
رغم الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي طال أبسط مقومات الحياة من طعام وماء وحتى الهواء، يبقى سؤال ملحًّا يطرح نفسه: لماذا لم تُقطع الاتصالات بشكل كامل عن القطاع؟
في وقت يمنع فيه الاحتلال دخول الغذاء والدواء وحليب الأطفال، ويقصف البنى التحتية بلا هوادة، يثير إبقاء الاتصال ولو بشكل جزئي الكثير من الشكوك. هل هي لفتة “رحمة” من عدو لا يعرف للرحمة طريقًا؟ أم أن في الأمر ما هو أخبث من مجرد صمت الشبكة؟
يرى مراقبون أن السماح باستمرار الاتصالات قد لا يكون سوى وسيلة للتجسس، تتبع الأنفاس، وتسجيل الكلمات، وتحليل البيانات، وتحويل ما تبقى من شبكة الاتصال إلى “مصيدة رقمية”. فيما يعتقد آخرون أنها وسيلة للتحكم في الرواية الإعلامية: تُقطع عندما تُنقل الحقيقة، وتُعاد عندما يكون المحتوى موجّهًا أو مفلترًا.
في زمن الحرب، تتحول أدوات الحياة إلى أدوات هيمنة، وتبقى الاتصالات في غزة سلاحًا ذا حدين… أحدهما يَسمح بالتنفس، والآخر قد يخنق.