فتحت الحملة الأخيرة التي شنتها السلطات الأمنية ضد الدراجات النارية المعدلة الباب واسعا لمساءلة وزارة الصناعة والتجارة، وكشفت عن وجود ما وصفه فاعلون مدنيون بـ “لوبي شركات” ينشط في هذا المجال، ليجد مستعملو هذه الدراجات أنفسهم في نهاية المطاف “ضحايا” والحلقة الأضعف في هذه المعادلة.

إجراءات ميدانية صارمة

شرعت السلطات الأمنية مؤخرا، بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، في حملة وطنية واسعة للحد من الحوادث المتزايدة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، والتي باتت مسؤولة عن أكثر من 30% من إجمالي وفيات حوادث السير بالمغرب.

تعتمد الحملة على استخدام أجهزة قياس السرعة القصوى “Speedomètre”، حيث يتم إخضاع الدراجات لاختبار ميداني، وتُعتبر أي دراجة تتجاوز سرعتها 57 كيلومترا في الساعة “غير قانونية”، مما يؤدي إلى حجزها وتحرير محضر يُحال إلى النيابة العامة، حيث أسفرت هذه الإجراءات عن حجز مئات الدراجات حتى الآن.

اتهامات للجهات الرسمية والشركات

في هذا السياق، حمّل مصطفى الحاجي، رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية، وزارة الصناعة والتجارة مسؤولية مباشرة، متسائلا عن سماحها باستيراد أسطوانات محركات بسعة 70 و110 سنتيمترا مكعبا، رغم أنها تُستخدم خصيصا لتعديل الدراجات التي لا تتجاوز سعتها القانونية 49 سنتيمترا مكعبا.

وفي تصريح لجريدة “العمق”، أثار رئيس الهيئة المغربية لجمعيات السلامة الطرقية، والباحث في مجال التربية الطرقية والسلامة المرورية، مصطفى الحاجي، مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة، لكونها تسمح باستيراد أسطوانات من حجم 110 و70، علما أن قطع الغيار هذه تستعمل لتعديل الدراجات ذات الأسطوانة 49cc.

وأضاف المتحدث، أنهم باعتبارهم فاعلين مدنيين في مجال السلامة الطرقية، نبهوا قبل عشر سنوات إلى مشكل تعديل الدراجات النارية من طرف لوبي يضم شركات، و”حذرنا المقبلين على شرائها مرارا لكننا لم نلمس تجاوبا وتعاونا من المواطنين”.

وأضاف الحاجي أن هناك لوبي يضم عدد من الشركات “التي تستغل اللهفة الكبيرة لدى الكثيرين على شراء الدراجات النارية وتتلاعب بالعقول، وتعمل على تعديل الدراجات النارية ليزيد عليها الإقبال، وتراكم الأرباح”.

وأوضح أن عدد من زبناء بائعي الدراجات النارية “تدفعهم ثقتهم في الدولة ومؤسساتها” إلى شراء الدراجات النارية من عدد من نقاط البيع باعتبارها مرخصة وتخضع للقانون، لكنهم يخدعون بشراء دراجة معدلة، ليتحولوا اليوم إلى “ضحايا” في ظل الحملة القائمة.

واعتبر أنه من واجب وزارة الصناعة والتجارة أن تخرج اليوم بقرار يمنع استيراد وبيع واستعمال أسطوانات 70 و110، مشيرا إلى أن عددا من الدراجات النارية المستوردة يتم تعديلها من قبل شركات قبل بيعها، بتركيب أسطوانة 110 أو 70، وأثار المتحدث أيضا مسؤولية إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.

حلول مقترحة

ودعا الحاجي إلى ضرورة توعية الناس ومستعملي الدراجات عبر وصلات ومقاطع فيديو وإطلاق حملات تحسيسية، حتى يكون الراغبون في شراء الدراجات النارية على بينة من الأمر، “أما القيام بحملة بشكل مفاجئ دون إعلام الناس ودون أن نزرع فيه الوعي، فهذا يجعل من مستعمل الدراجة ضحية”.

كما اقترح مصطفى الحاجي إطلاق حملات لقياس سرعة الدراجات النارية، لكن دون عقوبة أو حجز، بل عبر تنبيه من تخالف دراجته المعايير المعتمدة، وإعطائه مهلة لتصحيح الوضع، فإذا ضبط مرة أخرى بعد انتهاء المهلة تحجز الدراجة ويطبق عليه القانون.

وحذر الفاعل الجمعوي من أن يتكرر هذا الوضع في المستقبل مع مستعملي “التروتينيت”، قائلا إن هيئته تنبه لهذا الوضع منذ سنتين، مشيرا إلى أن هناك أنواع من التروتينيت تسير بسرعة كبيرة جدا، “وسبق لنا أن صادفنا واحدة تسير بسرعة 100 كلم في الساعة”.

غضب في الشارع

وكانت السلطات الامنية قد شرعت خلال الأيام الاخيرة في حملة وطنية واسعة بتنسيق مع “نارسا”، للحد من الحوادث المتزايدة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، والتي باتت تمثل أكثر من 30% من إجمالي قتلى حوادث السير بالمغرب، بحسب معطيات رسمية.

واعتمدت الفرق الامنية على أجهزة قياس السرعة القصوى المعروف باسم “Speedomètre”، حيث يتم إخضاع الدراجات لاختبار ميداني، وكل دراجة تتجاوز 58 كلم/ساعة تعتبر “غير قانونية”، ويتم حجزها مع إحالة محضرها على النيابة العامة، حيث أسفرت الحملة عن حجز مئات الدراجات.

الإجراءات الجديدة أثارت غضبا واسعا بين أصحاب الدراجات النارية، الذين اعتبروا أن القرار “يعاقب المواطن بدل الشركات المستوردة”، حيث قال صاحب دراجة في تصريح لـ”العمق”: “المشكل بين الدولة والشركات التي تسمح ببيع هذه الدراجات بمحركات كبيرة، لا مع المواطن الذي اشتراها بشكل قانوني”.

كما انتقد آخرون قيمة الغرامات المالية التي تصل إلى 30.000 درهم، واصفين إياها بـ”الخيالية وغير المتناسبة مع القدرة الشرائية للمغاربة”، فيما قال مواطن آخر للجريدة: “لو كنت أملك 30.000 درهم، لصرفتها على أسرتي بدل دفعها مخالفة”.

في المقابل، عبر عدد من المواطنين عن ارتياحهم للحملة، معتبرين أن الدراجات المعدلة تسبب ضجيجا متواصلا وتهدد سلامة المارة، خصوصا الأطفال في الأحياء السكنية، وفق تعبيرهم.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.