النزاهة الأخلاقية وهشاشة العِظام..!
د. مرتضى الغالي
وزير الصحة الذي عينته “سلطة الانقلاب والفساد في بورتسودان” كتب أخيراً رسالة اعتذار.. ولم تكن رسالته هذه (اقل قبحاً) من فرحته الأولى بقبول هذا المنصب الذي يجعل شاغله من بيادق الانقلاب وأدوات الكيزان لتزوير الحكم المدني….!
قال في خطابه: (شكرا لكم على ثقتكم الكبيرة وستظل يدي ممدودة لكم بالعطاء والدعم) ومعنى هذا انه يتعهّد بالعمل ضمن سلطة الانقلاب وحكومة الكيزان وحركات الارتزاق والمليشيات (مطلوقة العنان)..! فهو يعلم لصالح مَنْ تعمل هذه الحكومة التي قصدوا بها تغطية الحكم القهري بربطات عنق (معروضة للبيع) يجلس تحتها وزراء (أجارك الله)..!
كل الناس تعلم هذه الحقيقة.. بل تكاد لا تغيب حتى عن البهائم في الطرقات الخالية والكلاب الضالة في خرائب الخرطوم..فهل تأبه سلطة بورتسودان ولو بمقدار خردلة بصحة السودانيين وعلاجهم وحياتهم..!
يقول هذا الرحل في اعتذاره: انه قد تهيأ بالفعل لتحمّل المسؤولية بإعداد إستراتيجية صحية شاملة وتطبيقها على الأرض..! فبالله عليك عن أي إستراتيجية وأي تطبيق وأي (سجم رماد) يتحدث هذا الرجل..؟!
مَن الذي سيعطيك مالاً لتنفيذها..؟! والمال محجور لدي (الحركاتي جبريل إبراهيم) والدولارات محفوظة لفرسان الحركات المسلحة حسب “اتفاقية جوبا” التي جعلوها مثل (عجل السامري) رغم أنها فقدت كل مشروعية بعد تمزيق الوثيقة الدستورية واجتثاث كل البنود القانونية والتوافقية تحت (بوت الانقلاب)..!
ليتك انضممت هذه الحكومة (الديكورية البنفسجية الفالصو) لتقاسم صاحبها البهتان والتضليل علي السودانيين وعلى العالم لتغطية خبائث الانقلاب الذي يضع القانون تحت أحذيته ويدوس على حقوق الناس وكرامتهم.؟.|!
لقد كنت تسرف في الادعاء بالوقوف مع ثورة ديسمبر (شعراً ونثراً)…فلماذا لا تقول: أنا لا اشترك في سلطة انقلبت على هذه الثورة.. بدلاً من اللف والدوران حول (التواء الكاحل وعظم الساق)..!
هل أصبح قول الحقيقة مراً وأصبحت النزاهة عسيرة بحيث يتم الالتفاف عليها بتحويل التواء الكاحل إلى (قضية طبية عويصة) تشغل بال الدوائر الطبية في دول اسكندنافيا وبحر البلطيق..!
أنت خاسر في الحالتين: لم تكسب (زهو الوزارة) الذي هرعت إليه بكلياتك أول الأمر..! ثم لم تكسب احتراب شعبك بهذا الاعتذار القبيح وحديثك عن (ثقة الانقلاب الغالية في شخصك) وتأكيدك انك كنت (لولا وقوعك في حفرة بسلطنة عُمان) سوف تتشرّف بالعمل في هذه السلطة الغاصبة..فماذا ربحت بالله عليك..!
مثل هذا الموقف المتهالك تجد قرينه وشبيهه عند (مستوزر آخر) شحن جاكتته بأزرار لامعة وهرع إلى بورتسودان..وكان أول ما قاله بعد أدائه “حنث القسم” أمام البرهان انه (يقف مع معركة الكرامة)..!!
يعنى أنه أصبح في غمضة عين من (مدير شركة للألبان) إلى (محارب اسبرطي) في معركة يسمع بها لأول مرة..ولا يعرف لها (كوعاً من بوع)..!
هل رأيت كيف يتمسّك كامل إدريس بالرجال التكنوقراط…؟! أنت تفهم في بيع الألبان..أنت إذن وزيراً للثرة الحيوانية…الله لا كسّبكم..!!
المصدر: صحيفة التغيير