عبدالحافظ سعد الطيب
مقدمة:
يمر السودان بمنعطف خطير في تاريخه، حيث تُصاغ في الخفاء تسوية سياسية لا تعبّر عن تطلعات الثورة، بل تُعيد إنتاج قوى الردة بثوبٍ جديد.
ما يجري ليس انتقالًا، بل تدوير للنظام القديم عبر تحالفات انتهازية بين بعض العسكريين وجناح “مرن” من الإسلاميين، مستفيدين من حالة الفراغ الثوري والتشتت داخل قوى الثورة الحقيقية. وحالة الانكفائة وسحب الأرض بفعل الحرب.
أولاً: موازين القوى الحالية (أغلبية صامتة وثقل مناور) المحور الفاعلون الموقف الحالي العسكرالبرهان، ضباط متحالفون يسعون لإعادة تموضعهم كشركاء في “الانتقال المدني”الإسلاميون جناح صلب وجناح مرن الجناح المرن يعيد تسويق نفسه بمشروع “النظام الخالف”قوى التسوية الحرية والتغيير (مركزي)، آخرون فاقدو للسند الجماهيري، وتبحث عن تسوية بأي ثمنالقوى الثورية الحقيقية لجان المقاومة، نقابات، حركات شبابية تملك الشرعية الشعبية لكنها مفككة وتفتقر للتنظيم الموحد
ثانياً: ما الذي يجري فعلاً؟
هناك إعادة هندسة للمشهد السياسي تُقصى فيها القوى الثورية ويُعاد فيها تموضع بقايا النظام القديم تحت يافطات “مدنية”.تتم إحالات انتقائية داخل الإسلاميين لعزل الجناح الصلب، والإبقاء على جناح يمكن ترويضه.مشروع “النظام الخالف” يُبعث من جديد، كوسيلة للعودة دون صدام مباشر مع المجتمع الدولي.
ثالثاً: المخاطر المحدقة
1. ضياع فرصة التحول المدني الحقيقي.2. تمكين قوى النظام القديم بواجهة جديدة.
3. تفكيك ما تبقى من الحراك الثوري وتحويله إلى ديكور سياسي.
4. الرهان على تسوية بلا ضغط شعبي هو انتحار سياسي.
رابعاً: المطلوب من القوى الثورية الآن
1. توحيد الموقف السياسيتشكيل جسم تنسيقي عاجل بين قوى الثورة الحقيقية.صياغة ميثاق ثوري جديد يضع أهداف الثورة في مواجهة مشاريع التسوية المشوهة.
2. تحريك الشارع الواعي والمنظمالمواكب لا تكفي، يجب تحويلها إلى أدوات ضغط سياسي يومي.تنظيم جبهات مقاومة مجتمعية، في الأحياء، النقابات، الجامعات.في الخارج ده المهم
3. فضح مشروع “النظام الخالف”حملة إعلامية تكشف جوهره كإعادة تمكين لا كحل. كشف ازدواجية الخطاب الإسلامي الجديد ومحاولته خداع الشارع باسم “الديمقراطية”.
4. بناء خطاب إعلامي ثوري واضحمواجهة الضبابية الإعلامية للتسوية.إنتاج محتوى ثوري يعيد للناس الثقة في مشروعهم الثوري.
ختام:
الثورات لا تُهزم بالرصاص فقط، بل بالنسيان والتطبيع مع الباطل. وما يجري الآن هو محاولة لتطبيع وجود القتلة والفاسدين، وتحويل الشهداء إلى ذكرى. على القوى الثورية أن تتحرك فورًا قبل أن تُفرض تسوية الواقع المهزوم.التاريخ لا يرحم الصامتين. والفرصة لا تُنتظر، بل تُنتزع..
المصدر: صحيفة الراكوبة