علي أحمد
شهدت منطقة أبو قعود، غرب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، معركة ضارية انتهت بمقتل الجهادي الحربي مهند فضل، نائب قائد ميليشيا “البراء بن مالك” المتطرفة. وبمقتله، تتلقى هذه الجماعة التكفيرية ضربة موجعة جديدة، وهي التي ارتبط اسمها بتبنّي أفكار جهادية عابرة للحدود، ومحاولات إحياء شبكات التطرف في قلب السودان.
تقع أبو قعود على بُعد نحو ٣٥ كيلومتراً من الأبيض، المدينة التي ترزح منذ أسابيع تحت حصار محكم تفرضه قوات الدعم السريع. ويجعل هذا الموقع المعركة ذات أهمية استراتيجية بالغة، إذ إن سقوط قادة الميليشيا على تخوم الأبيض يمهّد لمزيد من العزلة على المدينة، ويقرّب المعركة الفاصلة هناك.
لم يكن مهند فضل مجرد مقاتل، بل كان واحداً من أبرز القيادات العقائدية التي برزت في صفوف “البراء”. وُلد في مدينة الرهد أبو دكنة، وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة السودان حيث تولى منصب الأمين العام للحركة الإسلامية داخلها، قبل أن يتحول إلى أحد المنظّرين والمتشددين البارزين. وقد نشط في التخطيط للحرب من مكتب “المك نمر” بالخرطوم، ثم التحق بالميليشيا وتدرج سريعاً حتى أصبح نائباً لقائدها وقائداً لعملياتها في كردفان.
إن مقتله اليوم يكشف مدى الهشاشة التي باتت تعانيها هذه الجماعة، إذ لم يعد في وسعها حماية أبرز قادتها. وهو حلقة في سلسلة طويلة من الخسائر الفادحة: ففي معركة أم صميمة وحدها خسرت الميليشيا نحو 830 عنصراً إرهابياً، بينما بلغ إجمالي قتلاها في معارك شمال كردفان بما في ذلك النهود والخوي والدبيبات قرابة ألفي قتيل، وفق تقديرات ميدانية. وهذه الأرقام تعكس نزيفاً بشرياً وتنظيمياً يصعب على أي جماعة مسلحة تعويضه.
إن القضاء على قادة مثل مهند فضل لا يقتصر أثرها على ساحة القتال فحسب، بل يمتد ليحمل أبعاداً أمنية وإقليمية أوسع. فالميليشيات الإرهابية مثل “البراء” لا تمثل خطراً على استقرار السودان وحده، بل تشكل تهديداً مباشراً لدول الجوار وللمجتمع الدولي، عبر ارتباطها بتهريب السلاح ومحاولات التمدد الفكري والعسكري.
وبذلك، فإن نجاح قوات الدعم السريع في القضاء على هذه القيادات الإرهابية يُعَد إسهاماً مباشراً في تحجيم خطر التطرف، وخطوة ضمن معركة أشمل تهدف إلى تجنيب السودان والمنطقة برمتها مصير الفوضى التي تصنعها التنظيمات العقائدية المتشددة.
المصدر: صحيفة الراكوبة