قرارات البرهان العسكرية… إصلاح أم تعزيز للحكم الفردي؟

صفاء الزين

في مشهد يعكس عمق الأزمة السودانية أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان تغييرات واسعة داخل الجيش وأصدر أوامر بضم المليشيات والقوات المساندة تحت سلطته المباشرة.

هذه القرارات قد تبدو من الخارج خطوة إصلاحية لكنها في جوهرها محاولة لإعادة ترتيب الولاءات وتثبيت حكم الفرد دون أن تمثل أي تحول حقيقي نحو بناء دولة مهنية أو مشروع وطني جامع.

الإقالات والتعيينات التي شملت قادة بارزين تكشف عن تصفية داخلية لمراكز القوى المحتملة داخل المؤسسة العسكرية.

كثير من الضباط الذين جرى التخلص منهم كانوا مقربين من الحركة الإسلامية وقد استخدمهم البرهان نفسه في فترات سابقة لكنه تخلص منهم بعد أن تحولوا إلى عبء على سلطته.

أما إخضاع القوات المساندة فهو محاولة لفرض السيطرة على مليشيات عملت بشكل شبه مستقل وأسهمت في الانفلات الأمني، ومع ذلك فإن رفض بعض الحركات المسلحة للقرار يوضح هشاشة هذه الخطوة ويفتح الباب أمام خلافات جديدة.

البرهان لا ينقلب على الإسلاميين بل ينتقي من يُضحى بهم ليظهر بمظهر القائد الحازم، بينما يواصل الاعتماد على آخرين منهم في معاركه ضد قوات الدعم السريع. هذه اللعبة المزدوجة تعكس براغماتية سلطوية هدفها تثبيت الحكم لا إنهاء نفوذ التيار المتشدد.

وما يزيد من وضوح الطابع المسرحي لهذه الخطوات ارتباطها بلقاء سري جرى في زيورخ مع مستشار أمريكي حيث أراد البرهان أن يقدم نفسه كقادر على كبح الإسلاميين وإدارة الملف العسكري بما يرضي واشنطن. غير أن تمسكه برفض أي مسار تفاوضي بعد اللقاء يؤكد أن ما جرى لم يكن سوى مناورة جديدة على الصعيد الدولي.

النتيجة أن ما يقدمه البرهان ليس إصلاحاً وإنما مسرحيات متكررة تؤجل الحل وتطيل عمر الحرب. السودان يحتاج إلى انتقال مدني حقيقي وإلى بناء مؤسسات جديدة أما هذه القرارات فلن تفعل سوى تكريس الأزمة وإطالة معاناة الشعب السوداني.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.