تسود حالة من الغضب والاستنكار الشديدين في أوساط عدد من سائقي الدراجات النارية، خاصة من فئة الشباب، وذلك على خلفية ما وصفوه بتشديد الإجراءات الأمنية وفرض غرامات مالية باهظة تصل إلى 3000 درهم على مخالفات تتعلق بحجم محرك الدراجة وسرعتها.
وفي شهادات لجريدة “العمق”، عبر مواطنون عن رفضهم التام لهذه الإجراءات، معتبرين أنها لا تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية لشريحة واسعة من المغاربة، حيث قال أحد المواطنين: “هذا القرار يضر بالكثير من أبناء الشعب الذين يعتمدون على دراجاتهم كمصدر رزق أو كوسيلة نقل أساسية للذهاب إلى العمل أو الدراسة”.
ويكمن جوهر المشكلة، حسب المتضررين، في التناقض الصارخ بين سماح الدولة للشركات باستيراد وبيع دراجات نارية بمحركات تتجاوز 49 سنتيمترا مكعبا (cc) مثل 110 و125، وبين ملاحقة المواطنين الذين يشترون هذه الدراجات بشكل قانوني.
وفي هذا الصدد، أوضح متحدث آخر قائلا: “المشكل ليس مع المواطن، بل بين الدولة والشركة. الشركة تبيع لك دراجة بشكل قانوني، ثم تأتي السلطات لتحجزها منك. يجب أن يتوجهوا إلى الشركات التي تستورد هذه السلعة ويفرضوا عليها قيودا، لا أن يعاقبوا المستهلك النهائي”.
كما انتقد السائقون قيمة الغرامة التي وصفوها بـ “الخيالية وغير المقبولة”، حيث أشار أحدهم: “من يستطيع دفع 3000 درهم؟ لو كانت غرامة معقولة مثل 150 أو 200 درهم لكان الأمر مقبولاً بهدف الردع، لكن هذا المبلغ يفوق قدرة معظمنا”. وأضاف آخر بسخرية: “لو كنت أملك 3000 درهم، لكنت استخدمتها في أمر أكثر أهمية لعائلتي بدلاً من دفعها كمخالفة”.
ولم تقتصر الشكاوى على الجانب المادي فقط، بل امتدت لتشمل طريقة تعامل بعض عناصر الأمن. وتحدث البعض عن شعورهم بـ “الحكرة” والازدراء أثناء عمليات المراقبة، مدعين أن التعامل يكون أحيانا عنيفا وغير لائق.
وبينما يتفق جميع المتحدثين على ضرورة احترام قانون السير وتجنب السرعة المفرطة حفاظا على السلامة العامة، يطالب هؤلاء المواطنون بمراجعة هذه الإجراءات، داعين إلى إيجاد حلول منطقية وواقعية تعالج المشكلة من جذورها، بدلاً من تحميل المواطن البسيط تبعات سياسات يعتبرونها غير متناسقة.
وشرعت السلطات الأمنية بمختلف المدن المغربية، خلال الأيام الأخيرة، في حملة أمنية واسعة لمراقبة سرعة الدراجات النارية، في خطوة ترمي إلى الحد من الحوادث المتزايدة التي تتسبب فيها هذه المركبات، خاصة تلك التي خضعت لتعديلات تقنية غير مرخصة.
وتأتي هذه العملية بتنسيق مع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا”، التي سبق أن حذّرت من الارتفاع المقلق في نسبة ضحايا الدراجات النارية، والتي باتت تمثل أكثر من 30% من إجمالي قتلى حوادث السير بالمغرب.
وتم خلال الحملة نصب عدد من الحواجز الأمنية في نقاط استراتيجية بمختلف المدن، حيث أسفرت عمليات التفتيش والمراقبة عن حجز مئات الدراجات التي ثبت عدم مطابقتها للمعايير القانونية، سواء من حيث السرعة أو التعديلات الميكانيكية غير المصرح بها.
وأفادت مصادر لجريدة “العمق” أن أغلب الدراجات المحجوزة كانت من الطرازات الصينية منخفضة التكلفة، والتي تم تعديلها بشكل غير قانوني لرفع سرعتها القصوى، ما جعلها تتجاوز الحد المسموح به قانونا (57 كلم/س)، مع ما يرافق ذلك من إزعاج صوتي ومخاطر تقنية.
وتعتمد الفرق الأمنية على أجهزة لقياس السرعة القصوى (Speedomètre)، إذ يطلب من السائق تشغيل الدراجة وتسريعها لأقصى درجة، ويتم فحص مدى مطابقتها. وإذا تجاوزت الدراجة 58 كلم/ساعة، تُصنّف على أنها غير قانونية ويتم إيداعها في المحجز، مع إشعار النيابة العامة التي تقرر بشأن مصيرها.
وفي حال عدم توفر الدراجة على وثائق المصادقة التقنية (RTI)، أو رفض صاحبها الالتزام بإعادتها إلى وضعها الأصلي، تنص القوانين على إمكانية مصادرتها نهائيا وفقا لأحكام القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير.
المصدر: العمق المغربي