أمد/ تل أبيب: عقد المجلس السياسي الأمني المصغر (الكابينيت) لحكومة دولة الاحتلال يوم الأحد، اجتماعا لبحث الخطوات التالية في عملية احتلال مدينة غزة، فيما احتج أهالي الرهائن خارج مقر جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الاجتماع، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال له: “انسوا الصفقات الجزئية. ادخلوا بكل قوة. أنهوا الأمر”. حسب إعلام عبري.
خلال النقاش الذي استمر قرابة ست ساعات، طلب وزير الأمن القومي بن غفير التصويت على قرار ينص على “رفض أي اتفاق جزئي”, ردّ نتنياهو قائلاً: “لا داعي للتصويت. الأمر ليس مطروحًا على جدول الأعمال، وعلينا التركيز على تفكيك حماس”.
وعارض وزراء إضافيون، وهم الأغلبية في مجلس الوزراء، الاتفاق الجزئي.
وأعرب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، عن دعمه لاتفاق جزئي، وقال للوزراء: “هناك إطار عمل مطروح، وعلينا الالتزام به. لقد هيأت العملية في غزة الظروف المناسبة لعودة الرهائن”.
ولم يُدعَ اللواء (احتياط) نيتسان ألون، رئيس إدارة شؤون الرهائن، إلى اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر. والسبب هو عدم إجراء أي نقاش بشأن مفاوضات صفقة الأسرى.
وتركز النقاش حول احتلال مدينة غزة، حيث عرض الجيش خططه.
المؤسسة الأمنية ضد احتلال غزة وع الصفقة الجزئية
ومن جهة أخرى، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية تقريرا عن لقاء المجلس السياسي الأمني المصغر (الكابينيت) يوم الأحد، وقدم جميع ممثلي الأجهزة الأمنية موقفًا حازمًا مؤيدًا لصفقة جزئية لتبادل الأسرى. كما حذروا من تداعيات السيطرة العسكرية على مدينة غزة، معتبرين أن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى دفع ثمن باهظ لإسرائيل دون إخضاع حماس. ومن غير المعتاد أن أبدى بعض وزراء الليكود أيضًا تساؤلات حول نجاح العملية.
خلف هذه التطورات هناك عنصران مهمان: الرد الإيجابي لحماس على خطة صفقة الأسرى الجزئية، الذي ورد قبل أسبوعين، وإصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تجاهل ذلك وإرسال قوات الجيش قريبًا إلى غزة. وقد فوجئ المسؤولون الأمنيون بأن بعض الوزراء، منهم وزير الخارجية جدعون ساعر، وزيرة العلوم والتكنولوجيا جيلا جمليئيل، وزير التعاون الإقليمي دافيد أمسالم وحتى وزير العدل ياريف ليفين، طرحوا أسئلة صعبة. وقد حذر أمسالم من أن القطاع قد يتحول إلى “فيتنام لإسرائيل”. ووصف ساعر التدهور في مكانة إسرائيل الدولية في ظل استمرار الحرب، وتساءل لماذا تغير موقف إسرائيل (عمليًا موقف نتنياهو) الذي كان مؤيدًا للصفقة في البداية، بينما يعارضها الآن بعد موافقة حماس.
أوضح نتنياهو دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للعملية العسكرية الإسرائيلية، مؤكدًا أن ترامب سيدعم إسرائيل إذا تحركت بسرعة. وصف رئيس الوزراء المعضلة بأنها اختبار تاريخي لإسرائيل، مشيرًا إلى أن الردع الإسرائيلي على المحك، وأن أي اكتفاء بصفقة جزئية دون إخضاع حماس سيعني أن حماس “أسقطت إسرائيل على ركبتيها” من خلال اختطاف مواطنيها. بدا نتنياهو متماهيًا تمامًا مع خطاب وزراء اليمين التوراتي.
طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بإجراء تصويت ضد الصفقة الجزئية، بينما تجنّب نتنياهو الرد مباشرة. وحذرت جمليئيل بن غفير من احتمال خسارته في التصويت. أما وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، فهاجمت رئيس الأركان أيال زامير، مشيرة إلى أنه إذا كان يخشى نتائج الحرب فمن الأفضل أن يستقيل. وأوضح زامير، الذي بدا أقل تأثرًا مما أرادت ستروك ورفاقها أن نظن، أنه ليس الشخص الذي يُظهر طاعة عمياء أمام الكابينيت.
يبدو أن الكابينيت لم يسبق له أن نفذ عملية بهذا التطرف على عكس موقف كبار المسؤولين الأمنيين، رغم أنهم أعلنوا أنهم سينفذون الأوامر عند صدورها. وفقًا لتقديرات جميع الأجهزة الأمنية، فإن عملية عسكرية واسعة في غزة لن تؤدي إلى إخضاع سريع لحماس كما يزعم نتنياهو، ولن تجبر المنظمة على قبول شروطه لصفقة كاملة.
بالمقابل، من المتوقع أن تؤدي إلى تفاقم الموقف الدولي لإسرائيل، وسط مبادرات دولية متزايدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وخطر ارتفاع التوتر في الضفة الغربية.
وحذر زامير الكابينيت من أن العملية الجديدة في غزة قد تستمر سنة كاملة، وأنه لا توجد حتى الآن شروط إنسانية لاستيعاب السكان الفلسطينيين الذين سيُدفعون جنوبًا من المدينة. كما أشار إلى أن النتيجة النهائية للعملية ستكون إنشاء حكم عسكري، وهو أمر ليست الدولة مستعدة له بأي شكل.
يستمر نتنياهو في إظهار عزمه على التحرك رغم المعارضة الواسعة في الأوساط المهنية والجمهور، وفي حد ما داخل الكابينيت نفسه. الأسباب واضحة إلى حد كبير: لا يريد صفقة تنهي الحرب وتفتح الأجندة السياسية لمناقشة أدائه منذ مجزرة 7 أكتوبر والمطالب بتشكيل لجنة تحقيق وطنية، خصوصًا في ظل اقتراب عام انتخابي.
ماذا يريد ترامب من القطاع؟
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” قبل يومين خطة طموحة ناقشتها الإدارة الأمريكية بشأن “اليوم التالي” للحرب. وفقًا للخطة، ستدير الولايات المتحدة القطاع بوصفه وصاية لمدة عشر سنوات على الأقل، يتم خلالها “ترحيل السكان الفلسطينيين طوعًا” أو حصرهم في مناطق صغيرة داخله، بينما يحول الأمريكيون المنطقة إلى منتجع سياحي. بعد عقد، سيكون بإمكان السكان العودة إلى “مدن ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي”.
تبدو فرص نجاح هذا “الريفييرا” بحسب ترامب مماثلة لفرص جمعية غزة الانسانية الأمريكية الاسرائيلية لتقديم المساعدات الغذائية لمليوني غزّي، مع دفع حماس جانبًا — نفس الخطة الطموحة التي ساهمت في تدهور الوضع في القطاع خلال الأشهر الماضية.
ما يفكر فيه ترامب ورفاقه هو خطوة تطهير عرقي واسعة النطاق، قد تؤدي إلى أزمة حادة في مصر وحتى تهدد استقرار حكمها. في الخلفية، يقف اليمين التوراتي في إسرائيل، الذي لا يهتم بالوعود الغامضة بعودة الفلسطينيين مستقبلًا. هم يريدون مستوطنات لليهود وقطاعًا خاليًا من الفلسطينيين، والسياح تهمهم أقل.