تشهد ولاية كسلا في الآونة الأخيرة تصاعداً خطيراً في معدلات الجريمة والتفلتات الأمنية؛ ما بين حوادث قتل وسطو مسلح ونهب وسرقات، بالتزامن مع اتساع رقعة تعاطي المخدرات، وخاصة مادة “الشبو” المدمرة، الأمر الذي جعل الولاية تعيش حالة من الخوف وعدم الاستقرار وسط مواطنيها..

التغيير: كسلا

يروي مواطنون في مدينة كسلا، مشاهد يومية صادمة، تبدأ من العثور على طفل مُلقى في خور مائي، وفتاة متعاطية تُركت على قارعة الطريق، بعد عجزها عن الحصول على جرعة، إلى جانب عصابات “9 طويلة” التي تهاجم المواطنين وتخطف الهواتف والمواتر جهاراً نهاراً، حتى بالقرب من المؤسسات الرسمية.

أما الأسواق فقد تحولت إلى مسرح مفتوح للفوضى، حيث يتجول أطفال صغار يتعاطون المخدرات، فيما يتعرض آخرون لاضطرابات عقلية بلا رعاية تُذكر، وسط مشاهد سرقة ومطاردات متكررة لا تكاد تخلو منها الأيام.

وتروي فتيات قصصاً مرعبة عن تهديدهن بالسلاح الأبيض أو الناري في الشوارع العامة، بينما يؤكد مواطنون أن حتى “الشباشب” من المساجد أصبحت هدفاً للسرقات اليومية.

أحدثت وفاة عم إدريس أحد رواد المساجد المعروفين صدمة كبيرة في المجتمع الكسلاوي، بعد تعرضه للاعتداء أثناء ذهابه لصلاة الفجر. ورغم ما أشيع بدايةً عن تورط متعاطي مخدرات في الحادثة، أكدت مصادر من ذويه أن القاتل كان مريضاً نفسياً من أبناء الحي وليس متعاطياً، الأمر الذي يعكس حجم هشاشة الوضع الأمني والخطر الذي يتهدد المواطنين حتى داخل أحيائهم.

بيئة خصبة للمخدرات

يُجمع مراقبون أن تفشي البطالة وانعدام الأنشطة الإنتاجية للشباب، إلى جانب غياب الدور الفاعل للأجهزة الأمنية، شكّل بيئة خصبة لانتشار تجارة وتعاطي المخدرات. كما ساهمت الحملات المتقطعة ضد تجار المخدرات في خلق ندرة رفعت أسعار المواد المخدرة، ما دفع المتعاطين إلى ارتكاب مزيد من السرقات والسطو للحصول على المال.

الكثير من المواطنين عبّروا عن غضبهم من ضعف الأجهزة النظامية، متهمين السلطات بالانشغال بالجبايات والرسوم، بينما يظل المواطن بلا حماية. ويقول أحدهم: “إن الشرطة موجودة فقط في المرور والتحصيل، أما الأسواق والأحياء، فقد تُركت نهباً للمجرمين”، مما جعل الأمن في كسلا هشاً وقلقاً أكثر من أي وقت مضى.

ورغم هذه الصورة القاتمة، أعلنت مباحث كسلا عن نجاحها مؤخراً في ضبط عصابة “9 طويلة” حاولت سرقة موتر أمام مستشفى كسلا التعليمي، إضافة إلى القبض على متهم سرق عربة “بوكس”. لكن هذه النجاحات تُعتبر محدودة مقارنةً بحجم التحديات اليومية التي يواجهها المواطنون.

أمام هذا الواقع، يدعو مواطنو كسلا إلى إطلاق حملات أمنية مكثفة ودائمة لتجفيف أوكار الجريمة والمخدرات، وإدخال المتعاطين في برامج علاجية وتأهيلية، وسنّ قوانين رادعة تُطبّق بصرامة ضد السارقين والقتلة وتجار المخدرات، مع مشاركة المجتمع المحلي في تكوين دوريات شعبية لحماية الأحياء.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.