صباح محمد الحسن
طيف أول:
تقفى أثر السلام، كلما شقّ الضوء طريقًا في العدم..ماذا يضيرك!!
واستمر قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان في قراراته العسكرية أمس، وقام بتعيين مفتش عام جديد للجيش، وقائد لكل من القوات الجوية ، الخدمات الطبية، والدفاع الجوي.
كما أصدر قرارًا بتشكيل رئاسة هيئة أركان جديدة للجيش برئاسة محمد عثمان الحسين، وعيّن اللواء عباس محمد بخيت نائبًا لمدير جهاز المخابرات، إلى جانب نائب المدير الفريق محمد عباس اللبيب.
ولا تزال أصداء القرارات السابقة والحالية حديث الساحة، وما زال الجدل قائمًا حول مدى تأثير هذه القرارات على المشهد السياسي في المستقبل القريب. والغوص في عمق مدلولاتها يؤكد أنها تصب في مصلحة تحقيق السلام، لا في استمرار الحرب، وفي إضعاف شوكة الإسلاميين لا تقويتها.
كما أن هذه القرارات لا تُفصّل الآن على قياس عسكري فقط بغرض استعادة عافية المؤسسة العسكرية، بل تكشف يوميًا عن صلتها بملامح الحل السياسي للأزمة السودانية، التي تحولت إلى كارثة إنسانية.
والبرهان وغيره من القيادات داخل المؤسسة العسكرية، بمختلف انتماءاتهم التنظيمية والوطنية، مهمتهم قيادة عملية الإصلاح “كمنفذين” من مواقعهم العسكرية، لا كمصلحين، طالما أنهم شركاء في عملية العطب التي أصابت المؤسسة!
وقد أكدت مصادر عسكرية بالأمس أن قرار البرهان، الذي شمل “الدفعة 40” التي تمثل عماد المؤسسة العسكرية في المعارك ، وتعطي أوامر التحرك والهجوم والانسحاب في مواقع القتال، وكان لها دور بارز في الحرب، وارتبط اسمها بعدد من الوقائع الميدانية الشهيرة.
وأضاف المصدر العسكري أن قرار جمع القوات هو ترتيب في صفوف المؤسسة العسكرية لحصرها داخل مظلتها، حتى يكون أمرها بيد القائد العام للقوات المسلحة.
وأوضح أن هذه القرارات عسكرية درجت عليها المؤسسة، لكنه لم ينفِ ارتباطها بزيارة البرهان إلى سويسرا، وقال إن المؤسسة العسكرية، لاترفض خطوة القائد في طريق الحل السياسي، وبلا شك أن القائد يجعل مصلحة الشعب والجيش في المقدمة.
وبعيدًا عن حديث المصدر، وقريبًا منه، فإن كل المؤشرات تكشف أن هذه القرارات تصب في عملية وضع حجر الأساس للسلام والإصلاح، والتي كانت بلا شك تحتاج إلى إبعاد القيادات الكيزانية من الرتب العليا. لأن طريق الإصلاح يتطلب اتخاذ كافة التدابير الأمنية والعسكرية، والجنرال ربما يعمل على حماية نفسه أولًا، ومن ثم حماية خطة التنفيذ، خاصة أن القرارات شملت قيادات تمثل رمزية التنظيم الإخواني في الجيش، وفي ميادين الحرب كـ”المدرعات”، واحالت اسماء يعتمد عليها التنظيم في إحكام قبضته داخل المؤسسة.
فليس من المنطق أن يبدأ البرهان خطواته نحو الحل ضد فكرة التنظيم الإخواني ومصالحه، ثم يأتي إلى بورتسودان ليبقى وسط القيادات الكيزانية دون أن يوفر لنفسه الحماية؛ لذلك أبعد المقربون للتنظيم منه ووضع اللواء بخيت نائبًا في جهاز الأمن تحسبا لأي تحركات انقلابية أو غيرها
وما يؤكد أيضًا أن القرارات “موجبة” هو سعي المؤسسة إلى توحيد “البندقية”، فبالأمس تم استدعاء المستنفرين، وحُصر سلاحهم، وتم تحجيم حركة السيارات العسكرية إلا بإذن تحرك من القيادة العسكرية .
فإعفاء قادة المعارك الميدانية قبل أن تضع الحرب أوزارها، وجمع السلاح، وطلب المستنفرين، وتعيين لواء نائبًا للجهاز، لا يعني صياغة سيناريو جديد للحرب، بل يؤكد بلا شك إعداد مساحة جغرافية خالية وآمنة لمرحلة جديدة، لذلك يضع قائد الجيش يده على القوات العسكرية، وينهي فوضى الميدان، منعاً لحدوث أي تفلتات قد تهزم الخطة.
طيف أخير:
قتل مواطن مدني على يد قوات الدعم السريع يؤكد استمرارها في جرائمها البشعة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ويكشف يوميًا أنها حرب ضد المواطن، لا غيره
ويتحدثون عن حكومة سلام!!
نقلاً عن صحيفة الجريدة
المصدر: صحيفة التغيير