
في مقتل مهند الفضل واخوانه ممنوع الشماتة وممنوع الهبل والاستهبال كذلك!
رشا عوض
مهند الفضل وغيره من الاف مقاتلي المليشيات الكيزانية الذين قتلوا في هذه الحرب القذرة هم شهداء التنظيم الاسلاموي في معركة عودته الى السلطة ، ولكن رغم ذلك هم جزء من النسيج الاجتماعي في هذه البلاد ومن باب احترام مشاعر اسرهم يجب عدم اظهار الشماتة والفرح في موت اشخاص بعينهم والتلذذ بذلك ، فهذا لا يليق، وهذا مجرد سلوك فردي لافراد في التيار المدني الديمقراطي وليس امرا اجمع عليه هذا التيار الكبير والمتنوع كما يحاول المضللون الترويج لذلك ، فقد تصدت اقلام مرموقة في تيار السلام والديمقراطية ضد الاحتفاء بالموت وتصفية حسابات الغبائن مهما كبرت فوق الجثث مهما بلغ الاختلاف مع اصحابها، فعلى سبيل المثال لا الحصر كتبت الشاعرة الفخيمة وئام كمال الدين مستنكرة لهذا المسلك ، وكتبت الشابة النابهة مي فيصل في ذات الاتجاه ، كما كتب بعمق الاستاذ حسام ابو الفتح والاستاذ عبد الرؤوف طه ووافقهم كتيرون من ذات التيار، ومؤكد هناك اخرين كثر لم اطلع على كتاباتهم .
نحن في مأتم وطني كبير ، ولا نملك ترف الابتهاج باي شيء! اذ لا فرح الا يوم ان تتوقف هذه الحرب على اساس مشروع وطني يحول دون اشتعالها مجددا، ومن شروط ذلك المشروع ان يترفع حاملوه عن سلوكيات اصحاب مشروع الحرب والاستبداد والفساد من الكيزان الذين ياما تراقصوا فرحين حول جثث معارضيهم وفي التلفزيون الرسمي للدولة كما فعلوا يوم مقتل قائد حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم ! وخلال هذه الحرب هللوا وكبروا وهم يجزون الرؤوس ويبقرون البطون ويضعون الجماجم تحت اقدامهم! وحتى بعيدا عن الحرب ، تعاملت كتائبهم مع الثوار السلميين في ساحة الاعتصام بالقتل والحرق والسحل والقاء الجثث في النيل ، كما تعاملت اجهزتهم الامنية مع المتظاهرين السلميين بتصويب الرصاص الى الرأس والصدر تنفيذا لتوجيهات ( shot to kill) الصادرة عن علي عثمان محمد طه ، هذا الارث الطويل من العنف هو نتاج مشروع الحركة الاسلامية اسما الاجرامية فعلا ، ومقاتلو البراء بن مالك والبرق الخاطف ولواء النخبة والعمل الخاص يقاتلون في سبيل اعادة تمكين هذا المشروع من رقاب السودانيين مجددا ، هذا يفسر ولا يبرر الشماتة التي يظهرها بعض ضحايا هذا المشروع عند اذاعة نبأ مقتل احد القتلة بواسطة القوات التي صنعها تنظيمهم خصيصا لتقتل وتقتلع خصومهم فانقلب السحر على الساحر! نرفض الشماتة لاننا لا نريد ان نكون نسخة من عدونا، في هذا السياق يمكن ان نقبلعتاب او حتى توبيخ من يمارس الشماتة من صفنا المدني ، ولكننا لا نستطيع ان نقبل ( الهبل والاستهبال او التنطع ) الذي يطالبنا به البعض بسذاجة او بحسن نية او بتواطؤ مع الكيزان فنتحدث عن قتلى كتائب الحركة الاسلامية كشهداء ضحوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن الارض والعرض ! مقتل اي فرد في هذا التيار لن يلغي الاختلاف الفكري والسياسي مع التنظيم الذي في سبيله وليس في سبيلنا نحن كسودانيين قدم القتيل حياته! الموت ينهي الخصومة مع الميت ولكنه لا يلغي المسافة الفاصلة بين مشروعين سياسيين وبين سرديتين مختلفتين للحرب! هل مقتل اسامة بن لادن وايمن الظواهري وابو مصعب الزرقاوي على يد عدوهم يجب ان يلغي الموقف الفكري الرافض جذريا لافكار وافعال تنظيم القاعدة؟ هل مقتل ابوبكر البغدادي يجب ان يلغي الموقف المناهض تماما لتنظيم داااعش؟
ان مقتل اي كوز في ميدان المعركة لن يجعلنا نغير نظرتنا للحرب وتعريف اطرافها واهدافها وغاياتها! تظل حقيقة الحرب كما هي: جريمة مكتملة الاركان ضد الوطن والمواطن سببها المباشر وجذرها الرئيس هو نظام الكيزان .
