كيف زادت حدة التفرقة العرقية والعنصرية بعد الحرب؟
تاج السر عثمان بابو
1
أشرنا سابقا إلى دور الاستعمار البريطاني في خلق القنابل الموقوتة التي يعاني منها السودان بعد الاستقلال مثل: تقسيم البلاد على أسس طائفية، وإصدار قانون المناطق المقولة لعزل أبناء الجنوب ودارفور النوبا وجنوب النيل الأزرق عن الشمال، وإصدار قانون الإدارة الأهلية.،وتقسيم السودانيين على أساس قبلي الخ، مما قاد لتمزيق وحدة البلاد’ بعد الاستقلال ونتيجة للتنمية غير المتوازنة، وانفجرت مشكلة الجنوب وقضايا مناطق دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق، والمطالبة بحقها في التنمية والتعليم والخدمات الصحية.
زاد الطين بلة النزعات العنصرية الاستعلائية للإسلامويين التي تعامل أبناء تلك المناطق من الدرجة الثانية، كما حدث بعد انقلابهم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩، الذي عمق الاتجاهات القبلية والعنصرية، وتقسيم المواطنين على أساس ديني وقبلي وأعاد سؤال القبيلة، وحول حرب الجنوب الي دينية، وتوسع في الحروب بسبب سياساته العنصرية لتشمل دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق، مما قاد لانفصال الجنوب، الذي فتح صندوق باندورا لانفصال دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق.
وبعد الحرب اللعينة وما حدث فيها من إبادة جماعية وتطهير عرقي وعنف جنسي، وقتل على أساس عرقى، وقيام الحكومة الموازية في نيالا الي جانب حكومة بورتسودان غير الشرعية، الأمر الذي يهدد وحدة البلاد ويطيل أمد الحرب، توسع الإسلامويون في التفرقة العنصرية، باصدار قانون
“الوجوه الغريبة” في مناطق سيطرة الجيش الذي يعمق الكراهية بالتمييز العنصري والعرقي’ مما يهدد بتكرار تجربة انفصال الجنوب. يستهدف القانون أبناء دارفور وجبال النوبا باعتبارهم غرباء ، حيث يتم توقيف الأشخاص بناءً على ملامحهم، لهجاتهم، أو أصولهم الإقليمية، متهمين إياهم بالتجسس أو التعاون مع الدعم السريع. مما يعمق الكراهية والتفرقة العنصرية، ويعجل بالانفصال.
لا يمكن تصاعد والنزعات العنصرية والعرقية والجهوية التي يقودها الإسلامويون. لا يمكن عزل ما يجرى عن تصاعد الفاشية في مراكز العالم الرأسمالي كما في دعوات ترامب التي تعمق الاتجاهات العنصرية، اضافة لتصاعد ها في أوروبا ضد الأجانب، مما يقود للانقسام في حركة الطبقة العاملة والحركة الجماهيرية المتصاعدة لوقف الحروب بهدف نهب الموارد الثروات في ظل اشتداد وتفاقم حدة الصراع بين أقطاب الرأسمالية في العالم. وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية التي تدهورت.
2
كما اوضحنا سابقا، أن أخطر ما في الحرب الجارية حاليا هو تحولها على أساس عرقى بالتصفيات على أسس عرقية وعنصرية، مما يهدد النسيج الاجتماعي، ويؤدي الي تقسيم البلاد، فقد استمرت التصفيات على أسس عرقية التي قام بها طرفا الحرب والمليشيات التابعة مثل كتائب البراء بن مالك. الخ، كما حدث في الخرطوم ومدني، ودارفور وكردفان. الخ، كما في القتل والذبح، وبقر البطون في جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي.
مما يتعارض مع أهداف ثورة ديسمبر التي وقفت ضد العنصرية، وكان من شعاراتها “ياعنصري ومغرور كل البلد دارفور ” فالاسلامويون هم الذين صنعوا الدعم السريع ومارسوا معه الإبادة الجماعية في دارفور.. حتى أصبح المخلوع عمر البشير مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية.. إضافة لشن الحرب الدينية في جنوب السودان وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وما نتج عن ذلك من إبادة وجرائم حرب واغتصاب للنساء.. وجرائم ضد الإنسانية وكانت النتيجة فصل الجنوب.. إضافة للقمع الوحشي للمعارضين السياسيين والنقابيين وتشريد الالاف من اعمالهم.. ونهب ممتلكات الدولة وثروات البلاد.. والتفريط في سيادة الوطن واراضيه . وبعد ثورة ديسمبر وقفوا ضد الثورة و شاركوا مع الدعم السريع وَاللجنة الأمنية في مجزرة فض الاعتصام، والقمع الوحشي للمواكب السلمية، و شاركوا في مهزلة انقلاب اللجنة الأمنية بعد ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ ..وعودة الفلول والتمكين وإعادة الأموال المنهوبة ومشاركة مليشيات وآمن المؤتمر الوطني في القمع الوحشي المواكب السلمية والتعذيب الوحشي للمعتقلين مع الجنجويد وقوات حركات جوبا. وحتى المشاركة في الحرب الجارية ووقف حجر عثرة أمام إيقافها، مما أدي للمزيد من جرائم الحرب وتدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك ومواقع الإنتاج الصناعي والزراعي.
3
وأخيرا، يبقى من المهم مواصلة تصعيد المقاومة الجماهيرية بمختلف الأشكال حتى وقف الحرب واسترداد الثورة، وضد العنصرية والتفرقة العرقية والقبلية، ووقف الابادة الجماعية والقتل على أساس عرقى، وقيام الحكم المدني الديمقراطي. وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين او اللغة او الجنس او النوع او الثقافة او المعتقد السياسي اوالفلسفي، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها و مهام الفترة الانتقالية.
المصدر: صحيفة التغيير