تأسفت الجهة المهنية التي بذلت ما سمّته “جهدًا كبيرًا” في “تهيئة أرضية العمل بشيكات خاصة للتخفيف من عبء مصاريف السفر، وتشجيع السياحة الداخلية في سياق الضربة القاصمة التي تسببت فيها جائحة كوفيد19 سنة 2020″، موردةً أن “ضعف التجاوب من قبل بعض الفاعلين في القطاع، وغياب التنسيق الفعّال مع الجهات المعنية، حال دون تفعيل هذا الورش كما كان مخططًا له”.
وكانت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، أكدت صيف 2022 أن “الوزارة تنسق مع وزارة الاقتصاد والمالية لإطلاق هذه الشيكات بهدف التخفيف من ثقل مصاريف السفر بالنسبة للسائح الوطني”؛ وهو المشروع الذي كان يُعوَّل عليه لتشجيع السائح المغربي على التجول في مختلف أنحاء التراب الوطني.
وأكدت مصادر مهنية لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “التجربة، رغم تعثرها في مراحلها الأولى، مازالت قابلة للتفعيل إذا ما توفرت الإرادة السياسية والدعم الإداري اللازم”، داعيةً إلى “إطلاق مشاورات جديدة تجمع كافة المتدخلين من القطاعين العام والخاص، لوضع آلية عملية تضمن إطلاق هذه المبادرة وتحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية، في سياق النقاش المتواصل كل صيف بشأن غلاء الخدمات السياحية”.
وقال محمد باعيو، أمين المال السابق بالكونفدرالية الوطنية للسياحة، إن “تأخر تنزيل هذه الشيكات يثير فعلا الكثير من الأسئلة، خصوصًا أن سنوات مرّت على المصادقة على مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020، الذي ورد ضمنه بندٌ اعتبر أن هذه الشيكات تمثل مقتضيات جديدة جديرة بالاهتمام”، وزاد: “عدم استفادة المغاربة منها إلى حد الآن يجعلنا في حيرة، فهل تعرضت المبادرة لبوار تام؟”.
وسجّل باعيو، الذي تكلّف بهذا الملف حين كان الموضوع في واجهة النقاش العمومي بالمغرب، “غيابًا لتفعيل حقيقي لهذا المشروع، في ظل غموض يكتنف مصدر التقصير، سواء أكان من المهنيين أم من الحكومة، أم من الوزارة الوصية”، وتابع: “ما استطعنا القيام به أنجزناه. أجرينا لقاءات مكثفة مع الأطراف المعنية، بما فيها مديرية الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وأورد الفاعل المهني ضمن تصريحه لجريدة هسبريس أن “الإكراهات التي عطّلت هذه التجربة غير مفهومة، مع أن وزارة السياحة قد تكون واجهت عقبات في التنسيق مع القطاعات الحكومية الأخرى، ولاسيما وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة الاقتصاد والمالية”، وواصل: “ما بلغنا أن الوزيرة فاطمة الزهراء عمور لديها حُسن نية ورغبة كبيرة في المضي في هذا المشروع”.
وأكد المتحدث ذاته أن “تفعيل شيكات السفر من شأنه أن يشجع السياحة الداخلية، ويساعد المواطنين على التحضير الجيد للعطلة، على اعتبار أن الأخيرة حق لكل مغربي، كيفما كان عمله ومستواه الاجتماعي”، مضيفًا أن “الهدف من هذه الآلية هو تمكين من لا يستطيع أداء تكاليف عطلته من الاستفادة من دعم الدولة، خاصة في ظل الضغط اليومي الكبير الذي تعيشه الطبقة العاملة وفئات الموظفين”.
وشدّد باعيو على “دور هذه الشيكات في التخفيف من حدة النقاشات المرتبطة بغلاء الأسعار”، مع تأكيده على أن “ارتفاع أسعار الخدمات السياحية يظل أمرًا نسبيًا يختلف من شخص لآخر”، وأردف: “مسألة الغلاء تُطرح أحيانًا خارج سياقها الواقعي، لأن للمستهلك كامل الحرية والصلاحية في اختيار الخدمة التي تناسبه”.
وتدخلت هسبريس لتنبيه المتحدث إلى شبهات “التواطؤ الموجود بين المهنيين لتحديد الأسعار”، بالنظر إلى تقارب الأثمان بشكل يقوّض المنافسة وفق فاعلين، فردّ بأن “هذا المشكل يعود إلى ضغط الطلب الذي يفوق العرض”، وهو ما يتطلب، حسبه، “العودة إلى نظام عطلة ‘الأقطاب’، أي التقسيم الجهوي للعطل، الذي تراجع عنه وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، محمد حصاد، بعدما وضعه سلفه رشيد بلمختار لتشجيع السياحة الداخلية”.
المصدر: هسبريس