مقتل اي كوز في هذه الحرب لن يجعلنا نمحو من ذاكرتنا صورة النسخة الاقبح والابشع من الجنجويد اي نسخة موسى هلال التي قتلت واحرقت واغتصبت وشردت في دارفور بتخطيط ورعاية وحماية ابطال ” حرب الكرامة” الحالية!!اين كانت حماية الارض والعرض حينها؟ فنحن نعلم تمام العلم ان الكرامة المقصودة في هذه الحرب هي كرامة التنظيم الذي فقد السلطة لا كرامة الشعب السوداني الذي انتهك عرضه او طرد من بيته او نهب ماله!!
مقتل الكوز في معركته الخاصة جدا لن يجعلنا نصدق ان سدنة النظام الذي ابتدع في سلك وظائف جهاز امنه وظيفة اخصائي اغتصاب هم حماة اعراضنا ويقاتلون في سبيل صونها! لن نتورط في مثل هذا “الهبل” المحض وما ينبغي لنا! من قتل منهم في حرب كرامتهم هذه فان اقصى درجة تسامح ممكنة معه هي ان ندعو له بالرحمة والمغفرة وهو بين يدي الحكم العدل، ولكننا لن نسميه شهيدا كما يطالبنا بعض المحتالين المحسوبين على الثورة!
ولا ادري على من كانت ثورتكم وعلى ماذا ثرتم ما دمتم ترون في الذين يقاتلون من اجل محو الثورة واعادة النظام الذي ثرتم عليه شهداء وحماة ارض وعرض!!
نتفهم تماما ان يستميت الكيزان في محو ذاكرة الشعب السوداني وبرمجتها على ان تاريخ السودان بدأ يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ بهبوط الجنجويد من السماء ليقتلوا وينهبوا ويغتصبوا فخرج الجيش وكتائب الحركة الاسلامية لمحاربتهم لمجرد حماية الارض والعرض لسواد عيون السودانيين ، وان الكيزان زاهدون تماما في السلطة ولا محرك لهم في هذه الحرب سوى فعل الخير للسودانيين ولهذا السبب يجب ان يشعر كل السودانيين بالامتنان والعرفان بالجميل للكيزان فهم المنقذ المخلص من الجنجويد!!
هذا الاستهبال مفهوم جدا من كوز ضلالي راغب في تصفير العداد السياسي وتسويق نظامه المنبوذ شعبيا مجددا تحت مزاعم المنقذ المخلص ، ومفهوم جدا من صحفي متخصص في ” قمبرة الشعب السوداني” مقابل شقة في القاهرة او فيلا في الدوحة! ولكن هل يعقل ان يشارك ثوري في مثل هذا الاستهبال والتضليل؟ هل يعقل ان يغفل ثوري عن حقيقة ان من جعل هذه الحرب حتمية هو النظام الذي خلق واقع تعدد الجيوش وفي ذات الوقت اعتمد على القوة العسكرية كوسيلة لاحتكار السلطة فكانت النتيجة هذه الحرب التي دفع ثمنها الابرياء! هل يعقل ان تكون هذه الحرب من وجهة نظر الثوري رافعة سياسية واخلاقية لصالح الكيزان تستوجب تقليدهم اوسمة الشهادة والامتنان والعرفان بسبب حماية الارض والعرض بدلا من ان تستوجب مساءلتهم بصرامة وحزم ثوري عن صناعة المليشيات التي ما زالت مستمرة حتى الان، وعن مؤامراتهم على الانتقال المدني الديمقراطي وعن قتلهم للثوار السلميين وعن رفضهم المغلظ لقبول حقيقة ان نظامهم سقط واصرارهم على اعادة عقارب الساعة الى الوراء بواسطة هذه الحرب واصرارهم على استمرارها وعرقلتهم لاي مساعي لايقافها واستعدادهم لتقسيم البلاد مقابل احتكار السلطة! الثوري الحقيقي لا يمكن ان تكون بوصلته معطوبة لهذه الدرجة، لا يمكن ان يكون على الكيزان رؤوف رحيم ولكنه شديد الغلظة على رفاقه في التيار المدني المناهض للحرب والمنادي بالسلام ، ومهما حاول اصحاب هذه المواقف المريبة تبريرها بموقف متشدد من الد.عم السريع سيظل السؤال من صنع الد.عم السريع؟ وما علاقة الطبطبة الحنونة على الصانع بكراهية المصنوع؟
المصدر: صحيفة التغيير