة المرمى.
لكن ذروة المجد تحققت مع جيل التسعينيات ومطلع الألفية، حين قاد المدافع الأسطوري نور الدين النيبت فريق ديبورتيفو لاكورونيا لكتابة واحدة من أروع ملاحم كرة القدم، متوجاً بلقب الدوري الإسباني وكأس الملك والسوبر، ليؤكد أن اللاعب المغربي ليس مجرد مشارك، بل هو صانع حقيقي للألقاب.
نجوم الحاضر واستمرارية الإرث
واليوم، يستمر هذا الإرث مع نجوم العصر الحديث الذين يفرضون أسماءهم بقوة. يبرز المهاجم يوسف النصيري كأحد أخطر الهدافين في “الليغا” بقميص إشبيلية، بينما لا تزال أصداء تصديات ياسين بونو البطولية تتردد في ملاعب إسبانيا بعد مسيرته التاريخية مع النادي الأندلسي. وإلى جانبهم، انطلقت مواهب شابة من أندية القمة مثل عبد الصمد الزلزولي من مدرسة برشلونة، ونجمي المنتخب المغربي أشرف حكيمي وإبراهيم دياز بقميص ريال مدريد.
الحدادي.. فصل فريد من الولاء لـ”الليغا”
وفي فصل فريد من هذه الحكاية، يبرز اسم منير الحدادي كأكثر اللاعبين المغاربة وفاءً للدوري الإسباني على الإطلاق. بخوضه 267 مباراة، لا يتربع الحدادي على عرش الأكثر مشاركة فحسب، بل يتميز بكونه اللاعب المغربي الوحيد الذي دافع عن ألوان سبعة أندية مختلفة، في رحلة استثنائية بدأت من برشلونة ومرت عبر فالنسيا وإشبيلية وصولاً إلى ليغانيس.
ومع وصول نجم بقيمة عز الدين أوناحي حديثاً إلى جيرونا، يتأكد أن قصة العشق الكروي بين المغرب وإسبانيا لا تزال تكتب فصولاً جديدة، وتُثري قائمة طويلة تضم أكثر من 70 سفيراً للكرة المغربية بصموا على تاريخ واحدة من أعرق البطولات في العالم.
المصدر: العمق المغربي