صباح محمد الحسن

طيف أول:

كيف لهذا الفلك أن تتقاطع مداراته هكذا!!

وقرار قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، القاضي بإخضاع جميع الفصائل المسلحة العاملة إلى جانب القوات المسلحة، لأحكام قانون القوات المسلحة لسنة 2007، أخذ مكانه الصحيح في دائرة التساؤل، بالرغم من أن الالتباس فيه زاحم الاستفهام كيف يستطيع القائد جعل القوة المشتركة لحركات دارفور تحت مظلة القوات المسلحة!!، سيما أن الحركات المسلحة ترى أنها قاتلت بجانب الجيش وفق اتفاقية جوبا للسلام كقوات مستقلة، وليست واحدة من القوات المساندة؟ ولذلك رفضت القرار، وقالت إنها غير معنية به. جاء ذلك على لسان عدد من قادتها، وقال صادق علي النور، القيادي بالقوة المشتركة والناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان قيادة مناوي، إن القرار لا يشمل القوة المشتركة، موضحًا أن هذه القوات تعمل وفقًا لما نصّت عليه اتفاقية جوبا لسلام السودان، والتي حددت آليات واضحة للتسريح وإعادة الدمج، لم تُنفذ حتى الآن.

ويرى البعض أن رفض الحركات المسلحة يمثل عقبة كبيرة أمام قائد القوات المسلحة، ويعقّد المشهد العسكري، ويضع القائد في مواجهة نقض الاتفاقيات القانونية التي تهزمها القرارات العسكرية غير المدروسة، ويجعل الاتفاقية تواجه مصير الوثيقة الدستورية بعد القرارات الانقلابية التي اعتدى فيها القائد على حكومة الثورة.

وقد ترى الحركات أن قراراته يجب أن تسبقها العودة إلى الاتفاقيات، فتحديثها أو إلغاؤها يجب أن يتم باتفاق الموقعين عليها، وهو الجدل والخلاف الذي يفتح الباب أمام مزيد من التعقيد.

ولكن..

وقبل قبول الحركات أو رفضها، وقبل أن يواجه القائد قراره بالتنفيذ بعيدًا عن النصوص أو العودة إلى خط الالتزام بها، هل أصدر الفريق البرهان قراراته لجمع القوات تحت مظلة القوات المسلحة، أم لدمجها في القوات المسلحة؟!

فالجنرال بكل ما يواجهه من اتهامات دولية؛ بسبب الحرب والانقلاب وقتل الثوار وفض اعتصام القيادة وغيرها من الجرائم، أصبح شخصية عسكرية غير مؤهلة لإصلاح المؤسسة العسكرية. لذلك تحدثنا في مقالات سابقة عن أن البرهان سيتولى مهمة “تهيئة وترتيب” الميدان العسكري فقط لفترة محددة، فموقعه العسكري وحده هو ما يجعل مهمة جمع القوات العسكرية تحت مظلة الجيش لصفته قائد الجيش.

لذلك تبقى مهمة الإصلاح هي مرحلة ثانية، وليست هذه التي يقوم بها البرهان حاليًا. فالخطة القادمة تبدأ بـ: (اتفاق وقف إطلاق النار في كافة بقاع السودان، وإدخال المساعدات الإنسانية، واستعادة الحكم المدني وإصلاح المؤسسة العسكرية، ودمج جميع القوات في القوات المسلحة).

ولكن، كيف يتم إنزال بنود الاتفاق على أرض الواقع في ظل ميدان تعمه الفوضى، وتسيطر عليه مجموعة من الجيوش؟!

عليه، فإن خطوات “الترتيب” التي يقوم بها البرهان لا تعني أنه صانع القرار في عملية الإصلاح ودمج القوات، فهذه بنود اتفاقية دولية تخضع فيها المؤسسة العسكرية وقواتها، والقوات المساندة والحركات المسلحة والدعم السريع لمعايير المؤسسات العسكرية الدولية فيما يتعلق ببرنامج الدمج والتسريح.

لذلك، فإن قرار قائد الجيش يعني به جمع كل القوات تحت مظلة الجيش، لكنه لا يملك صلاحية إصلاح المؤسسة العسكرية. فالولايات المتحدة الأمريكية صرّحت من قبل بأنها تحاول تطبيق التجربة الإفريقية لإصلاح المؤسسات العسكرية في السودان. وقتها سخرت الفلول من هذه التصريحات، وتحدثت عن أن القوات المسلحة خط أحمر، ولكن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في أكثر من خطاب، أكد أن المؤسسة ستخضع للإصلاح، حتى إن الاتفاق الإطاري الذي وافق عليه من قبل، وتدخلت الفلول بالحرب، نصّت بنوده على ضرورة إصلاح المؤسسة.

لذلك، فإن البرهان أكثر الناس علمًا بأن التجربة الإفريقية في طريقها للتنفيذ وفق اتفاق دولي سيوقع عليه قائد الجيش وقائد الدعم السريع. فخطة دمج القوات لا تستثني الحركات، فإن رفضت قانون الدمج، فسيشملها قانون التسريح.

ولهذا السبب لم يسمِّ البرهان الحركات، ولم يفسر قراراته، طالما أن تفاصيل الأمر لا تعنيه.

طيف أخير

المجلس الانقلابي يقرر: (نقل كل المقار الحكومية والوزارات من منطقة وسط الخرطوم إلى مواقع أخرى من العاصمة)

إفراغ الميدان.. التحضير للمسرح مستمر!!

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.