عبد القادر محمد أحمد المحامي 

عبد القادر محمد أحمد المحامي

الدولة السودانية في حالة حروب داخلية، وانهيار اقتصادي، وموت جماعي، وتمزق اجتماعي، والبرهان يديرها بطريقة تجعل العاقل حيرانًا والحليم غضبانًا، والشعب بأسره في حالة تيهٍ!
زيارات خارجية في الخفاء، واجتماعات لا يعرف أحد مخرجاتها، ثم عودة تعقبها قرارات في اتجاهات متناقضة، يحتار الناس في مغزاها.!تمسّك بالحرب تقابله قرارات بإحالة عسكريين للتقاعد، يراها البعض إقصاءً لحاملي السلاح، ويفسرها البعض خطوة نحو الإصلاح!
قرارات بإخضاع الميليشيات الإسلامية للجيش، يفسرها البعض خطوة نحو إنهاء الفوضى العسكرية، ويراها البعض دخولًا لإسلاميين أكثر تطرفًا إلى الجيش من ذات الباب الذي خرج منه المحالون للتقاعد!
قرارات يفسرها البعض لصالح مخرجات جنيف “غير المعلومة”، ويفسرها البعض صراعًا بين التيارات الإسلامية داخل وخارج الجيش!قرارات يقول البعض إنها إملاءات خارجية، ويقول البعض إنها من عناصر داخلية، ويقول البعض إنها “برهانية” تشبه طريقه الحفر بالإبرة: بطيئة، متواصلة، ومثيرة للحيرة!
في ظروف معينة قد يستعمل القادة الغموض كأداة لإرباك الخصوم أو فتح الخيارات، لكن ليس للدرجة التي تغيب فيها كل المؤسسات وتختفي فيها كل الأصوات، وتخضع الدولة بكاملها لمزاج الفرد: أين بقية الجنرالات؟ أين الكباشي؟ أين العطا؟ أين رئيس الوزراء؟ أين الوزراء؟ هذا الانزواء لا يعفيكم من المسؤولية أمام الله والوطن والتاريخ!
هذه الطريقة في إدارة الدولة تفقدها المزيد من الثقة والاستقرار والقدرة على التخطيط الواعي لمواجهة التحديات، وتدخلها في المزيد من التآمرات والصراعات الخفية.
هذه الطريقة الارتجالية الفوضوية في إدارة الدولة سترتد بنتائج عكسية على من يستخدمها. لقد استخدمها القذافي وانتهى مصيره داخل ماسورة صرف صحي، واستخدمها صدام وانتهى أمره داخل حفرة، واستخدمها هتلر من قبلهم وانتهى أمره منتحرًا، ولكن بعد أن دمر جميعهم شعوبهم وأوطانهم.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.