تعيش مجموعة من أحياء جماعة تاكونيت وترناتة بإقليم زاكورة على وقع أزمة حادة في الماء الصالح للشرب، تزداد تفاقما كل صيف، وسط احتجاجات متكررة للساكنة على ما وصفوه بـ“الوعود الكاذبة” الصادرة عن المكتب الوطني للماء والكهرباء، مطالبين بحلول استعجالية وفورية لإرواء عطشهم.

وفي الاطار، كشف إسماعيل، وهو أحد سكان حي تلاث بتاكونيت، إلى أن عددا من الأحياء من بينها حي تلاث، حي الأمل، حي مولاي رشيد، حي النخيل، حي المسيرة، حي سيدي صالح، حي السلامة، حي ازغار، حي الكتاوة، وحي القصر الجديد، تعاني منذ سنوات من العطش ونقص حاد في الماء الصالح للشرب، إلى جانب رداءة هذا الماء بسبب ملوحته، مضيفا أن هذه الأزمة تتفاقم بشكل كبير خلال فصل الصيف.

وأوضح المتحدث أن حي القصر الجديد عرف تحسنا طفيفا في وضعه المائي، إلا أن باقي الأحياء لا تزال ترزح تحت وطأة العطش والانتظار الطويل لوصول الماء، منتقداً ما وصفه بـ“الغياب التام لحلول عملية وجدية من طرف الجهات المسؤولة”.

وأبرز إسماعيل أن عملية تزويد السكان بالماء تعرف فوضى وعدم انتظام، حيث يتم تزويد الأحياء ليوم واحد ثم ينقطع الماء لمدة يومين أو أكثر، رغم أن الظرفية الصيفية تقتضي تزويداً مستمراً نظراً لحاجة السكان المتزايدة لهذه المادة الحيوية.

وأشار المتحدث أن المطلب الرئيسي للساكنة هو توفير الماء لهذه المناطق بشكل عاجل، وإنهاء معاناتهم المستمرة خلال كل صيف، من خلال حلول آنية مثل ربط المنطقة بالماء القادم من سد أكدز، أو على الأقل تنظيم عملية توزيع الماء وفق أوقات وجدولة زمنية معقولة وواضحة.

وأضاف أن التدشينات الأخيرة لعدد من المنشآت المائية انطلاقا من سد أكدز، لم تنعكس على أرض الواقع، ولم تكن إلا بهرجة إعلامية، والدليل أن الساكنة لا تزال تعيش ويلات العطش وغياب هذه المادة الأساسية في الحياة اليومية لساكنة المنطقة.

وأبرز المصدر نفسه أن الوقفة الاحتجاجية التي نظمت نهاية الأسبوع المنصرم، جاءت لإيصال صوت الساكنة للمسؤولين، ونقل حجم المعاناة اليومية التي ترهق كاهل غالبية سكان جماعة تاكونيت، الذين باتوا يشعرون بالتهميش والإقصاء في حق من أبسط حقوقهم: الماء الصالح للشرب.

ودعا إسماعيل، نيابة عن ساكنة تاكونيت، المسؤولين عن قطاع الماء، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي، إلى تفقد هذه الأحياء ميدانيا، خصوصا القصر الجديد، للوقوف على معاناة السكان ومعاينتها عن قرب، بدل الاكتفاء بالوعود، مع وضع حل لمعاناتهم جراء هذا الوضع المتأزم.

من جهته، قال محمد لمين الأبيض، فاعل حقوقي بإقليم زاكورة، إن ما تعيشه منطقة تاكونيت خلال هذه الفترة يُعد مأساة حقيقية، خاصة مع تزامن الأزمة مع ذروة فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، مما يزيد من معاناة السكان، في ظل غياب حلول ملموسة ومستمرة من طرف الجهات المعنية.

وأوضح لمين الأبيض، في تصريح لجريدة “العمق”، أن مجموعة من دواوير جماعة تاكونيت، وعلى رأسها دوار “تلات”، معقل رئيس المجلس الإقليمي، تعاني بشكل كبير من شحّ الماء الصالح للشرب، حيث لا تصلها المياه إلا مرة كل 10 إلى 15 يوما، مما دفع بالسكان إلى الخروج للاحتجاج على الطريق الوطنية رقم 9، للتعبير عن غضبهم ورفضهم لاستمرار هذا الوضع المهين.

وتساءل المتحدث ذاته عن مآل الأموال العمومية التي صُرفت في مشاريع الآبار ومحطات التصفية بتاكونيت، والتي لم تحدث أي تغيير ملموس في واقع العطش الذي يخنق ساكنة المنطقة، معتبرا أن ما يحدث يطرح أكثر من علامة استفهام حول نجاعة هذه المشاريع، ومدى مراقبة وتقييم جدواها من طرف الجهات الوصية.

وأضاف الحقوقي ذاته أن الأزمة ليست محصورة في تاكونيت فقط، بل طالت أيضا جماعة ترناتة، حيث خرجت ساكنة قصر “تيگيت شعوف”، وكذلك حي “أولاد جلال”، و“تسركات”، و“قصر السرادنة”، احتجاجا على حرمانهم من الاستفادة من مياه سد المنصور الذهبي، مشددا على أن هذه التحركات الشعبية ليست سوى نتيجة طبيعية لاستفحال التهميش وغياب العدالة المائية.

ودعا لمين الأبيض إلى ضرورة تفعيل التوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على أولوية الأمن المائي، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الاستغلال العشوائي للمياه الجوفية، خصوصا عبر الآبار غير المرخصة التي تشتغل بالطاقة الشمسية ليلا ونهارا، في غياب أي مراقبة أو محاسبة.

كما طالب بتطبيق قرارات تقنين زراعة الدلاح بشكل صارم، ومحاسبة كل من يخرق هذا القرار أو يساهم في الالتفاف عليه، سواء من داخل الإدارة أو من أصحاب الضيعات الكبرى، داعيا إلى وقف هذا العبث بثروات مائية محدودة تعتبر شريان الحياة بالنسبة لساكنة الإقليم.

وتعليقا على الموضوع، قال أحمد أوحكا، رئيس جماعة تاكونيت، إن سنوات الجفاف المتتالية أثرت على الفرشة المائية بالمنطقة، مؤكدا أن مشكل الإنقطاعات تم تجاوزه مبدئيا خلال الأيام القليلة الماضية.

وأشار أوحكا في تصريح لجريدة “العمق”، أن هناك حلا مؤقتا، عبر الإعتماد على إحدى الٱبار المتواجدة بالجماعة، وذلك قبل الربط النهائي مع المشروع الذي تم إعطاه الإنطلاقة الرسمية لبدء أشغاله، والذي يشمل ثلاثة جماعات وهي كتاوة تاكونيت وإمحاميد الغزلان.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن موجات الجفاف التي تجتاح المنطقة وما يصاحبها من إنعدام للتساقطات المطرية، تستدعي تدخلا عاجلا، عبر بناء السدود التلية، من أجل تجميع مياه السيول الطوفانية التي تعرفها جماعة تاكونيت من حين لآخر.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.